مستشفى الكرنتينا.. للأجانب والفقراء

Tuesday, 3 February 2015 - 12:00am
إهمال على مساحة 27 ألف متر مربع
أول ما يلفت الانتباه لدى زيارة مستشفى الكرنتينا الحكومي، هو عدم استثمار مساحة واسعة تابعة للدولة، واستملاك مساحات أخرى لبناء مستشفيات فيها، ودفع أموال في سبيل ذلك، كما جرى لدى بناء مستشفى رفيق الحريري الحكومي في منطقة الجناح. فهذا مستشفى يتميز بوجوده وسط العاصمة، وقرب البحر، والطريق الساحلية المتجهة إلى الشمال. وتحيط به حديقة خضراء، بأشجارها المعمرة. ويمكن أن يستفيد منه سكان الساحل الشمالي والعاصمة، لكنه مع ذلك تُرك مهملاً لا يدخله إلا الفقراء والمعدمون من اللاجئين السوريين والفلسطينيين وبعض اللبنانيين، بينما جرى شطر مساحته البالغة سبعة وعشرين ألف متر مربع إلى جزءين، بعد اقتطاع مساحة ثلاثة آلاف متر مربع لمصلحة توسيع مساحة مسجد موجود بقربه.
يروي المريض نجيب موسى من بيروت أنه دخل المستشفى بعد اعتداء شابين عليه، اقتحما منزله في خلدة، وضرباه على رأسه، وسرقا منه مبلغاً. وقد أصيب موسى بكدمات وجروح في أنحاء جسمه، ونقله نجله إلى الكرنتينا لأنه لا يملك أي ضمانات صحية.
مثل موسى الشاب الفلسطيني إيلي، من سن الفيل، الذي نقل إلى المستشفى بعد معاناة من آلام المرارة. ويوضح أنه يعمل في محل تزيين نسائي، ولا توجد لديه ضمانات صحية، مشيراً إلى أن وكالة «الأونروا» المتعاقدة مع الإدارة تسدد خمسين في المئة من قيمة الاستشفاء، بينما يسدد هو الباقي.
فشل
نظراً إلى وضعه المهمل، يرتبط المستشفى في أذهان الناس بمركز أدوية الأمراض المستعصية والمزمنة التابع لوزارة الصحة، مع العلم أن لديه جهازاً إدارياً كاملاً، بعد تحويله، مثل جميع المستشفيات الحكومية، إلى مؤسسة عامة تخضع لوصاية وزارة الصحة، ويديره مجلس إدارة يرأسه الدكتور مصطفى منيمنة، ومديرة عامة هي الراهبة ألين قزي.
ويعتبر من أقدم المستشفيات في لبنان، فقد أنشئ منذ العام 1961، وتتم إدارته بالتعاقد مع راهبات العين المقدسة المارونية. احترق خلال الحرب الأهلية، وتعرضت أقسام عدة منه للدمار لكونه يقع عند خط تماس المتحاربين، كما حصلت قربه المجزرة المعروفة بمجزرة الكرنتينا، والتي أدت إلى نزوح عرب المسلخ من المنطقة. وتروي الراهبة قزي أنها بقيت في المستشفى خلال الحرب. وتروي أن المستشفى كان يستقبل الجرحى من الطرف الغربي للعاصمة. ولا تزال تذكر كيف كانوا يركضون إلى براد الموتى، كلما حملت سيارات الإسعاف دفعة من القتلى، «وياما وجدنا بين القتلى أشخاصاً على قيد الحياة، ننتشلهم من البراد وننقلهم للاستشفاء».
تضيف أنه بعد سقوط المستشفى في إيدي الكتائب غادروا إلى مستشفى الجعيتاوي التابع للرهبنة نفسها لفترة وجيزة قبل عودتهم من جديد، مشيرة إلى أن ما ساعدهم على البقاء هو وجود لجنة ارتباط من قوى الأمن الداخلي.
تم ترميم الطابق الأرضي، ولا يزال الطابق الثاني على لائحة الانتظار. كان يضم مئتين وعشرة أسرّة. تراجعت إلى اثنين وعشرين سريراً، بينما كان يوجد فيه لدى زيارته ثمانية مرضى فقط، في دليل على فشل إدارة مرفق عام. ويفتقد المبنى إلى التدفئة والتبريد، فتتم تدفئة أو تبريد كل غرفة وحدها، وتشعر بالبرد يلف الممرات الفاصلة بين الغرف.
قسم حديث
يضم المستشفى اختصاصات لمعالجة الغدد والجهاز الهضمي والدم والأورام الخبيثة والطب الداخلي. وفي مبنى جانبي صغير غرفة تصوير الأشعة وجهاز فحص الثدي الماموغرافي، وآلة تصوير صوتي، ومختبر قديم لكنه نظيف، يؤمن الفحوص الجرثومية والدم والخلايا، ويعطي الإفادات الصحية الخاصة بالأجانب من أجل الحصول على إقامات أو تجديدها، بالإضافة إلى موظفي المطاعم.
وفي مبنى جانبي آخر عيادة لطب الأسنان تتألف من ثلاث غرف. وقد جهزت المختبرات وعيادة طب الأسنان منذ العام 2009 بموجب بروتوكول إيطالي وتعاون مع «الجمعية الألمانية ـــ اللبنانية»، لذلك تعتبر قديمة نسبياً.
وحده قسم الجراحة حديث، ويضم جراحة الجهاز الهضمي بالمنظار، الكلى والمسالك البولية، جراحة العظم، التوليد والأمراض النسائية، وجراحة الأنف والأذن والحنجرة. وجرى تأهيله بهبة من «مؤسسة الوليد بن طلال».
مشروع في الأدراج
تشكر قزي الله على وجود مكان للمرضى الفقراء والمعدمين. وتقول إن عدداً من المرضى يدخل المستشفى من دون دفع أي مبلغ مسبق بدل تأمين. وتوضح أن وزارة الصحة تغطي خمسة وثمانين في المئة من كلفة الاستشفاء، والخمسة عشر في المئة يدفعها المريض، لكن مرضى كثراً يطلبون الحسم حتى من المبلغ الباقي، وعندها تقوم إلادارة بإرسال كتاب خاص إلى وزير الصحة.
ولأنها كذلك تعتبر موازنتها من أقل الموازنات الخاصة بمستشفيات العاصمة، إذ تبلغ سنوياً ملياراً وستمئة مليون ليرة. وما زال للموظفين لدى الإدارة راتبا شهرين ونصف الشهر، على الرغم من تعليق الإضراب. وهناك نقص حاد في المعدات الطبية والأدوية، إذ يتحدث المرضى والموظفون عن شراء أدوية الاستشفاء من الخارج على حساب المرضى.
وفي الأدراج مشروع تأهيل منذ العام 2009 بموجب اتفاقية موقّعة بين الحكومة والبنك الإسلامي، ويقضي بإنشاء وتأهيل مستشفى متخصص للأطفال مع خدمات صحية للجراحة وبعض الأمراض التي يمكن معالجتها. وكان يفترض بدء المشروع بعد إقرار قرض البنك الإسلامي البالغ سبعة ملايين دولار في مجلس النواب، خلال فترة شهرين على الأكثر، على أن يحول المبلغ إلى مجلس الإنماء والإعمار المشرف على المشروع، لكن لا القرض أُقر ولا المشروع بدأ.

بنك العيون
بنك العيون في مستشفى الكرنتينا الحكومي الوحيد التابع لوزارة الصحة في لبنان، وقد افتتح في كانون الأول من العام 1999. وتوضح المسؤولة في البنك كارول موسى أنه يؤمن القرنيات السليمة للمرضى المحتاجين لزرع القرنية، ويجب توافر مواصفات معينة فيه وهي: وجود مختبر مجهز بآلات لفحص خلايا القرنية التي يتبرع بها أشخاص متوفّون على ألا تتعدى مهلة وفاتهم ست ساعات. بعد الوفاة يقوم وفد طبي باستئصال القرنية وإجراء فحوص لها للتأكد من عدم احتوائها على أي أمراض، ثم يتم اختيار المريض الذي ستوهب له استناداً إلى لائحة انتظار، تتضمن استمارة خاصة بالمريض الذي يعاني من مشاكل في القرنية، وتقريراً من طبيبه الخاص، وذلك باستثناء حالتين: وجود طفل عمره أقل من عام، ومريض في حالة طارئة قد تؤدي إلى فقدان بصره.
وتقول موسى إن المريض يدفع مبلغ ثلاثمئة ألف ليرة فقط بدل حفظ القرنية وفحوص الدم. وتؤكد أن في استطاعة المصابين بمرض أو تضرر القرنية استعادة البصر من خلال استبدالها وزرع قرنية سليمة، وذلك عبر إجراء عملية جراحية بسيطة تتكلل بالنجاح بنسبة عالية جداً.

لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء السغير