جدل بيزنطي خلال مؤتمر "حق العمل للفلسطينيين" وغياب الاتفاق على الحلول

نظمت "لجنة عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان" مؤتمراً تحت عنوان "حق العمل: اشكاليات وحلول" في فندق ريفييرا برعاية وزير الاعلام طارق متري. وقد طرحت خلال المؤتمر الإشكاليات التي يواجهها العامل الفلسطيني في سوق العمل اللبنانية، شُرحت القوانين التي تميّزه عن باقي العمّال الأجانب الموجودين في لبنان، وعرضت مواقف الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني من هذه القضية. واعتبر متري في كلمته أن الفلسطينيين يعانون تمييزاً مزدوجاً، فهم من جهة أولى يعاملون على أساس أنهم أجانب، ومن جهة أخرى يتم استثناؤهم من بعض الحقوق التي يحصل عليها العرب مثلاً كحق التمليك. كما اسف متري في معرض حديثه عن الفقرة المتعلقة بالحقوق الفلسطينية في البيان الوزاري لأنها " لا تستخدم مصطلح الحقوق المدنية بل مصطلح الحقوق الإنسانية". وطالب الممثل الإقليمي لمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، فاتح عزام، الدولة اللبنانية بوضع صيغة قانونية خاصة بالفلسطينيين لا تخضعهم للقوانين الأخرى التي تنظم الإقامة والعمل للأجانب لأن اللاجئ في لبنان ليس أجنبياً مثله مثل أي أجنبي آخر طارحاً الجمهورية العربية السورية، التي " سجّلت أفضل أداء بالنسبة للفلسطينيين اللاجئين إليها، اذ ساوتهم بمواطنيها ولم توطّنهم كما فعل الأردن"، مثالآً يمكن للبنان الاحتذاء به.
وفي السياق عينه، تحدث ممثلوا الأحزاب السياسية - القوات اللبنانية، المستقبل، حزب الله، امل، الحزب التقدمي الاشتراكي، في ظل الغياب اللافت للتيار الوطني الحر- معبرين عن دعمهم للقضية الفلسطينية ومقرين بمشروعية حق العمل للاجئ الفلسطيني وبالاجماع. لكن هذا الاجماع السياسي حول العنوان العريض للمؤتمر لم ينسحب على النقاشات التي تلت المداخلات الرئيسية والتي تمحورت حول الاشكاليات التفصيلية والاقتراحات للحلول اذ ساد نوع من الجدل "البيزنطي" في قاعة المؤتمر وبدا ان كلٌ يغني على ليلاه، طرفٌ يطالب بالفصل بين العمل المنظم والعمل غير المنظم، آخر يرفض تجزئة الحق، وثالث يطالب السياسيين بالتوقف عن المزايدة والاختباء خلف الخطاب المزدوج والذهاب الفوري نحو التشريع في المجلس النيابي ووضع حق العمل للاجئين الفلسطينيين حيز التنفيذ. وفي المحصلة، ساد جو من خيبة الأمل عبر عنه اكثرية المشاركين اثر فشل المؤتمر في صياغة مقترحات جامعة حول الموضوع، مما يستوجب اعادة النظر في مدى فعالية هكذا مؤتمرات وقدرتها على التأثير في السياسات العامة للدولة ، خصوصاً في ظل استمرار التجاذبات السياسية. ولعل الكتاب الذي صدر عن وزارة العمل الأسبوع الماضي، والذي حصر الوزير بطرس حرب من خلاله عدد من الأعمال والمهن باللبنانيين دون سواهم والذي كرر استثناء الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية، يبقى خير دليل على عدم فعالية مثل هذه المؤتمرات، وعلى ان تلك الحقوق الانسانية الاساسية لا تزال في نقطة الصفر وبحاجة الى ايجاد قوانين لحمايتها.