المدارس الخاصة شمالاً: العجز عن تسديد الأقساط 40 في المئة

Friday, 13 June 2014 - 12:00am

تتفاوت نسبة التزام الأهالي بتسديد أقساط أولادهم بين مدرسة خاصة وأخرى، وبين منطقة وأخرى شمالاً، وسط تأكيد بعض إدارات تلك المدارس الارتفاع الملحوظ في منسوب العجز لدى الأهالي مقارنة بالعام الماضي بنسبة 40 في المئة إجمالاً. وتجبر الأوضاع الاقتصادية المتردية الكثير من أولياء الأمور على تأجيل تسديد باقي الأقساط إلى العام المقبل، فضلا عن التريث في تسجيل أولادهم مع ما يترتب على ذلك من أعباء إضافية على الأهالي والمدارس في آن.
وإذا كانت تلك المدارس قد نفت قيامها بأي إجراء إداري بحق الطلاب الذين لم يسددوا بقية أقساط العام الماضي، إلا أنها أعربت عن عدم قدرتها على تحمل أي تأجيل إضافي يراكم المبالغ المتوجبة من عام الى آخر.
في طرابلس، تشير إدارة بعض المدارس الخاصة إلى أن نسبة الطلاب الذين لم يسدّدوا الأقساط ازدادت، لكنها لم تكن تشكل العجز الكبير بالنسبة لها، إلا أن عدم تسديد الأهالي تلك المتأخرات الموجودة من أعوام سابقة، وإضافة مبالغ أخرى مستحقة هذا العام، من شأنه أن يترك أثرا سلبيا، وهو ما كان قد حمل بعض تلك الإدارات على تحذير الأهالي بوجوب تسديد كل المبالغ المترتبة، خصوصا بالنسبة لطلاب الشهادات الرسمية تحت طائلة عدم إعطاء طلب الترشيح.
ويرفض معظم تلك الإدارات التصريح علناً احتراماً لأهالي طلابها، ولكن منها من أكد أن استمرار الوضع على حاله واحتمال حصول زيادات على الأقساط العام المقبل سيضطرها مجبرة إلى عدم مراعاة العلاقة بينها وبين طلابها، كما أن الوضع الاقتصادي الضاغط في طرابلس بسبب الظروف الأمنية التي شهدتها، سيدفعها الى اعتماد أساليب صارمة بحق كل متأخر عن الدفع أو عن تسديد ما هو متراكم عليه من العام السابق وأعوام ماضية.
لكن من بين تلك المدارس ما لا يزال يعتمد على سياسة إغلاق الأقساط قبل موعد زمني من انتهاء العام الدراسي، من دون الأخذ بعين الاعتبار مسلّمات مدارس أخرى، مستندا في ذلك إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية المريحة لذوي الطلاب فيها. وتلفت إدارة إحدى المدارس إلى أن العديد من المدارس الخاصة العريقة في المدينة كانت قد انتقلت إلى خارجها ومنها من سينتقل، مشيرة إلى أن السبب مرده إلى الوضع الأمني من جهة والى رغبة تلك المدارس في استقبال طلاب جدد من خارج المدينة، ما يساعدها على الاستمرار، خصوصا أن معظم طلاب المدارس الخاصة في طرابلس هم من أهل المدينة والمطلوب بالنسبة لتلك المدارس إدخال شرائح أخرى تكون قادرة على تحمل النفقات المالية وإحداث ذلك المزيج في تنوع الطلاب.
في البترون، لا تزال المدارس تشهد تدفقاً للطلاب والأعداد تتصاعد. إلا أن انعكاسات الأوضاع المعيشية باتت واضحة المعالم، ونتائج الأزمة تطال كما الأهل كذلك المدارس، ويُسجل ارتفاع ملحوظ بنسب العجز في الموازنات نتيجة عدم تسديد الأقساط. فالصرخة هي نفسها لدى كل الإدارات في المدارس الخاصة التي باتت تقع بين نارين: الأولى المصاريف المترتبة عليها تجاه المعلمين، الذين حصلوا على غلاء المعيشة رغم عدم إقرارها، والثانية عدم التزام نسبة كبيرة من الأهالي بتسديد الأقساط المدرسية لهذا العام بالإضافة الى تراكمات السنوات السابقة. في "ثانوية مار الياس لراهبات العائلة المقدسة المارونيات"، المعاناة نفسها، "فأسعار السلع ارتفعت ارتفاعا ملحوظا قبل أن تدفع الزيادات على الرواتب، ما انعكس سلبا على كلفة المعيشة وكل الأمور المرتبطة بها من رسوم وكلفة تعليم وطبابة وغيرها. المدرسة الخاصة اليوم مهددة بالخطر نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية وعدم التزام نسبة تتراوح بين 20 في المئة من الأهالي بتسديد الأقساط المتوجبة عليهم. وهذا الوضع يضطرنا لتقديم المساعدات والحسومات المقبولة بحيث بلغت الحسومات لهذا العام 20 في المئة من الموازنة الأصلية للمدرسة".
في الكورة، تعاني الأقسام المالية في جميع المدارس الخاصة من عدم تسديد الأهالي أقساط أبنائهم، وقد تخطت النسبة الخمسين في المئة، في حين أنها لم تكن تتجاوز الثلاثين في المئة العام الفائت على حد تأكيد معظم الإدارات. ويعود السبب في ذلك الى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتراجع المداخيل مع توزيعها على أقساط شهرية لقاء مشتريات متنوعة أساسية. ويؤكد مدير "ليسيه سان بيار" في أميون الأب نقولا مالك أن "90 في المئة من الأهالي لا يتهربون من دفع الأقساط، لكنّ الأقساط التي يدفعونها لقاء القروض المصرفية تجعلهم غير قادرين على تسديد ما عليهم للمدرسة، وقد وصلت نسبة المستحقات المالية على الأهالي المتخلفين عن الدفع إلى 40 في المئة". ويشير إلى أن المدرسة تراعي ظروف الأهالي، لذلك يمتد دفع الأقساط المدرسية على مدار السنة، وليس على العام الدراسي وحسب.
وهناك العديد من المدارس التي لا يزال لها في ذمة الأهالي ملايين الليرات رغم تخرج التلامذة منها. مثل مدرسة بشمزين العالية التي يسجل فيها تراكم للمدفوعات على الأهالي يفوق الـ40 مليون ليرة من العام الفائت وهي تعود لتلامذة تخرجوا منها.
وفي زغرتا، شكلت الزيادة التي طرأت على الأقساط المدرسية وتراوحت ما بين 500 ألف و300 ألف ليرة عائقا أمام الأهالي لدفع الأقساط كاملة عن أولادهم، ما رفع بالمقابل أصوات إدارات المدارس التي هدد بعضها بالإقفال إذا استمر عجز الأهالي عن دفع المستحقات، التي بلغت 40 في المئة عن الأعوام السابقة. وتشير مديرة إحدى المدارس الخاصة في زغرتا إلى أن الإدارة اعتمدت طريقة الدفع عبر المصارف، ما خفّف العبء عن المعتمد المالي في المدرسة الذي كان يستقبل يوميا عشرات الأهالي الذين يطالبون بتخفيض الدفع أو بالتريث قليلا، لافتة الانتباه إلى أنه لا يزال بعض الأهالي يقصدون المدرسة بعد تخلفهم عن دفع الأقساط في المصرف فنعمد إلى مساعدتهم قدر المستطاع "ولكن هناك أهالي لم يدفعوا منذ سنتين وطلبنا منهم نقل أولادهم إلى مدارس الدولة لأننا نحن مثلهم في أزمة".
بين الأقساط المرتفعة والأهالي الذين لا يمكنهم دفعها تقول مديرة مدرسة شبه مجانية في زغرتا إن المدارس باتت على كف عفريت، وأقساط الطلاب الذين سيتقدمون الى الامتحانات الرسمية تُدفع لأن الأهالي يعلمون أن المدارس لن تعطيهم الطلبات قبل التسديد، ولكن هذا لا يجوز لأنه تجب على الأهالي المبادرة إلى دفع الأقساط، كما لا يجوز أخذ الطالب رهينة بل على الأهل دفع ما يترتب عليهم، لا سيما أن الأقساط رمزية.
وفي بشري ليست أوضاع المدارس مشابهة لبقية المناطق، فالقضاء يعد من الأرياف ونسبة الهجرة السكانية باتجاه المدن كبيرة جدا، وعدد الطلاب يقل سنة بعد أخرى. أما إجراءات المدارس الخاصة، وحفاظاً على أعداد الطلاب، فقد تنوعت بين تسديد مريح للأقساط الى أقساط أقل من الميزانيات المعتمدة على ما يؤكد مدير إحدى المدارس في حصرون، موضحا ان الأهالي لديهم نية بالدفع لكن قدرتهم تتشابه في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة في البلد، حيث هناك تراكم لأقساط بعض الطلاب من سنة الى اخرى "ونحن نساعد على قدر استطاعتنا"، معتبرا أنه اذا أقرت السلسلة وارتفعت الأقساط فسيعمد نصف الأهالي الى نقل أولادهم الى مدارس رسمية لأنهم سيعجزون عن دفع المتوجبات.
وفي عكار يعاني معظم المدارس الخاصة من مشكلة تسديد الأقساط بالرغم من انتهاء العام الدراسي الحالي. ويؤكد مدير "المدرسة الوطنية الأرثوذكسية" في عكار نضال طعمة أن هناك مشكلة كبيرة في تسديد أقساط الطلاب للعام الدراسي 2013 ـ 2014. إذ إن صناديق المدارس بقيت فارغة حتى شهر آذار عندما دُفع جزء من منح التعليم للقوى الأمنية، لافتا إلى أن نسبة التحصيل عن هذا العام لم تتجاوز الـ50 في المئة.
من جهته، يوضح مدير "مدرسة ليسيه عبدالله الراسي" طلال خوري "أن 70 في المئة من الأهالي قد سددوا الأقساط، ونحن موعودون بالدفعات الأخرى من منح التعليم"، ويشير الى "أن المدرسة لم تزد هذا العام الأقساط، لذلك فإن الأمور بقيت ضمن الإطار المقبول، أما بحال التوقف عن دفع المنح فهذا يشكل عائقا للمدارس الخاصة".
أما في الضنية، فعلى الرغم من قلة عدد المدارس الخاصة في القضاء، وعدم وجود إقبال كبير عليها من قبل الطلاب، بسبب وجود قسم كبير من العائلات في طرابلس، إلا أن المدارس الموجودة تعاني من مشاكل تسديد الأقساط مع طلابها، وهذا أمر بحسب مصادر تلك المدارس غير مرتبط بأزمة اقتصادية معينة أو ظرف ما، بل بالظروف المناخية التي تفرض على بعض أهالي الطلاب تأخير تسديد الأقساط أو تأجيلها لعام آخر، يكون فيه الموسم الزراعي أفضل مبيعا.

لبنان
ACGEN
اجتماعيات
السغير
تربية وتعليم