إدارة الجامعة الأميركية تهدّد نائبة رئيس الحكومة الطلابية

Wednesday, 9 April 2014 - 12:33pm

تخلت إدارة الجامعة الأميركية أمس عن جميع قيم الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير التي تدّعي حملها، ولجأت إلى الترهيب والابتزاز بحق طلاب الجامعة، وتحديداً ممثليهم في الحكومة الطلابية، ولا سيما نائبة رئيس الحكومة جنان أبي رميا؛ إذ خيّرها أحد الأساتذة خلال اجتماع الحكومة الطلابية البارحة بين الاستقالة من منصبها، أو إعطائها «إنذار العميد» الذي قد يدمر مسيرتها الأكاديمية!

خلال الأسبوع الفائت، حاولت إدارة الجامعة أن تتحايل على الطلاب ليوقفوا اعتصامهم المفتوح، لكن المنتفضين تداركوا الأمر وأصدروا بياناً شرحوا عبره وقائع «الخديعة» التي مارسها رئيس الجامعة بيتر دورمان بالتعاون مع عميد الطلاب طلال نظام الدين. وتعهد الطلاب التصعيد خلال اليومين المقبلين، وعدم «إمرار» ما حصل دون أي ردّ.
تدخُّل الأساتذة في عمل الحكومة الطلابية عبر ترهيب نائبة الحكومة الطلابية (أعلى منصب طلابي في الجامعة) وتهديدها، هو سابقة في تاريخ الجامعة الأميركية، والمبرر الذي أعطاه بلال قعفراني، الأستاذ الذي طالب أبي رميا بتقديم استقالتها خلال أسبوع في حد أقصى، وإلا فسيوُجَّه إليها إنذار مباشر من العميد، أن الأخيرة بعثت برسالة (باسم الحكومة الطلابية) إلى عدد من أعضاء مجلس الأمناء تشرح عبرها مطالب الحراك الطلابي، الذي تبنته سابقاً الحكومة الطلابية. ورأى قعفراني أن أبي رميا خرقت قوانين الجامعة، وتستحق بذلك إنذاراً يدوّن على سجلها الأكاديمي ويجعلها تخسر منصبها نائبةً للرئيس، إضافة إلى جميع المنح الدراسية أو المساعدات المالية التي حصلت عليها بالسابق، أي إن الإنذار هو بمثابة تدمير لمسيرة أي طالب في الجامعة.
الرسالة التي بعثت بها أبي رميا (بحكم صلاحيتها ممثلةً للطلاب) قبل يوم من اجتماع مجلس الأمناء، كانت السبيل الوحيد لإيصال صوت الطلاب مباشرة إلى المجلس، لكنّ عدداً من الأساتذة الأعضاء في الحكومة الطلابية أعربوا عن انزعاجهم من عدم «استشارتهم»، وطلبوا منها أن ترسل توضيحاً يفيد بأن ما أُرسل هو باسم الطلاب داخل الحكومة الطلابية، وليس الحكومة بحد ذاتها؛ لكونها تحوي أيضاً أسماء 7 أساتذة من كليات مختلفة.
رغم إرسال أبي رميا رسالتين، الأولى تحتوي على اعتذار رسمي موجَّه إلى الأساتذة، مع توضيح أسباب إرسالها، والثانية تحتوي على التوضيح الذي طلبه الأساتذة لحل المشكلة، لكن كل ذلك لم يمنعهم من طرح المسألة البارحة كنقطة أولى ورئيسية على جدول أعمال الحكومة الطلابية، وقد تعرضت أبي رميا، بحسب أحد الطلاب الحاضرين للاجتماع، لهجوم شخصي ومستغرب وغير مهني تخللته إهانات شخصية من قبل بلال قعفراني، الذي شكك بمهنيتها وقدراتها، ورأى أنها «قدوة سيئة» لغيرها من الطلاب. وعندما طلب قعفراني من أبي رميا الاستقالة، أجابت بأنها مستعدة لطرح استقالتها على الطلاب، وهم من يقررون، إلا أنه رفض رفضاً قاطعاً هذا الطرح، وأعطاها مهلة أسبوع فقط، إما أن تقدم استقالتها، وإما أن تحصل على «إنذار العميد deans warning».
كذلك لم يسلم باقي الأعضاء من قمع حريتهم في التعبير، فلم يسمح لأي من الطلاب الحاضرين، بحسب ما قالوا لـ«الأخبار»، بأن يعبّروا عن رأيهم أو يعلقوا على هذه المسألة، وتحدثوا عن «قلة احترام» عاملهم بها عدد من الأساتذة الحاضرين.
أُعطيت أبي رميا مهلة أسبوع لتقديم استقالتها أو تدمير مسيرتها الأكاديمية
رفضت أبي رميا التعليق على هذه القضية، وعلمت «الأخبار» أن القضية قد حوّلت إلى عميد الطلاب الذي فتح تحقيقاً إثر ذلك، وهو ما عدّه الطلاب محاولة جديدة لضرب الحراك الطلابي، وخصوصاً أن أبي رميا تشكّل رأس الحربة في معركة رفض الزيادة على الأقساط والسعي إلى إشراك الطلاب في القرارات الأساسية، وقد سبق لها وللحكومة الطلابية أن رفضتا الخضوع للضغوط الممارسة من قبل الإدارة عليهم. وليست المرة الأولى التي يتدخل فيها الأساتذة في عمل الطلاب، لكن سابقاً كان دور الأساتذة «التنظير» على الطلاب، إلا أنهم اليوم أصبحوا يمارسون الإرهاب بحق الطلاب.
ردود الفعل توالت سريعاً بين الطلاب، وخصوصاً بعدما نشر النادي العلماني بياناً قال فيه إنه «رغم تعاطي نائبة رئيس الحكومة الطلابية بشكل مؤسساتي ومهني مع الموضوع، إلا أننا نجد أنفسنا مضطرين بصفتنا طلاباً وكنادٍ علماني في الجامعة إلى الإعلان أنّ من غير المقبول والمسموح تهديد المستقبل الأكاديمي لأي طالب، تحت أي ظرف، ولأسباب إجرائية تتعلق بالعمل النقابي والمطلبي...». وأضاف بيان النادي العلماني أن ما حصل هو سابقة تهدد الممارسة الديموقراطية في الجامعة، وتمثل ابتزازاً موصوفاً لممثلي الطلاب المنتخبين ديموقراطياً. الجدير بالذكر أن أبي رميا هي مرشحة النادي العلماني الفائزة في الانتخابات الطلابية، وتهديدها بهذه الطريقة يمثّل تهديداً لحرية التعبير لأي طالب في الجامعة الأميركية، ويسأل الطلاب: ألم يكن الأجدر بالأساتذة المعترضين، ومن خلفهم الإدارة، متابعة ما يسرّب في الصحف عن الهدر والفساد عوضاً عن التلهي بهذا الابتزاز؟ ولمّح الطلاب إلى شبكة من المصالح التي تحكم الجامعة الأميركية.
مصادر من إدارة الجامعة قالت إن بلال قعفراني الذي مارس الترهيب على أبي رميا مقرّب من حسان دياب الذي عيّن مؤقتاً بدل جورج ديبين، وفي الوقت عينه هو مقرب من نائب الرئيس للشؤون الطبية محمد صايغ. واللافت أن الحملة التي بدأها قعفراني بحق الطلاب وممثليهم تأتي بالتزامن مع الحملة التي يطلقها الطلاب ضد مستشفى الجامعة لوقف الهدر والفساد داخله.
هذه الخطوة سبقتها خطوة أخرى حاول دورمان خداع الطلاب من خلالها. فالاتفاق السابق بين الطلاب وعميد الطلاب أتى بعد تدخل عميد الجامعة العائد عن استقالته أحمد دلال، الذي أقنع الطلاب بفضّ الاعتصام مقابل العمل على ميزانية جديدة للجامعة. إلا أن دورمان لم يذكر أياً من هذه التفاصيل المتفق عليها في رسالته الأخيرة التي وجهها إلى الطلاب، مكتفياً بتهنئتهم على حراكهم السلمي وتعبيرهم عن رأيهم بحرية. وأصدر الطلاب بياناً أوضحوا عبره ملابسات الخديعة التي تعرضوا لها، وأعلنوا التصعيد مجدداً، مشيرين إلى أنه لا بديل من التحرك حتى تستجيب الإدارة للمطالب وتسمع الطلاب «بصدق». وأضاف البيان أن المطالب قد وصلت إلى العلن، والرسالة لا تزال هي نفسها، «سواء اختارت إدارة دورمان السماع لنا أو لا». وتوجه الطلاب إلى مجلس الأمناء بالقول إن «على إدارة دورمان أن تعلم أن طلاب هذه المؤسسة لن يمرّروا ذلك أو يتخلّوا عن المبادئ بهذه السهولة»، داعين إلى وحدة الصف، على أن يبدأ تحرك الطلاب مجدداً خلال اليومين المقبلين دعماً لنائبة رئيس الحكومة الطلابية، واستكمالاً لتحركاتهم حتى ينالوا مطالبهم.

لبنان
ACGEN
الأخبار
تربية وتعليم