حملة السلامة الغذائية: هل تنتهي زوبعة في فنجان في غياب الحلول الجدية؟

index.jpg

كشفت القنبلة التي فجرها وزير الصحة، وائل ابوفاعور، حول الفساد الغذائي في الأفران، والملاحم والمتاجر وغيرها من المؤسسات، مرة اخرى، درجة الضعف في سلطة الدولة الرقابية، وخفة وتخبط في معالجة موضوع حيوي يطال عامة المواطنين/ات. وقد اثار نشر ابو فاعور لاسماء المؤسسات المخالفة لمواصفات الصحة العامة، عاصفة من ردود الفعل الرسمية والاقتصادية، وسط تعاطف ودعم شعبيين.
ليس مفاجئاً ان تأتي ابرز ردود الفعل المنتقدة لخطوة الوزير، اولاً من بعض زملائه في الحكومة، ومن اصحاب المطاعم والفنادق، الذين اعتبروا ان الاعلان عن الاسماء، يسيء الى القطاع السياحي، انما المستغرب ان تطالب تلك المؤسسات الاقتصادية بالافراج عن قانون سلامة الغذاء، علماً انها اول من استفاد من غيابه لسنوات طويلة، وعملت على تعطيل اقراره خدمة لمصالحها الخاصة، وربما لما يتضمنه من معايير واضحة وصارمة تمنع تلك المؤسسات من التزوير والتلاعب.
والجدير ذكره، ان مشروع قانون سلامة الغذاء الذي يحدد الاطر، الانظمة، والمواصفات الخاصة بسلامة الغذاء، لا يزال في ادراج اللجان النيابية المشتركة منذ ما قبل العام 2005، وذلك على الرغم من اهميته. اما قانون حماية المستهلك الذي اقر في العام 2005، فيضمن حقوق المستهلك ويكرس حمايته من الغش والاعلان، لكن مراسيمه التطبيقية لم تستكمل، ومن ثم لم يضع موضع التنفيذ. وأبرز ما يتضمنه قانون حماية المستهلك، استحداثه لمحكمة حماية المستهلك، المختصة بـ«النظر في النزاعات الناشئة بين محترف (تاجر...) ومستهلك» التي لا تزال معطلة ولم تجتمع ابداً، والمجلس الوطني لحماية المستهلك، المعطل ايضاً والذي يترأسه وزير الاقتصاد.
مشكلة سلامة الغذاء ليست بجديدة، بل طفت منذ سنتين، عندما كشف وزير الصحة، حسين الحاج حسن، انذاك، عن متاجر غير شرعية توضب لحوماً فاسدة، متوعداً بملاحقة المعتدين واتخاذ اجراءات مشددة بحقهم، الا ان الزوبعة الاعلامية التي احدثها وقتها همدت مع الايام، وسط استمرار الاهمال في اعمال الرقابة اليومية.
وامام ما سبق، لا يسع المراقب/ة الا ان يطرح التساؤلات التالية حول مآل الحملة الجديدة للوزير ابو فاعور:
اولا: الى اي مدى ستتمكن السلطات الرسمية من مجابهة ضغوط الشركات الكبرى التي تضررت من الحملة، والتي قد تدفعها نحو تسويات ربما تكون على حساب صحة المواطن/ة ؟
ثانياً: هل تستطيع الدولة مواكبة الحملة باشراف ورقابة مستمرين، حتى وبعد عقد التسويات؟
ثالثاً: ماذا عن مصير قانون سلامة الغذاء الذي يعترض اقراره، من ناحية، تضارب الصلاحيات السياسية بين الوزارات، وتعرضه للمصالح الاقتصادية الكبرى، من ناحية اخرى؟
اخيراً، كيف السبيل لحماية ودعم صغار التجار والمحلات والمطاعم والمصالح الاقتصادية، من الاثار السلبية لتنفيذ القانون، بحيث تتدرج الدولة في تطبيقه على تلك المؤسسات، وتفسح المجال لها لتتمكن تلك من تطوير اعمالها بادخال اجراءات السلامة الغذائية المطلوبة، عوضاً عن دفعها نحو حافة الافلاس والاغلاق؟.