لبنان الرازح تحت وطأة الدين يستجدي مزيداً من البنك الدولي

www.jpg

دأبت الحكومة اللبنانية على اللجوء الى سياسة الاستدانة الخارجية والداخلية، للخروج من مآزقها السياسية والاقتصادية المتكررة والمستمرة، وذلك على الرغم من الحصيلة الاجمالية السيئة لتلك السياسة، التي ادت الى رفع مستوى الدين العام الاجمالي الى 71,5 مليار دولار، بنهاية ايار الفائت، اي ما يزيد عن اجمالي الناتج المحلي المقدر، وفقا لاحصاءات البنك الدولي، بـ 47,103 مليون دولار في الـ2016.
بحجة عبء النزوح السوري، وبهدف ترقيع البنى التحتية المتهالكة او قصورها، وقعت الحكومة اللبنانيّة مع "البنك الدولي"، في شهر تموز الماضي، اتفاقيّة اقراضية جديدة للسنوات 2017 – 2022، بقيمة اقصاها 2 مليار دولار أميركي، وذلك لتنفيذ مشاريع تشمل تلبية الحاجات الأساسيّة، خلق فرص عمل، توسيع البنى التحتيّة، وخدمة كافة القاطنين/ات فوق الأراضي اللبنانية (مواطنين/ات ونازحين/ات)، بحسب ما جاء في بيان المؤسسة الدولية. تعنى الاستراتيجيّة المقترحة بعدد من القطاعات ابرزها: الخدمات (مياه وبيئة ونقل وبلديات)، التعليم، الصحة، الضمان الاجتماعي، وخلق فرص عمل عبر تحسين مناخ الأعمال (من خلال تحسين المعاملات الإداريّة، ومكافحة الفساد، وتطوير السياسات الضريبيّة). في مقارنة سريعة مع الاستراتيجية للاعوام 2011-2014، يتبين تركيز السابقة، ايضا، على كثير من المحاور المذكورة اعلاه، اي: البنية التحتية الاقتصادية (الكهرباء، المياه، النقل، البيئة وإدارة النفايات، والتنمية المحلية، بيئة أعمال تنافسية)، علما ان وضع البنى التحتية منذ ذلك الحين، لم يتحسن، بل على العكس، يزداد سوءا يوما بعد يوم.
بالعودة الى الاتفاقية الجديدة، يمكن ملاحظة، ان 50 مليون دولار فقط، خُصص لخلق فرص عمل مباشرة جديدة عبر القطاع الخاص، اي ما يوازي 2.5% من اجمالي قيمة البرامج، وذلك على الرغم من الاهمية القصوى لذلك المحور، خصوصا مع تزايد حجم البطالة، نتيجة لحالة عدم الاستقرار السائدة حاليا. اما المشاريع الاخرى والتي استحوذت على باقي الاموال، فالكثير منها يصب اساسا في تعويم الخدمات الاجتماعية والعامة، ولا تعنى الا بشكل غير مباشر بشؤون النازحين/ات. الى جانب اتفاقيته مع البنك الدولي، نذكّر ان لبنان حصل ايضاً على قروض اخرى في اطار "برنامج تسهيلات التمويل المُيسَّر"، وهو مبادرة دولية "لمعالجة اثار ازمة اللاجئين/ات السوريين/ات"، خُصص بموجبها نحو 340 مليون دولار لتمويل أول مشروعين في الأردن ولبنان.
ختاما، يتبيّن جليا، ومرة جديدة، فشل السلطة السياسية في اجتراح الحلول المناسبة للمشكلات الكثيرة والمعقدة التي يعاني منها لبنان، واستمرارها في مسلسل الاستدانة الفاشل، علماً ان البلد يزخر بثروة مالية طائلة، تقدر بــ188 مليار دولار، محبوسة في ودائع مصارفه. في كل الاحوال، ربما بقيت الاتفاقية الجديدة مع البنك الدولي حبرا على ورق، في حال استمرار الازمة السياسة الحالية، التي تعيق امكان اقرار اي اتفاقات دولية وتنفيذ اي مشاريع اقتصادية او اجتماعية تعنى بشؤون المواطن/ة.