نشرت "السفير" تحقيقاً بتاريخ 8 آب 2011 عن دور ووظيفة وزارة الشؤون الاجتماعية ودورها في التنمية الاجتماعية الحقيقية، كشفت فيه ان وزارة الشؤون تدفع ما مجموعه مئة وعشرين مليار ليرة لبنانية إلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية، من أصل موازنة قدّرت للعام 2011 بمئة وخمسة وستين مليار ليرة لبنانية، مؤكدة ما هو معلوم للجميع وهو أن تلك الحصص تحدد سلفاً بناء على توزيعات طائفية. وبنتيجة ذلك، تستحوذ المؤسسات الرعائية على 72 في المئة من موازنة وزارة الشؤون، وهو رقم ليس خاصاً بموازنة العام 2011 فقط، وإنما انسحب على مجمل موازنات الوزارة منذ إنشائها وحتى اليوم.
ورأى التقرير ان مستحقات مؤسسات الرعاية غير قابلة للمس وبذلك لا يبقى للوزارة بعد اقتطاعها سوى خمسة وأربعين مليار ليرة من موازنتها، تدفع الأخيرة منها حوالى مليار ليرة لبنانية لجمعيات أخرى تعمل على أساس العقود المشتركة مع الوزارة.
وافاد التحقيق انه بعد اقتطاع رواتب الموظفين والمتعاقدين والأجراء وتعويضاتهم العائلية وكلفة النقل والصيانة والمياه والكهرباء والاتصالات وسواها من المصاريف المتفرقة لا يبقى للعمل الاجتماعي الرسمي إلا حوالى ثلاثين مليار ليرة أي 18% من مجموع الموازنة.. علماً أن الاموال المرصودة لمشاريع انمائية صغيرة، كتنفيذ جدران الدعم والأرصفة التي تموّلها الوزارة، والتي تتخذ طابع التنفيعات والمحسوبيات، لا تقلّ عن مليار ليرة سنويا.ً
كذلك يتبين من التحقيق ان ما يتبقى من موازنة الوزارة، يُوزّع في اكثريته على تغطية نفقات مراكز الوزارة، ومشاريع اجتماعية مختلفة، ومخيمات عمل تطوّعي، بالإضافة إلى مخصصات المجلس الأعلى للطفولة.
والجدير ذكره ان عدد المراكز الاجتماعية التابعة مباشرة لـ"الشؤون" أو تلك التي تدار بالشراكة مع المجتمع المدني، يبلغ بحسب "السفير" نحو مئتين وعشرين مركزاً. وقد شهدت مراكز الخدمات في الفترة الاخيرة "طفرة" في التفريع غير مسبوقة في عهد الحكومة السابقة، ليتبين أن مقدرات بعضها لا يتجاوز طاولة وثلاث كراسي وركوة القهوة، مع بعض التوظيفات، والمحسوبيات. كما ان الرواتب في إثنين وثلاثين مركزاً منها لم تدفع منذ فترة طويلة.
كما يكشف التحقيق أن نسبة الشواغر الوظيفية في الوزارة تصل إلى 70 في المئة، وعلى رأسها مركز المدير العام الشاغر منذ العام 2005، ومواقع سبعة رؤساء مصالح من أصل إثنتي عشرة مصلحة تتكون منها هيكلية الوزارة الوظيفية. وتكفي هنا الإشارة إلى النقص الحاد في العاملين الإجتماعيين والمراقبين الذين يشرفون على عمل المؤسسات، ومن بينها المؤسسات الرعائية، لتُعرف وتيرة سير العمل فيها وكيفيته.
ويختتم التحقيق بالتساؤل التالي: من أين تأتي وزارة الشؤون بالمال لتنفّذ استراتيجيتها الإنمائية، ولكي تخرج من تصنيفها الشائع بين المتابعين للشأنين المعيشي والاقتصادي العام، بأنها مجرد "صندوق بريد"، تدفع عبره الدولة المستحقات المقرّة للقيمين على الطوائف، ممثلين بجمعياتهم؟
وحول اوضاع وزارته، اوضح وائل ابو فاعور لصحيفة "السفير" أن الصورة ليست سوداوية إلى هذه الدرجة، معتبراً أن تفاؤله مبني على أمله بأن تستجيب الدولة، والحكومة ووزارة ماليتها بشكل خاص، لاقتراحه بمضاعفة موازنة وزارة الشؤون للعام 2012. واردف ابو فاعور قائلا: "وإلا نعم، ستبقى وزارة الشؤون مجرد صندوق بريد"، مؤكداً على أنها "حتى اللحظة، ليست وزارة للتنمية الاجتماعية".