ورشة اقتصادية عربية: عمل لائق للأشخاص المعوقين

Wednesday, 14 January 2015 - 12:00am
تستضيف بيروت اليوم تظاهرة اقتصادية عربية، تجمع للمرة الأولى خبراء اقتصاديين وماليين ونقابيين وتنمويين، وعدداً كبيراً من أصحاب الشركات المصرفية والمالية والسياحية والخدماتية ورجال الأعمال، وفقهاء في القانون الدولي، وممثلي المنظمات التنموية الدولية والعربية، للبحث في إطار بناء الشراكة وتفعيلها مع منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة بهدف تحقيق تكافؤ الفرص في مجتمعات تحترم جميع أبنائها.
«نحو عمل لائق للجميع ما بعد 2015»، عنوان ورشة العمل الإقليمية التي دعا إليها مكتب الإقليم العربي لـ «المنظمة الدولية للأشخاص المعوقين»، تجري برعاية «الاتحاد العام لغرف الصناعة والتجارة والزراعة للبلاد العربية» في «مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي». وقد أعد للورشة «مشروع الدمج الاقتصادي والاجتماعي في لبنان وفلسطين»، المنفذ من قبل «اتحاد المقعدين اللبنانيين» و «جمعية الشبان المسيحية - القدس».
وتكتسب الورشة أهمية خاصة، لكونها تواكب الإعداد الدولي لإعادة صياغة أهداف الألفية الإنمائية لما بعد 2015، تقول رئيسة مكتب الإقليم العربي لـ «المنظمة الدولية للأشخاص المعوقين» سيلفانا اللقيس: «نقف عند عتبة المرحلة الثانية من الألفية الجديدة. فالمجتمع الدولي مشغول في صياغة أهداف التنمية للسنوات المقبلة. ذلك فيما منطقتنا تعاني من الأزمات والحروب وتسعى لتغيير إيجابي وللوصول إلى مجتمع أكثر عدالة وديموقراطية». أما الهدف العام من الورشة فهو «مناقشة كيفية تحسين الاقتصاد في لبنان والمنطقة العربية. ففي الورشة يجتمع رواد في بناء المسؤولية الاجتماعية، والاقتصاد عامة، سيصبح أكثر متانة عندما تُستثمر كل الطاقات، بما فيها طاقات الأشخاص المعوقين، الذين يقدر عددهم بـ45 مليون شخص في العالم العربي، مع الأشخاص المسنين، الذين يعتبرون القوة الشرائية الأكبر في العالم». وتأمل اللقيس «أن نصل إلى توجه إستراتيجي لنطلق معاً مبادرة بيروت للدمج الاقتصادي الاجتماعي العربي». تلك المبادرة «ترتكز على إطار تشاركي تنسيقي في ما بين مجتمع الأعمال وجمعيات المجتمع المدني وأصحاب القضية، بمن فيهم ممثلو منظمات الإعاقة والقطاع العام والشبكات الدولية الصديقة، والمنظمات الدولية الداعمة لهذا التوجه وغيرها من الهيئات».
وترى اللقيس أن المبادرة «تُبنى على التجارب الرائدة، وتؤمّن منظومة عمل تعاوني محفز، يتضمن اعتماد توجه إستراتيجي يستثمر في طاقات الأشخاص المعوقين ويستفيد من قوتهم الشرائية، وتغيير هيكلي ومفاهيمي في الثقافة والسلوكيات، وتمكين مؤسسات الأعمال من إدارة التنوع، للتعامل مع الزبائن المعوقين والعاملين». ذلك بالإضافة إلى «تشجيع المبادرات النموذجية والترويج لها عبر أنشطة إستراتيجية، وتشجيع الأبحاث والدراسات عن الأشخاص المعوقين، وتنظيم جوائز دورية لأفضل المبادرات الدامجة». كما يتضمن «تطوير سياسات ومعايير دامجة، وبالتالي اعتماد نظام لقياس التقدم، وتشجيع تبادل الخبرات والإبداعات في مجال الدمج الاقتصادي الاجتماعي»، وفق اللقيس.
العمل والإعاقة
على الرغم من عدم تضمن الأهداف الألفية هدفاً يتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن الألفية شهدت أولى الاتفاقيات الدولية بشأن حقوقهم. وقد جعلت الأهداف في أعلى سلّم أولوياتها «القضاء على الفقر المدقع»، وجعلت من غايات هذا الهدف توفير العمل المنتج واللائق كمقدمة ضرورية لبلوغه. إلا أن التقارير السنوية لعقد مضى لم تنذر بأي تقدم ملحوظ في المنطقة العربية.
من جهته، يتمنى المنسق الوطني لـ «مشروع الدمج الاقتصادي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين» مهران الطويل أن تخرج الورشة بتوصيات تمهد لوضع إستراتيجية مناصرة إقليمية لما يقرب من 10 في المئة من المواطنين العرب، لدمجهم في مجتمعهم والاستفادة من طاقاتهم المهدورة وذلك بتأمين العمل اللائق لهم. ويشير الطويل إلى أن واقع الأشخاص ذوي الإعاقة الاجتماعي والاقتصادي في العالم عامة، وفي الدول النامية، لا سيما العربية منها، «لا يبشّر بخير». ويخلص الطويل لتقرير عن واقع حق العمل للأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين ولبنان. ففي لبنان، وصلت نسبة الأميّة عند الأشخاص ذوي الإعاقة إلى 50 في المئة، وبلغت نسبة البطالة بين الحاصلين على بطاقة إعاقة منهم والقادرين على العمل 69 في المئة (أعمارهم بين 18 و64 سنة) مع الإشارة إلى أنّ نسبة الحاصلين على البطاقة لا يتعدّى الـ21 في المئة من المعوقين، فيما بلغت نسبة الذين يعيشون تحت عتبة الحرمان والفقر 44 في المئة منهم. أما في فلسطين، فقد بلغت نسبة البطالة عند الأشخاص ذوي الإعاقة 87.6 في المئة ونسبة الأمية 53 في المئة، في حين أن 38 في المئة منهم لم يلتحقوا أبداً بالتعليم.
وتلفت المنسقة العامة لمشروع الدمج الاقتصادي والاجتماعي في لبنان ضحى يحفوفي، إلى النماذج الناجحة في تأهيل وتدريب وتوظيف الأشخاص المعوقين في القطاع الخاص محلياً خلال السنوات العشر الماضية عبر مشاريع «فتح آفاق فرص العمل أمام الأشخاص المعوقين»، ومكاتب التوظيف في البقاع وبيروت وجبل لبنان، وصولاً إلى المشروع الحالي، وتعرض لإمكانيات تعميم التجربة عربياً. على الرغم من «العديد من العوائق المشتركة التي يواجهها الأشخاص المعوقون، في ما يخص انخراطهم في بيئة دامجة، تصون حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية»، ترى يحفوفي أن على رأس تلك المعيقات «هيمنة الصور النمطية والأحكام المسبقة والأفكار المغلوطة، وضعف الإجراءات والترتيبات التيسيرية المتعلقة بإمكانية الوصول للحقوق والخدمات، وذلك يمكن العمل عليه وتذليله». وتشير إلى وجود علاقة مباشرة ما بين السياسات والأنظمة والتشريعات وضعف الوعي بينَ صنّاع القرار كما ضعف الإرادة السياسية، وخاصة في إطار علاقتها بالمعالجة الفردية ذات الأبعاد الأُحادية لقضايا الإعاقة. ذلك بالإضافة إلى ضعف الحركة المطلبية للأشخاص ذوي الإعاقة وأثر ذلك على محدودية وجود قضاياهم على سلّم الأولويات.
وترى يحفوفي أن الورشة فرصة لتلاقي الأفكار بين جمعيات الأشخاص المعوقين والقطاع الخاص على مستوى العالم العربي، للوصول إلى أهداف محددة وفق جدول زمني معقول. فيمكن العمل معاً على توفير التجهيز والتكييف اللازمين في مكان العمل، نظراً لأهميتهما في معالجة مشاكل الموظفين. وتعديل أنظمة التوظيف (الإعلان والمقابلة) وتكييفها لتشمل احتياجات الأشخاص المعوقين لتغدو متاحة لهم. بالإضافة إلى اعتماد برامج تدريبية لتوعية العاملين في الشركات بشأن التنوع والدمج، وكيفية التعامل مع الأشخاص المعوقين بدون أي تمييز. كما يمكن الوصول إلى إدخال ثقافة ومعايير الدمج على سياسات وأنظمة العمل المعتمدة، بما يحترم التنوع والحاجات المختلفة.

محاور وجلسات
تنطلق ورشة العمل الإقليمية «نحو عمل لائق للجميع ما بعد 2015»، مع كلمة الرئيس الفخري للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية الوزير عدنان القصار، ونائب رئيس الاتحاد محمد شقير، ثم مدير «جمعية الشبان المسيحية - القدس» نادر أبو عمشا، والمدير العام لـ»ليبنور» لانا درغام، ونائب المدير الإقليمي لـ»منظمة العمل الدولية» فرانك هاغمان، ورئيس قسم التعاون لدى بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان ألكسيس لوبير، والسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور، إلى جانب كلمة رئيسة مكتب الإقليم العربي في «منظمة الإعاقة الدولية» سيلفانا اللقيس.
وتحمل جلستها الأولى عنوان «التنوع والعمل اللائق»، تتناول معايير العمل اللائق والإعاقة، وأهمية التنوع والاختلاف واستثمار الطاقات المتنوعة داخل مكان العمل، إلى جانب سياسات ومبادئ الدمج في مكان العمل، وآليات اعتماد معايير دامجة للعمال المعوقين ضمن مؤسسات القطاع الخاص، وتعرض للمنافع الاقتصادية من اعتماد معايير الدمج في مكان العمل من منظور المسؤولية الاجتماعية. أما الجلسة الثانية فتعرض لواقع الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم العربي ربطاً بالحق في التعليم والعمل والوصول، لا سيما في لبنان وفلسطين. كما تتضمن عرضاً لمعلومات إحصائية عن الواقع العام للأشخاص ذوي الإعاقة. أما الجلسة الثالثة فهي بعنوان «التجهيز الهندسي والتكييف في مكان العمل»، وتتناول المفهومين من حيث الأهمية والمنافع والمعايير، بالإضافة إلى منافع دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع السياحي وتوفير التجهيزات اللازمة. أما الجلسة الأخيرة فتخصص لـ»المسؤولية الاجتماعية ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مكان العمل»، متناولة أهمية إدراج موضوع الإعاقة ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في مكان العمل على لائحة القضايا التي تتبناها الشركات لتعزيز المسؤولية الاجتماعية. وتناقش دور الهيئات الاقتصادية في تبني مفهوم الدمج والترويج له ضمن القطاع الخاص، بالإضافة إلى عرض «لايبل التنوع» الذي يمنح للشركات الدامجة.

لبنان ACGEN السغير حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة