"معركة" المعوّقين اللبنانيين لا تزال في بدايتها

Thursday, 24 April 2014 - 10:15am
كيف يمكن وصف وضع المعوّقين في لبنان اليوم؟ تماماً كما 14 عاماً خلت قبل أن يصدر القانون الرقم 220/2000 عن المجلس النيابي بهدف حمايتهم وتأمين الحقوق البديهية لهم. فالقانون الذي اعتُبر من أكثر القوانين تقدّماً في المنطقة العربية، اصطدم بواقع أليم، قائم على التمييز وتهميش ذوي الحاجات الخاصة على رغم أنّهم أحياناً كثيرة أفضل مهارة وكفاءة من أشخاص لا يعانون من إعاقة.

ومعركة المعوّقين لم تنتهِ في لبنان بعد 14 عاماً، لا بل هي في بدايتها، فكلّ حقّ مهما كان صغيراً في نظر المجتمع يتطلّب معركة وضغطاً على المجتمع والمسؤولين لكي يُصبح واقعاً. لكن الأكيد في المقابل أنّ المعوقين اليوم أقوى من السنوات الماضية، أقلّه من الناحية المعنوية، فقد أصبحت هناك منظّمات ذات أبعاد عربية ودولية مخصّصة لحمايتهم، ومرصد خاص لمتابعة حقوقهم وإمكانات تحصيلها، أطلقه قبل نحو سنتين اتحاد المقعدين اللبنانيين بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية، وجمعية "دياكونيا" والمفكّرة القانونية وشبكة الدمج.

أمّا إذا نظرنا في المقابل إلى دور الدولة في مساعدة المعوّقين، فلا تزال فعاليتها محدودة على رغم دعمها المبادرات المدنية، إلا أنّ الممارسات الفعلية خصوصاً في ما يتعلّق بتوظيف المعوّقين في الإدارات الرسمية لا تزال منقوصة.

لا سكوت عن الانتهاكات
يكفي الاطّلاع على البلاغات التي يرسلها المعوّقون من أنحاء لبنان الى مرصد حقوق المعوّقين، لاكتشاف المظلومية التي يتعرّضون لها في جوانب عدة في حياتهم. فهناك مشاكل ترتبط أولاً بالحصول على بطاقة الإعاقة، كما هناك شكاوى على صعيد التقديمات الاجتماعية والحقّ في العمل، من دون أن نتجاهل مشاكل أخرى مرتبطة بمواقف السيارات والتنقّل ورخص السوق والبيئة المحيطة غير المؤهلة لتحرّكات المعوّقين. وتؤكد مديرة البرامج في اتحاد المقعدين اللبنانيين سيلفانا اللقيس في حديثها إلى "الحياة" أنّ هذه البلاغات تتمّ ملاحقتها من جانب المرصد لتشييع ثقافة المحاسبة وعدم السكوت عن انتهاكات حقوق المعوّقين. واستطاع المرصد خلال فترة وجيزة أن يعزّز نظام الشكاوى بدل أن ينزوي المعوّق في منزله ويسكت عن حقّه. وفي المخالفات الكبرى لا يتردّد المرصد في بلوغ حدّ الدعوات القضائية، كما يسمح للشخص المعوّق بأن يعرف حقوقه أكثر لكي يطالب بها ولا يسكت عن انتهاكها.

العمل... المشكلة الأكبر
أكثر ما يزعج المعوّقين في لبنان هو موضوع العمل، فهناك ثقافة اجتماعية تقول بإقصائهم عن الوظائف سواء في القطاع الرسمي أو الخاص. وفي هذا السياق، تذكر مديرة جمعية الهيموفيليا في لبنان صولانج صقر، أنّ مرضى الهيموفيليا (سيولة الدمّ) هم أيضاً من ذوي الحاجات الخاصة ويجب أخذهم في الاعتبار لاضطرارهم الى التغيّب عن العمل أحياناً كثيرة بسبب النزيف المتواصل والتعب. لكنّ ردّ فعل المديرين يكون غالباً الطرد بسبب عدم تفهّم الظروف التي يمرّ بها الموظّف، وليس هناك أي إجراءات تتّخذ بحقّ أرباب العمل الذين يتصرّفون بهذه الطريقة مع الاشخاص ذوي الحاجات الخاصة.

وهنا صرخة عالية يطلقها المعوّقون، بما أنّ القانون 2000/220 قد ضمـن لهم الحقّ بالعمل، لكن الدراسات الخاصة بائتلاف جمعيات الإعاقة تظهر أنّ نسبة البطالة بين المعوّقين وصلت إلى 83 في المئة، ما يُعتبر مؤشراً خطيراً الى التهميش الكبير الذي يعيشه ذوو الحاجات الخاصة في لبنان.

وقد أصدر المحامي نزار صاغية تقريراً أوضح فيه الانتهاكات التي تحدث اليوم للقانون الصادر منذ 14 عاماً، وذلك ضمن أعمال مرصد حقوق المعوّقين، خصوصاً في ما يتعلّق بالعمل. ووفق التقرير، لم تدعم الدولة دمج الأشخاص المعوّقين في أماكن العمل، لكنّها قدّمت دعماً مالياً مستمراً لمؤسسات من أجل رعاية هؤلاء على نفقة وزارة الشؤون الاجتماعية، ما يشجّع على عزلهم ويقلّص فرص دمجهم. ويشير صاغية إلى نماذج لهذا العزل، منها أنّ مجلس الخدمة المدنية رفض لسنوات أي طلب مقدّم من شخص معوّق للعمل في إدارة رسمية بحجّة أنّ لا مرسوم تطبيقياً للمادتين 73 و74 من قانون 220، اللتين تنصّان على حقّ المعوّق في العمل سواء في المؤسسات الخاصة أو الرسمية. غير أنّه منذ العام 2010 بدأ المجلس يقبل طلبات العمل بعدما نصّت على ذلك اقتراحات لجنة تفعيل حقوق المعوّقين، ولم تعد هناك حاجة للمرسوم التطبيقي، ما يعني أنّ هناك عدداً كبيراً من المعوّقين حُرم من الوظيفة العامة لحجّة يصفها التقرير بـ"المبتذلة".

وفي القطاع الخاص أيضاً، مشاكل كثيرة مرتبطة بعمل المعوّقين، إذ إنّ الدولة لا تزال "متلكئة" عن تحصيل مبالغ من أرباب العمل الذين يخالفون توظيف عدد معيّن من الأشخاص المعوّقين كما تنصّ المادة 74، وبالتالي عن تسديد تعويض بطالة للعاطلين من العمل منهم. وبما أنّ لا ثقافة دمج حقيقية في المجتمع اللبناني، فالدولة تحتاج أن تكون صارمة أكثر في هذا الشأن كي تؤمّن للمواطنين حقوقهم الأساسية والبديهية سواء في المؤسسات الرسمية أو الخاصة، فالبطالة بين المعوّقين سبق وتجاوزت الخطوط الحمر كلها... فما نفع القانون حين يعرقل من الجهة التي شرّعته؟

لبنان
ACGEN
الحياة
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة