طلاب مرجعيون إلى الجامعة.. «عَ هدير البوسطة»

Tuesday, 23 December 2014 - 12:00am
في السابعة من كل صباح، يترافق أبو علي ونحو خمسين طالباً من قرى مرجعيون إلى مبنى «الجامعة اللبنانية» في النبطية، ليتوجه كل منهم إلى كليته. يذهب أبو علي، سائق الحافلة، بدوره إلى مقهى مجاور ليحتسي قهوته وينتظر «أولاده»، حتى تنتهي محاضراتهم. بعدها يعودون أدراجهم نحو مرجعيون مساءً، ليوصل كلاً منهم إلى بيته.
اختارت مريم أن تعود إلى قريتها الخيام لتعيش فيها، لتسكن بالقرب من أهلها وأخواتها بعدما امضت سنتين جامعيتين في بيروت. فكان عليها أن تستيقظ كل يوم على هدير البوسطة، لتتجه إلى كلية العلوم في النبطية. هناك تتابع دراستها في السنة الثالثة - الفيزياء، هاربة من حياة المدينة وضجيجها وغلائها، الذي عانت منه طيلة السنتين السابقتين.
تشير إلى أن «الأعباء المالية كانت ضخمة في الفرع الأول في بيروت»، وقد فرض ذلك عليها خياراً أتعبها وأتعب أفراد أسرتها.
مصاريف طلاب قرى مرجعيون، الذين يتابعون دراستهم في بيروت، لا تقتصر على رسم التسجيل، بل تشمل المسكن والمأكل، بالإضافة إلى التنقلات من مسكنهم إلى الجامعة وإلى قراهم في نهاية الأسبوع والعطل الطويلة. أي ما يعادل ستمئة دولار أميركي شهرياً، وفق مريم. وذلك المبلغ لا يشمل سوى الأساسيات الملحة للطالب، أما تكلفة النقل في حافلة الطلاب إلى النبطية ومنها فلا تتعدى المئة دولار شهرياً. ولعل تلك المبالغ تكفي لبناء فرع للجامعة اللبنانية في المنطقة يضم جميع طلابها.
صعوبة التنقل، هي من المشاكل الاكثر تأثيراً في سكان منطقة مرجعيون عموماً وطلاب الجامعات خصوصاً، مع غياب حافلات النقل العام التابعة للدولة عن المنطقة. فيجد كل من لا يملك سيارة خاصة من سكان المنطقة نفسه مجبراً على التقيد بالمواعيد والتسعيرة التي يفرضها أصحاب الشركات الخاصة للنقل العام أو أصحاب الحافلات الكبيرة. أبو علي ليس السائق الوحيد الذي ينقل طلاب الجامعات من قراهم إلى الفروع الأقرب إليهم، أكثر من حافلة تمر يومياً بين القرى لتقل الطلاب سواء إلى فرع الجامعة اللبنانية في النبطية أو إلى صيدا.
تعيش ساندرا في جديدة مرجعيون، واختارت أن تدرس العلوم الاجتماعية في كلية العلوم الإنسانية في صيدا. تخرج يومياً من منزلها في السابعة صباحاً وتعود مساء، وتقضي بين الثلاث والأربع ساعات يومياً على الطرق لتصل إلى كليتها. ولا تخفي أنها تفضل تحمل كل ذلك التعب، على أن تسكن بعيدة عن عائلتها غارقة في مصاريف المدينة اللامتناهية.
أما مازن الذي يدرس الهندسة في كلية العلوم في رومية فقد فرض عليه اختصاصه اختيار السكن قرب جامعته، لما يتطلبه من وقت طويل لإنهاء المشاريع المطلوبة منه وإعطاء الوقت الكافي للدراسة بدلا من استنفاده في التنقل.
في المقابل، تعلو صرخة أساتذة الجامعة اللبنانية والطلاب في آن، فلا من يأبه بمعاناة المتخرجين من مدارس مرجعيون الذين تنهال عليهم الأعباء، إذا قرروا متابعة دراستهم الجامعية، إذ تصادفهم العقبات التي تتمثل بغياب الجامعات عن منطقة مرجعيون مثلاً، فالفرع الأقرب للجامعة يبعد نحو ساعة في الحافلات. كما يشكو الطلاب من عدم وجود جميع الاختصاصات في ذلك الفرع.

لبنان ACGEN السغير تربية وتعليم