الأزمة المالية المزمنة للاونروا مؤشر لتصفية القضية الفلسطينية

images.jpg

بخطى حثيثة ومتدرجة، تسير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، قدماً، بتقليص خدماتها الاغاثية (التعليمية منها والصحية والتموينية)، بالترافق مع مسار تصفية القضية الفلسطينية دولياً، بعد ان تخلى عن القضية اصحابها فلسطيناً وعرباً، بينما تتذرع الاونروا بمبررات مالية، خصوصاً تقاعس الدول المانحة عن تسديد التزاماتها السنوية، لاعتماد اجراءات تقشفية جديدة، تلقي بظلالها السلبية على المستويين الانساني والاجتماعي.
أُنشئت "هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيينمن"، في ت2 1948 لتقديم المعونة للاجئين/ات الفلسطينيين/ات ولتنسيق الخدمات التي تقدم لهم/ن من منظمات الاغاثة الاجنبية وبعض منظمات الأمم المتحدة الأخرى. بدأت الأونروا عملياتها في أيار 1950، كوكالة متخصصة ومؤقتة، على اساس أن تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات (كان أخرها التجديد لغاية 30 حزيران 2017)، وذلك بانتظار الحل العادل للقضية الفلسطينية، علماً ان تلك الحالة المؤقتة، مستمرة منذ 65 عاما.
يأتي تمويل الأونروا من خلال التبرعات التي تقدمها الدول المانحة، اهمها الولايات المتحدة، المفوضية الأوروبية، المملكة المتحدة، الدول الاسكندنافية، دول الخليج العربي، اليابان وكندا، وتغطي خدماتها اللاجئين/ات الفلسطينيين/ات المقيمين/ات في مناطق عملياتها الخمس: الضفة الغربية، قطاع غزة، لبنان، الأردن وسوريا.
وفي حين كان اجمالي عدد المستفيدين/ات من خدماتها عند التأسيس 75 الف لأجىء/ة، ارتفع هذا العدد ليصبح خمسة ملايين لاجئ/ة بحسب أرقام عام 2015. وتتوزع ميزانية الأونروا على النحو التالي: برامج التعليم 54%، برامج الصحة 18%، الخدمات المشتركة والخدمات التشغيلية 18%، برامج الإغاثة، والخدمات الاجتماعية 10%.
بدأت الاونروا بتقليص خدماتها في مطلع الثمانينات، خصوصا مع النقص الحاد في التمويل الذي لم يعد يواكب التزايد الديموغرافي، الحاجات الاجتماعية الجديدة، وزيادة تكلفة الخدمات. وترافق تقاعس المجتمع الدولي عن مسؤولياته، نتيجة ما يوصف عادة بـ"وهن الجهات المانحة"، مع القاء العبء على الدول المضيفة، التي تفتقر هي الاخرى للموارد المالية اللازمة.
يواجه اللاجئون/ات الفلسطينيون/ات اوضاعاً معيشية وقانونية مختلفة بحسب الدول المضيفة. ففي الاردن اكتسبت الاغلبية العظمى منهم/ن الجنسية الأردنية، واصبحت جزءا من المكون الوطني. في سوريا، كان هؤلاء وأولئك حتى وقت قريب (اي ما قبل اندلاع الحرب الجارية) يتمتعون/ن اجمالا بمستوى حقوق هو الافضل بين البلدان العربية. في لبنان، يعيش اللاجئون/ات الفلسطينيون/ات أوضاعاً اجتماعية واقتصادية مأساوية، خصوصا ان الدولة اللبنانية تصد اي سعي لتطوير اوضاعهم/ن الاقتصادية والاجتماعية بحجة التوطين. اما في فلسطين، وطنهم/ن الاصلي، فتقع المسؤولية المعنوية لتحسين اوضاعهم/ن على كاهل السلطة الفلسطينية.
ادت سياسة التضييق والحصار التي انتهجتها الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ 1990، من جهة، وتقلص خدمات الاونروا، من جهة ثانية، الى تفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للاجئين/ات الفلسطينيين/ات في لبنان، والى دفع اعداد كبيرة منهم/ن الى الهجرة، فيما لم تثر الاجراءات التقشفية الجديدة سوى موجة من الاعتراضات وردات الفعل الخجولة التي لم ترق الى مستوى معالجة المشكلة الاساسية.
وفي هذا السياق، تكتفي كافة الاطراف الدولية، العربية والفلسطينية بتقاذف اللوم حول الحالة المزرية التي وصلت اليها الامور، ممعنة في سياسة مخادعة اصحاب القضية، ودفعهم/ن الى التنازل عن حقوقهم/ن غير القابلة للتصرف.