المكفوفون يبحثون عن «الكتاب الصديق»

Monday, 27 April 2015 - 12:00am
تقف سهى أمام مكتبة جدها العتيقة، تتلمس الكتب بيدها ثم تمسك إحداها، تفتحه فتعبق في المكان رائحة الزمن القديم. تتنقل بين الأوراق، وتتمنى لو كان بإمكانها قراءته. لم تكن تعلم ما إذا كان ذلك الكتاب الذي انتقته، هو أحدى روايات نجيب محفوظ، أو كتاب عن تاريخ الشرق الأوسط أو عن الحرب العالمية... ولا حتى تعلم ما إذا كانت تمسكه بالطريقة الصحيحة. هي أرادت فقط استكشافه، فلطالما كانت تشحذ خيالها قصص وأحداث الماضي، ولكنها لم تستطع رؤية ما كتب في داخلها. فسهى كفيفة، ولا يمكنها قراءة الكتب الورقية.
حدد الثالث والعشرين من نيسان من كل عام، اليوم العالمي للكتاب. جاءت المبادرة منذ عقدين من قبل منظمة اليونيسكو، عبر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، من أجل الحفاظ على بريق الكتاب والتشجيع على القراءة. وتقضي تقاليد هذا اليوم بإهداء كتاب لأحد الأعزاء. ولكنه لم يخطر لأي من المنظمين أم من الكُّتَاب أم دور النشر أم المكتبات، إيجاد سبيل يتيح لمن لديهم تحديت بصرية للمطالعة.
لطالما كانت المكتبات الناطقة هي سبيل الأشخاص المكفوفين، وكانت المؤسسات والجمعيات المعنية هي من تبادر إلى تسجيل تلك الكتب. وقد دعمت الدولة إحدى تلك المكتبات والتي سميت بـ «المكتبة الوطنية الناطقة»، والتي تتبع لـ «جمعية الشبيبة للمكفوفين». ولكن تلك المكتبة تحتاج اليوم إلى التطوير، حيث ما زالت كتبها مسجلة على كاسيتات قديمة، ما قلل من عدد الأشخاص المكفوفين المنتسبين لها.
ومع التطّور التكنولوجي، بات بإمكان الأشخاص المكفوفين قراءة الكتب الإلكترونية عبر الحاسوب، أو عبر شاشات البرايل. ولكن معظم دور النشر لا تبيع الكتب إلكترونياً، وقليلة هي الكتب المتاحة على الإنترنت التي تتلاءم مع نظام قارئ الشاشة. إلى ذلك صمممت آلة للقراءة وهي «كميرا أي ريد ناو» التي تقوم بتصوير صفحات الكتاب وتحويلها إلى نص رقمي، ما يتيح قراءة الكتب والمجلات. ولكن تبقى تلك الآلة غير متوفرة بمتناول الجميع لأسباب مادية.
التقت «السفير» بعض دور النشر، الذي كان من بينها «دار الساقي»، الذي كان له مبادرة في إحدى دورات معرض الكتاب. حيث قام بالتعاون مع إحدى الجمعيات المعنية، بطباعة كتب برايل. ولكن مسؤولة قسم التسويق فيه منال شمعون أكدت بدايةً أن «الملفّات التي يقومون بالعمل عليها قبل الطباعة النهائية هي ملفّات داخلية للدار، وهي ليست للبيع». أضافت «الكتاب بصيغتيه الورقية والإلكترونية معدّ للبيع بالنسبة إلى الأشخاص المبصرين. أما بالنسبة إلى الأشخاص المكفوفين».
أما «دار الفارابي» فأكد مديره العام حسن خليل أنه «مستعد لتقديم جميع التسهيلات المطلوبة كي يتمكن الأشخاص المكفوفون من قراءة إصداراتهم، وأنه يدعو جميع الجمعيات المعنية إلى التعاون من أجل تحقيق هذا المشروع وإتاحته أمام أكبر عدد ممكن من الأشخاص المكفوفين». وأعلن عن مشروع يقوم به حاليا بالاشتراك مع «إذاعة صوت الشعب»، وهو تسجيل قصص صوتية للأطفال، بصوت مقدمة «برنامج ورق وخيطان» منى العلي. وقال خليل «الهدف من المشروع هو أكاديمي ولتحبيب الأطفال بالقراءة».
وبالنسبة إلى الكتّاب، فقد رحب الكثير ممَن التقيناهم بالتعاون، وأجمعو أنهم إذا طلب منهم أحد المكفوفين نسخة رقمية فهم مستعدين لإرسال نسخة لهم. والبعض اعتبر أنها مسؤولية الدار وأنهم لا يملكون سلطة القرار، حتى وإن كانوا يملكون النسخة الرقمية.

لبنان ACGEN السغير حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة