Wednesday, 25 May 2016 - 1:00am
تقدم النائبان نديم الجميل وسيرج طورسركسيان باقتراح قانون يقضي بإلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة. وقد جاء في الأسباب الموجبة أن الشهادة المتوسطة لم تعد تتماشى مع التطور الحاصل على المناهج الدراسية الجديدة المعتمدة حالياً في لبنان وأنها لم تعد إلزامية وضرورية للحصول على أية وظيفة وأن بعض المراجع من وزارة التربية أعلنت بصورة واضحة عدم ضرورتها، وأعلن البعض الاَخر بصراحة عن الفساد المستشري في كيفية تحضير وتوزيع الامتحانات المتعلقة بها وإجرائها.
لست في هذا المقام بصدد تفنيد الأسباب الموجبة التي أوردها النائبان، فالمعنيون بالامتحانات الرسمية أولى بذلك. ولكن يهمّني في هذه المناسبة أن أؤكد أن الاتجاه العام في الدول المتقدمة على الصعيد التربوي هو لإلغاء الامتحانات العامة (الرسمية) التي تعتمد على امتحان واحد يجري في نهاية المرحلة التعليمية (المتوسطة أو الثانوية) لتقويم الطلاب لما يلازم ذلك من اختزال للعملية التقويمية للطلاب ووضعهم تحت ضغط نفسي صعب. ولكن تجدر الإشارة الى أن هذه البلدان المتقدمة لم تصل الى إلغاء الامتحانات التقويمية للطلاب إلا بعدما استبدلتها بعملية تقويم المدارس عبر وسائل تربوية وعلمية متعددة وبعد إنشاء مؤسسات تقوم بعملية هذا التقويم بشكل دقيق وفعال. بل ذهب الكثير من هذه الدول الى تصنيف المدارس (ranking) وذلك بهدف إرشاد الطلاب وذويهم وكل المعنيين بالعملية التربوية حول مستوى المدرسة التي يحمل الطلاب نتائجها أو إفادة نجاح منها.
بالعودة الى لبنان، تشكل الامتحانات الرسمية، منذ زمن طويل، على الرغم من بعض الشوائب التي قد تعتريها، الوسيلة الوحيدة لتقويم النظام التعليمي في لبنان. ومع الاعتراف المسبق والكامل بأن هذه الوسيلة الوحيدة غير كافية، فإن إلغاءها قد يشكل خطراً كبيراً على مستوى التعليم في لبنان لما يشكل ذلك من عدم إخضاع المدارس، ولا سيما تلك التي يقتصر فيها التعليم على مرحلة التعليم الأساسي (ما قبل الثانوي)، لأي نوع من أنواع التقويم. وسيكون ذلك بمثابة هدية مجانية تقدم للمدارس التجارية وغير موثوقة الجودة، بحيث ستصبح هذه المدارس بمنأى عن أي عملية تقويم قد تكشف سوء أدائها أمام الطلاب وأولياء أمورهم.
إن البديل من إجراء الامتحانات الرسمية المتوسطة وحتى الثانوية هو تقويم المدارس عبر وسائل عديدة؛ أبسطها إجراء امتحانات تقويم رسمية لعيّنة عشوائية من الطلاب في نهاية كل حلقة دراسية (الصف الثالث، الصف السادس، الصف التاسع والصف الثاني عشر)، على أن لا تعطى نتائج الامتحانات للطلاب، وإنما تستخدم هذه النتائج لتقويم الأداء التربوي للمدارس التي ينتمي إليها الطلاب الذين خضعوا لهذا التقويم.
والجدير ذكره أن بعض الدول التي عجزت عن تقويم المؤسسات التربوية أعادت العمل بالامتحانات الرسمية حتى في المستوى الابتدائي، حرصاً على تقويم المدارس التي يقتصر التعليم فيها على هذه المرحلة.
لذلك، وبناءً على ما تقدم، أتمنى على النائبين الكريمين اللذين تقدما باقتراح القانون سحبه أو تعديله باستبدال تقويم الطلاب بتقويم المدارس.
* أستاذ في كلية العلوم، الجامعة اللبنانية، منذ عام 1996/ مستشار سابق لوزيرَي التربية والتعليم العالي د. خالد قباني ود. حسن منيمنة
لبنان ACGEN الأخبار تربية وتعليم