قزي لـ «السفير»: فصل التقديمات الصحية للمتقاعدين عن «الشيخوخة»

Tuesday, 2 June 2015 - 12:00am
منافسة اليد العاملة السورية تضاعف البطالة إلى 25%
وسط الأزمات الأمنية والسياسية، يجد المواطن العاديّ، العامل وصاحب الدخل المحدود نفسه محاطاً بهمومٍ معيشية واقتصادية لا تحصى ولا تعدّ، مع تراجع فرص العمل والمؤشرات الاقتصادية، إضافةً الى ازمة النزوح السوري والبطالة التي ناهزت الـ25 في المئة، إلى جانب الهمّ «التاريخي» المتمثّل بضعف الضمانات الاجتماعية من الصحة الى الشيخوخة وغير ذلك.
أمام هذه الهواجس، أجرت «السفير» حواراً مطوّلاً مع وزير العمل سجعان قزّي في محاولة للوقوف عند وجع المواطن والسؤال عن الإجراءات التي تتخذها الوزارة في ظل هذه الظروف.
ضمان المتقاعدين
المحور الأوّل تناول موضوع ضمان المتقاعدين والشيخوخة، حيث يوضح قزي انه «من المفترض ان يكون مشروعا ضمان المتقاعدين وضمان الشيخوخة، مشروعاً واحداً اسمه ضمان الشيخوخة الذي يتضمن ايضاً المتقاعدين بعد الـ64 عاماً، ولكن لأسباب تمويلية ارتأينا الفصل بين المشروعين، لأن الضمان غير قادر على تحمل نفقات مشروع ضمان الشيخوخة، والقطاع الخاص لا سيما الهيئات الاقتصادية كان لديهم اعتراضات على طريقة تمويل مشروع ضمان الشيخوخة ووعدوا ان يجدوا تمويلاً آخر». ويضيف: «بانتظار ذلك قررنا ان نمشي في قانون ضمان المتقاعدين الذي درس من قبل وزارة العمل والضمان الاجتماعي وأحيل الى رئاسة الحكومة، واليوم القرار بيد اللجان المشتركة بعد ان نوقش في اللجان المختصة، إلى ان يحال إلى اللجان العامة للتصويت عليه».
ويشير قزي إلى أن «أول مشروع عرض في هذا الإطار كان في التسعينيات والمشروع الأساسي الذي ناقشته اللجان النيابية كان في العام 2001، ثمّ في الـ2003 وبالتالي ليس الموضوع جديداً، والضمان ووزارة العمل اعطوا كل الملاحظات بشأن المشروع، ونتمنى ان يتم إقراره». ويضيف: «باعتقادي يفترض ان يقر المشروع من دون تعديل او خلافات، ويجري تحسينه في مسيرة تطبيقه. فانتظار القانون الأمثل قد يحتاج الى سنوات طويلة ما يمكن ان يكون مهرباً لعدم تطبيق القانون. فلنطبق قانون ضمان المتقاعدين، من ثم ضمان الشيخوخة. أما اذا كنا نربط بين الاثنين، فلن يطبَّقا».
ويشير قزي الى أن «عدد المستفيدين من ضمان المتقاعدين في حال تطبيق القانون لن يتجاوز الـ4 في المئة من عدد المتقاعدين، ذلك أن المتقاعدين السابقين لا يستفيدون من القانون»، موضحاً ان «الخلاف هو حول ادارة مالية صندوق الضمان في حال تطبيق ضمان المتقاعدين والشيخوخة، إذ تبيّن ان الضمان الاجتماعي للأسف لم يعرف ان يدير امواله، فاللجنة المالية في الضمان غير موجودة الآن». ويكشف عن «تأليف لجنة في القريب العاجل»، لافتاً الانتباه الى «الشغور الكبير في الضمان الاجتماعي، فمجلس الادارة الحالي مثلاً انتهت ولايته في العام 2006 وما زال يمدد له، اضافةً الى أنه يتألف من 26 عضواً وهذا عدد كبير».
وزير وصاية
ويلفت قزي الانتباه الى ان «وزير العمل هو وزير وصاية على الضمان وليس وزير إمرة، من هنا فإن قدرة الوزير على التأثير سلبية وليست إيجابية، كأن مثلاً يمتنع عن التوقيع على قرارات مجلس الادارة، يستطيع التعطيل فقط، إلا في حال وجود ارادة سياسية داخل الضمان للتغيير». ويفيد بأنه «جرى سجن 16 موظفاً في الضمان بسبب المخالفات، لكن لم أقبل التشهير بهم ولم اقبل نشر أسمائهم».
وعن الخطوات التي تقوم بها الوزارة لتحسين اوضاعها وأوضاع الضمان، يقول قزي: «هذه الحكومة في الأساس استثنائية ولم يكن القصد منها القيام بإنجازات، إنما حكومة شكلت قبل انتخاب رئيس للجمهورية بأشهر قليلة، وإذ تأخر انتخاب الرئيس اضطررنا الى استلام زمام الامور أكثر في وزاراتنا». ويتطرق قزي الى موضوع خلوة الضمان التي عقدت قبل أشهر وهي حصلت لأول مرة بحضور وزير العمل، لمدة يومين وتوصلنا الى توصيات، تحقق جزء منها، كتوسيع الشرائح التي تستفيد من الضمان كالبلديات والطبقات الأكثر فقراً، وتوسيع قطاعات التغطية في الضمان، بحيث ان هناك عمليات جراحية وتقنيات جديدة لم يكن الضمان يغطيها، وبات هناك تغطية شاملة لكلّ انواع الأمراض بنسبة تتراوح بين 80 و95 في المئة». ويشير الى ان «الأمراض المزمنة بات الضمان يغطيها 95 في المئة»، موضحاً ان «الخلوة كانت نافعة بما يتعلق بالمواطن، اما ما لم يعطِ نتائج باهرة برغم وجود توصيات، فهو خدمة المواطن في علاقته مع الضمان من معاملات وغيرها، إضافةً الى عدم قدرتنا حتى الآن على تغيير الادارة، وذهنيتها في التعاطي مع المواطن».
نجحوا إنما اسقطتهم الطائفية
ويتناول قزي موضوع الناجحين في الضمان الـ32، مشيراً انه «لم يكن بينهم أي مسلم سني، فجرى تعيين موظفين بالوكالة بدل الأصالة». ثم يلفت الانتباه في الوقت نفسه الى «وجود نقص فادح في الموظفين في مكاتب الضمان، اذ هناك مضمونون لم يأخذوا مردود معاملات قدّموها في الـ2008». ويشير الى ان «مدير عام الضمان محمد الكركي ليس لديه الامكانيات والكادر البشري الكافي للمراقبة، كما هو حاصل في وزارة العمل حيث ليس هناك سوى 9 مفتّشين».
ويقول إن «هناك مشروعاً جديداً يتم العمل عليه وهو تقليص عدد مجلس ادارة الى 12 عضواً، وتعزيز اوضاعهم، فمن غير المنطقي ان يكون عضو مجلس ادارة الضمان غير مضمون، إضافةً الى تعيين المدراء، وحددنا بعض الأسماء، ونقوم الآن بالاتصالات السياسية لتمرير تعيين المدراء ورؤساء المصالح». ويضيف: «بعد ذلك يبقى لدينا مشكلة المياومين والناجحين في مباراة الـ2012، فبالنسبة للمياومين سنوسع «الكادر» ليصبح 480 مياوماً، والناجحون كنا نظن انه بقرار من الوزير يمكننا التمديد لهم، ولكن تبين ان الموضوع يحتاج إلى قرار من مجلس النواب».
ويفيد قزي بأن «رئيس مجلس ادارة الضمان الدكتور توبيا زخيا قدم استقالته خطياً بعد ان ذاق ذرعاً من الأوضاع وقد رفضتها، علماً أن عمره 84 سنة».
الهيئات الأكثر تمثيلاً
وعن سؤال حول تدخل الهيئات الأكثر تمثيلاً في قرارات وزارة العمل لتسمية ممثلي أصحاب العمل والعمال في الدولة، يقول قزي: «مسألة الهيئات الأكثر تمثيلاً تحتاج إلى إعادة نظر، اليوم الوضع التمثيلي العمالي يحتاج إلى إعادة نظر، وكذلك أصحاب العمل، فهناك هيئات عديدة غير ممثلة مثل جمعية تراخيص الامتياز مثلاً».
ويتطرق قزي إلى موضوع كثرة الاتحادات النقابية، مشيراً الى ان هناك 472 نقابة مرخّصة، لافتاً الانتباه الى انه «لم يأته اصحاب مهنة يطالبون بنقابة خلال عهده، بل إنّ كل الطلبات كانت تأتي من قبل السياسيين، بحيث باتت النقابات متفرّعة الى حدٍّ بعيد».
ويوضح ان «وزارة العمل تعطي سنوياً للاتحاد العمالي العام 500 مليون ليرة لا تُصرف في المكان المناسب»، مشيراً الى «صعوبة تنظيم النقابات وهيكلياتها، علماً ان حلّ أي نقابة يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء».
البطالة والنزوح
أما في ما خص موضوع البطالة، فيؤكد قزي ان «ليس هناك رقم دقيق». ويستدرك: «في العام 2014 بحسب مؤسسة العمل الدولية والبنك الدولي باتت 25 في المئة، بين هؤلاء بين الـ34 الى 36 في المئة شباب». ويحذّر من أن «البطالة تضاعفت منذ العام 2011 وهذه سابقة خطيرة». ويوضح ان «السبب الرئيسي وراء ذلك يعود الى وجود مليون و700 ألف نازح سوري، بينهم حوالي 52 في المئة نساء وأطفال و47 في المئة قوى عاملة تنافس القوى العاملة اللبنانية». ويرى ان «المنافسة الخطيرة ليست على مستوى اليد العاملة، أي الزراعة والعمران التي كان السوريون يعملون فيها تاريخياً، إنما الخطورة هي المزاحمة بين رب العمل اللبناني ورب العمل السوري». ويضيف: «اليوم السوريون يفتحون مؤسسات ومصالح بشكل غير شرعي وغير قانوني، يوظّفون سوريين لا يدفعون لهم رواتب مرتفعة، ولا يصرّحون عنهم للضمان الاجتماعي، ويبيعون البضاعة بأسعار رخيصة. امام هذا الوضع يضطر صاحب العمل اللبناني الى صرف موظفيه او حتى إقفال مؤسسته لأنه عاجز عن المنافسة». وعن موضوع الرقابة في هذا الصدد، يقول قزي: «من المفترض ان تبدأ الرقابة في الامن العام لناحية الأوراق الثبوتية والإقامة، ثمّ في البلديات، اما وزارة العمل فهي ليست حكومة وليست الداخلية ولا الشرطة، وبالتالي هي لا تستطيع القيام بمهام المؤسسات الأمنية».
ويشير الى ان «هناك محاضر يومية بحق المخالفين وأعطينا توجيهات لتغريم كل عامل غير شرعي بمليونين و700 الف ليرة، وتغريم صاحب العمل محضراً بهذا المبلغ مضروباً بعدد العمال غير الشرعيين لديه، واذا استمرّ بالمخالفة نحوّله الى النيابة العامة». ويلفت الانتباه إلى ان «اصحاب المؤسسات الذين كانوا في سوريا، يفتحون في لبنان مؤسسات في الاختصاص ذاته مثلاً المقاهي، محطات الوقود، مصانع لا سيما القطنيات والخل إضافةً إلى النبيذ، السوبر ماركت وغيرها، كما نجد شراكة بين رجال اعمال سوريين ولبنانيين ما يرتدّ سلباً على المؤسسات اللبنانية وعلى العمالة اللبنانية». ويصرّح بان «الشكاوى اليومية لا تتعدى الـ4 او 5 يومياً وأغلبها من موظفين مصروفين وبذلك نحاول القيام بوساطة بين صاحب العمل والعامل، وإذا لم يتم الاتفاق، نحيل القضية الى لجان العمل التحكيمية لتأخذ مجراها، وعادةً يهرب الموظفون من ذلك لأنّه يأخذ وقتاً طويلاً».
ويتناول موضوع معهد التدريب المهني في الدكوانة «الذي يأخذ 300 ألف دولار في السنة ولا يقوم بأي شيء. ولكن لا يمكنني كوزير فعل الكثير، حتى لا يمكنني تغيير مجلس الإدارة».
وبالعودة الى الفساد في وزارة العمل، يقول قزي إنه «طرد معقبي المعاملات من داخل الوزارة، لكنهم ما لبثوا يتعقبون الناس في الشوارع المحاذية ويقبضون منهم الأموال، والمشكلة انّ الناس لا يعترفون بذلك، مع العلم انّ من حقهم تسوية معاملاتهم من دون دفع أي قرش».
ويفيد بأن «حجم القوى العاملة اللبنانية هو مليون و800 ألف عامل، 64 في المئة رجال، و36 في المئة نساء، وبذلك نحتاج سنوياً الى 47 ألف فرصة عمل، يتوافر منها 9 آلاف فرصة سنوياً»، مشيراً الى ان «الجامعات تخرج سنوياً آلاف العاطلين عن العمل بسبب عدم التوجيه المهني والعملي».
ولم يخلُ الحوار من موضوع عاملات المنازل والحملة التي شُنت مؤخراً لتأسيس نقابة لهنّ، حيث يرى قزي ان «هذا المطلب غير منطقي، برغم الوضع الإنساني الذي نتفهّمه كثيراً وقد اتخذت 16 اجراءً في الوزارة لتحسين اوضاعهنّ، انما تحسين الأوضاع لا يكون عبر النقابة، إضافةً الى ان قانون العمل اللبناني لا يسمح بإنشاء نقابات لأجانب». ويلفت الانتباه الى ان «التظاهرات التي نظّمت لهذا الموضوع في بيروت كلفت منظمة العمل الدولية 400 الف دولار». ويوضح أن «هناك مشكلات مع العاملات يكون سببها سفارات بلادهنّ او وكالات التوظيف في بلادهنّ الامّ»، مشيراً الى ان «عدد العمال بين آسيوي وأفريقي هو 480 الفاً». ويوضح انه «اعطى في عام 29 الف إجازة عمل فيما كان الرقم يصل الى 52 ألف اجازة سنوياً»، مشيراً في المقابل الى ان «إجازات العمل المعطاة لسوريين هي حوالي 800، وهذا رقم قليل جداً، والسبب هو انهم لا يتقدّمون بالطلبات، اذ يعمل معظمهم بشكلٍ غير شرعي»، مشيراً إلى ان «التدابير الحمائية بالنسبة للنزوح السوري التي اتخذت في الأشهر الأخيرة، خففت نسبة التدفق السوري بحدود الـ 76 في المئة، مع العلم أن العدد الكبير أتى إلى لبنان قبل التدابير».

لبنان ACGEN اجتماعيات السغير صحة