العنف في الجامعات سببه هيمنة تفرضها الأكثرية وتمنع الحوار فتح المسارات الطالبية طريق للحلّ وقرارات تمنع التسييس

Thursday, 23 January 2014 - 10:38am
العنف لم يحيّد أحرام فروع عديدة من الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة وان كانت أشكاله مختلفة عن الخارج، لكن نمطه مقلق وتزامن مع لغة "تحاور"خاصة بين الطلاب. وترجم ذلك بضرب بالأيدي وإطلاق الشتائم تحت ذريعة الدفاع عن "مجتمع ما فوق كل إعتبار" أو "إيديولوجيا عقائدية متقوقعة على نفسها، وعلى أهلها...".

تتوجه الأنظار إلى دور مختلفة ومسؤول لإدارات المؤسسات الجامعية ووزارة التعليم العالي لتعميم تجربة أو تجارب عدة لبرامج تعزز إحترام الآخر وقبول الإختلاف بلا خلاف. ولتقويم هذا الواقع ومرتجاه، كان لـ"النهار" لقاء مع كل من عالم الإجتماع الدكتور ملحم شاوول وأستاذة علم النفس الدكتورة منى فياض للإحاطة بالطروحات الممكنة داخل أسوار الجامعات لتفادي العنف "الأعظم" عند جيلنا الجامعي.
وبالنسبة الى شاوول، إن "إعداد المواطن الذي يدرك هذه القيم الإنسانية أي رفض ثقافة العنف، قبول الآخر، التمسك بقيم المواطنة وغيرها يدخل ضمن برامج المدرسة".
وحدد رؤيته لدور الطلاب الجامعيين قائلاً: "على الجامعة ألا تعوق المسارات الطالبية الهادفة إلى ربط مشكلات المجتمع بالحياة الجامعية". وقال: "تضع الجامعة إطاراً ديموقراطياً للنقاش، ويؤدي إلى بناء علاقات جامعية سليمة من خلال الطلاب. ويمكن أن يدور هذا النقاش عن المشكلات التي يعانيها مجتمعنا وهذا قد يكون ضمن مهمات الطلاب وهيئاتهم وممثليهم".

بين الأخذ والرد...
ركز شاوول على دور الهيئات الطالبية في لبنان، والتي يجب أن "تتملك وعياً كافياً لحماية الطلاب، وأن توفر مساحة نقاش وتفاعل بين الجميع". وعما إذا كان على الإدارات أن تعزز برامج وطنية داخل حرمها قال: "لا تدخل البرامج الوطنية ضمن مهمات الإدارات بل تصب في مسؤولية الوزارات المعنية بالتعليم العالي". وبالنسبة إليه، على الجامعات أن تبذل جهوداً في تعزيز الحياة الديموقراطية وأن تتمكن من تشجيع النقاش في أحرامها".
وبرأيه، المطلوب من "الجسم الطالبي أن يجد الأطر الكفيلة لتزيد وعيه وعلاقته بالمجتمع". وقال: "على الجسم الطالبي أن يعد برنامجاً للنقاش وذلك يترجم من خلال الدعوة للمشاركة في سلسلة محاضرات ومشاريع تعلم النقاش." ولم يغفل شاوول دور نشرات الهيئات الطالبية التي تناقش أموراً عدة كما الحال في نشرة "أوتلوك" الصادرة عن الهيئة الطالبية في الجامعة الأميركية أو نشرة أخرى يمكن من خلالها أن يكتب فيها الطالب ما يريده". وعما إذا كانت مواقع التواصل الإجتماعي هي بديل عن هذه النشرات أجاب: "هي ليست بديلاً عن هذه النشرات التي توزع داخل الحرم أو في قاعة المحاضرات ويجد جواً من النقاش المهم جداً".
من جهة أخرى، رأى أنه "من المهم أن تنظم برامج تفاعلية بين الجامعة ومحيطها أي بين الجامعة والبلدية من خلال مشاركة في نشاط أو محاضرة". وقال: "هذه المشاركة تخفف من حدة الإحتقان القائم في الشارع".
لذلك إقترح شاوول أن "تؤسس الجامعة دائرة خاصة لهذه النشاطات والبرامج التفاعلية الداعمة لمبادرات مدنية سلمية، وهذا ما ترجم أخيراً في مبادرات سلمية لمجموعات شبابية وجامعية ومدنية للمطالبة بإنقاذ مدينة طرابلس".
من جهتها، إعتبرت فياض أن "إعداد الطالب لقبول الآخر ومناهضة العنف يندرج ضمن مهمات المدرسة". وفي العودة إلى النزاعات الجامعية ، أشارت فياض إلى أنه "يجب أن تمنع الشعارات داخل الجامعات لأنها سبب النزاعات بين الطلاب". دعت إلى "التواصل بين الطلاب والحوار في ما بينهم على قاعدة التحدث مع الآخر ضمن مفهوم الإعتراف بمشكلته وآلامه والإستعداد لمناقشته".
وعما إذا كان هذا الطرح قابلاً للتنفيذ أجابت: "أرى ذلك صعباً جداً لأن البلد منقسم مذهبياً وجغرافياً ، ويميل كل طالب الى وضع "الفيتو" على الآخر". قالت: "تفرض الأغلبية في الكلية هيمنتها وشعاراتها وهذا ما يمنع الحوار . تشعر هذه المجموعة المسيطرة بالقوة وتترجم ذلك بتصرفات مذهبية تجاه الآخر وتصدر عليه حكم "الفيتو" في محاولة لرفضه كلياً."
وتوقفت عند مثال قائم في الجامعة اللبنانية حيث ترجم ذلك "من خلال رفض طلاب الماستر إقتراح جمعهم في حرم واحد ومشروع ضبط برامج موحدة لهم". وقالت: "رفض الطلاب ذلك لأنهم سيتوجهون إلى منطقة ليست منطقتهم. هذا أيضاً ينطبق على الأساتذة الذين لم يبدوا ترحيباً أيضاً في تطبيق هذا المشروع للسبب ذاته الذي عبر عنه الطلاب...".
وتوقفت فياض عند ما حصل في اليسوعية أخيراً مشيرة إلى "أنها تحولت إلى مكان توتر لإستعمال القوة ومنع رأي الآخر". وعددت جملة إقتراحات لإدارات الجامعات تتمثل في إتخاذ قرارات حاسمة تمنع الشعارات المسيسة والسياسية داخل الحرم وحظر إستعمال القوة بين الطلاب". لكنها حذرت من "لفلفة" الأمور أو حتى لجوئها إلى تقديم تنازلات خاصة تمهد إلى توتر يترجم بعنف كلامي، وعنف معنوي وعنف جسدي أو ما شابه".
ختاماً، رأت أنه من الممكن "تنظيم لقاءات لتبادل الطلاب والأساتذة من خلال خطة تربوية تتعاون فيها وزارات عدة، هي وزارة الصحة، العمل، التربية والرياضة والشباب تفعل الإصغاء للآخر وهذا يتم من خلال نشاطات رياضية وترفيهية واجتماعية بين الجانبين".

لبنان
ACGEN
النهار
تربية وتعليم