حقوق المعوقين/ات قضية مواطنة تتطلب التزاماً رسمياً حقيقياً وتضافر الجهود المدنية

لا يزال ذوو الاحتياجات الخاصة في لبنان يعانون/ين من التهميش وعدم الاندماج الاجتماعي، وذلك على الرغم من كل التحركات المطلبية التي انطلقت بعد انتهاء حرب لبنان في العام 1990. والاكيد ان استمرار هذا الواقع المتردي، مرتبط بشكل اساسي بغياب مقاربة حكومية جدية، تتعلق بحقوق المواطن/ة بشكل عام، وذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص، علما ان الضعف في الالتزام الرسمي، ادى الى قصور في الخدمات والبرامج التي تستهدف تلك الشريحة من المواطنين/ات، والتي تقتصر على تقديمات بسيطة تمنحهم/ن اياها المؤسسات الاجتماعية ذات الطابع الطائفي بشكل اساسي. لكن لا بد الشارة ايضا الى ان استمرار هذا الوضع، يعود في جزء منه الى حالة الانقسام التي تعانيها المنظمات المدافعة عن حقوق المعوقين/ات.

لقد شهد العام 2000، اقرار القانون 220 الخاص بحقوق المعوقين/ات، والرامي الى تمكينهم/ن من الاندماج الكامل والمشاركة الفاعلة في المجتمع، مسجلا سابقة على صعيد التزام الدولة بحقوق مواطنيها. كذلك تم ادراج حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في بيانين وزاريين، الحكومة المستقيلة الحالية والحكومة السابقة، كما وعد الرئيس ميقاتي، ان تكون السنة الماضية سنة تطبيق حقوق الاشخاص المعوقين. ومن الامور الاساسية العملية التي قامت بها الجهات الرسمية منذ ذلك الحين، اصدار ”بطاقة المعوق“، التي تخول حامليها التمتع بامتيازات عديدة، صحية، وظيفية، سكنية، ضريبية، حياتية وتعليمية. لكن كل تلك الوعود التي اغدقت على ذوي الاحتياجات الخاصة، في الاونة الاخيرة، بقيت حبراً على ورق، مقتصرة في معظمها على تنظيم الورشات والندوات، تشكيل لجان لدارسة الجوانب المختلفة من الموضوع ووضع خطط ومشاريع لم تجد طريقها الى التنفيذ حتى الان.

اما على صعيد الخدمات الفعلية التي من المفترض ان تنهض باوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة، وترفع من مستوى ادماجهم/ن الاجتماعي ومشاركتهم/ن الاقتصادية، فبقيت بعيدة جداً عن الحد الادنى المطلوب وعن تحقيق الامال التي عقدت على قانون 220، ويمكن اختصارها بسلة متواضعة من الخدمات منها الصحية، التعليمية والتأهيلية، مع الاشارة الى المبادرات الرائدة في التواصل مع القطاع الخاص لخلق فرص للاستخدام.
لم يكن القليل الذي تحقق حتى الان ليحصل لولا النضال الذي قامت به منظمات المعوقين/ات على ممر العقدين الماضيين. لكن للاسف اتسم هذا النضال بانقسامات وتشرذم وتنافس، انعكس على وحدة الصف على الصعيد الوطني، ومؤخراً على مستوى العلاقات والدعم من مجموعات دولية شريكة. وهنا نخص بالذكر الخلاف الذي طفا على السطح مؤخراً بين اتحاد المقعدين اللبنانيين واتحاد جمعيات المعاقين اللبنانيين، والذي نشير اليه داخل هذا العدد.

وفي الختام، ان قضية حقوقية مطلبية محقة مثل دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع، تستلزم اوسع قدر من التضامن ما بين المعوقين/ات وبين افراد المجتمع الواحد بكل مكوناته، كما تتطلب ايجاد رابط متين مع قضايا المواطنة والحقوق الاخرى، وكل ذلك بهدف احداث تغيير فعلي في ذهنية مقاربة الدولة لقضايا وشؤون المواطن/ة.