أربعة أشهر انقضت، ولا يزال مشروع تعديل قانون الجنسية الحالي قابعا في أدراج الحكومة، بعد عجز المسؤولين عن الإيفاء بتعهداتهم وطرحه للنقاش في مجلس الوزراء قبل موعد الإنتخابات النيابية.
أربعة أشهر، ولا يزال التعديل رهينة لأزمة التكليف الحكومية التي تمر بها البلاد، والتي نأت بالسياسيين عن الحركات المطلبية للمواطن وشغلتهم بدوامة الأسماء والمناصب.
أربعة أشهر، وما يعرف بالإجراءات الإدارية والقانونية اللبنانية تعمل على تقويض استقرار الأسر، وتثقل كاهلها بالرسوم والنفقات وإجازات العمل، وتأمين كفيل..وإلاّ فمغادرة البلاد التي ولد ونشأ فيها المواطن اللبناني "الأم" والأجنبي الوالد.
منذ انطلاقتها، أخذت حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" على عاتقها متابعة الحالات التي تردها من قبل الأسر التي تلجأ إليها طلبا للاستشارات القانونية من "الوحدة القانونية" التابعة للحملة، والتي تكشف حجم الصعوبات والتعقيدات الإدارية والقانونية الحالية التي يعاني منها أفراد اسر النساء اللبنانيات ومنها حالة الشاب خالد.
الشاب خالد فلسطيني الجنسية ويحمل – وثيقة لجوء سورية، نشأ في رعاية والدته اللبنانية بعد وفاة والده، وهو الآن مهدّد بالانسلاخ عنها، بحجّة أنّه "أجنبي"على الأراضي اللبنانية، وبالتالي عليه الخضوع لشروط وقوانين كي تصبح إقامته "شرعية".
بدأت مشكلة الشاب خالد عند استحقاق تسوية إقامته عبر تجديد جواز الإقامة بصورة شرعية على الأراضي اللبنانية.
حتى أيار 2009، كان الشاب خالد يتعهد لدى كاتب العدل بعدم مزاولة أي عمل على الأراضي اللبنانية، كي يحصل على إقامة سنوية مدفوعة صالحة لغاية 25 أيار 2009، كونه لم يعد ينطبق عليه شروط الحصول على إقامة المجاملة التي تُمنح لأبناء وبنات الأم اللبنانية بسبب تخطيه سن الرشد.
في 1 تشرين الأول 2008، غادر خالد لزيارة شقيقه في سوريا، وعاد في 8 – 10- 2008 بتأشيرة وتصريح من قبل الأمن العام مدون على جواز سفره، ليأتي الأمن العام اللبناني في هذه الفترة تحديداً لإجراء استقصاء وتحرّي للتأكد من عدم مزاولته أي عمل.
وقد بدأت معاناة خالد الفعلية مع الدوائر الرسمية في شهري شباط/آذار 2009 ويمكن سردها بحسب الوقائع التالية:
● في شباط 2009 قام الأمن العام التابع لمنطقة الجديدة بسحب إقامته وجواز سفره، لأنهم "شككوا" بممارسته عملاً ما على الأراضي اللبنانية، كونه لم يكن في منزله حينها.
● أعاد الأمن العام لـخالد جواز سفره، مع إبقاء إقامته محتجزة، وطلبوا منه تدبير كفيل حتى انتهاء إقامته أي في 25-5-2009
● قدم خالد بطلب استرحام للأمن العام بغية تجديد إقامته ونقل معاملته الى امن عام البرج وذلك قبل انتهاء مدة نهاية صلاحيتها، أي في منتصف أيار 2009.
● حصل خالد من الأمن العام على وصل، يشير إلى أن معاملته تتبع الإجراءات الإدارية ، ولديه مهلة شهرين عليه أن يدبر خلالها كفيلاً، وإلا فعليه مغادرة البلاد.
● بعد انتهاء مهلة الشهرين، أي في تموز/يوليو، ولعدم تمكن خالد من تأمين كفيل عمل، ذهب لمراجعة الأمن العام، لإطلاعهم على ذلك، والالتزام بالقرار، ألا وهو ضرورة مغادرة البلاد. ولكن المفاجئ ان الأمن العام قام بإبلاغه، بأنه قد تم إصدار قرار بمنعه من السفر، إلا بعد دفع غرامة مالية كبيرة وبراءة ذمة من وزارة العمل وإذا ما سافر فلن يسمح له بالعودة إلا عن طريق كفيل عمل.
وهنا بدأت جولة جديدة من التعليمات والتي كانت تتغير من مرة إلى أخرى:
● في آب 2009 تقدم خالد بطلب استرحام لمنحه إذن سفر والسماح له بالعودة لعله بعد دخوله يقبل إعطائه إقامة على اسم والدته.
● بعد شهر من تاريخه، وصل الرد على طلب الاسترحام، يطلبون فيه مغادرة البلاد على أن لا يتم ذلك إلا بعد أن يتوجه الى وزارة العمل ويدفع الغرامة المتوجبة، ليحصل على براءة ذمة ويدفع 200,000 ل.ل. وعلى ضوء ذلك، يتوجه إلى الأمن العام ليدفع 400.000 ل.ل. وبعدها يمكنه مغادرة لبنان، على أن لا يعود، إلا بعد أن يؤمن كفيل آو رب عمل ليحصل حينها على إقامة عمل، مع العلم ان هذه الغرامة المالية قد فرضت عليه عن الأيام التي كان يقيم فيها بعد انتهاء مدة إقامته بانتظار البت بقضيته من قبل الأمن العام !!.
كل هذه التعليمات فرضت على الشاب خالد، مع العلم أنه لم يكن أصلاً يزاول أي مهنة على الأراضي اللبنانية، وكان يلتزم بكل توجيهات وقرارات الأمن العام، فعلى أية أسس موضوعية يجد نفسه مجبراً دفع غرامة لشيء لم "يقترفه" وعمل لم يزاوله؟ ولماذا يتحمل مسؤولية دفع غرامة التأخير إذا كانت المماطلة تتم من قبل الجهات الرسمية المعنية، كون الملف بحوزتهم والمعاملات تسير وفق تعليماتهم؟ ولماذا تفرض عليه هذه الشروط "التعجيزية" لأن الجميع في لبنان يعلم صعوبة تدبير كفيل لأن ما من رب عمل يرضى بتوظيف حاملي الجنسية الفلسطينية بوثيقة لجوء صادرة من سوريا، بسبب تخوفهم من الالتزام بمثل هذه الحالة والخضوع لكل الإجراءات الرسمية الواجب إتباعها من كل من وزارة العمل والأمن العام .
في سياق سعيه لتدبير أمر إقامته بصورة شرعية على الأراضي اللبنانية، وحرصاً منه على عدم ترك أمه وحيدة كونه يتيم الأب، طرق الشاب خالد باب مكتب وزارة الداخلية انطلاقا من معرفته بتاريخ معاليه في النظر بعين إنسانية إلى مثل هذه الحالات، وجهوده المستمرة لتعديل قانون الجنسية، ففوجئ بعدم التعاون، على الرغم من علم موظفي المكتب بقرب انتهاء المهلة الزمنية الممنوحة للشاب لتسوية وضعه.
من هنا، تتوجه "حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي" بهذا الكتاب المفتوح إلى معالي وزير الداخلية والبلديات الأستاذ زياد بارود لتعرض حالة الشاب خالد، راجية تسوية أوضاعه بما يتناسب مع التزام الوزير بارود المبدئي بأهداف حملة الجنسية علما بان لدى الحملة العشرات من الحالات التي تعاني من أوضاع مماثلة.
حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي"
الثلاثاء، 13 تشرين الأول/أكتوبر 2009