تنشر "مجال" الحلقة الثانية من ملخص نتائج دراسة برنامج MILES الذي اعدها البنك الدولي بالتعاون مع وزارة العمل، والتي تناولت خمسة مكونات: السياسات الاقتصادية التي تشجّع الاستثمارات في قطاعات ذات قيمة مضافة، مناخ الاستثمار، تنظيم سوق العمل ومرونة الموارد، نظام التعليم، وسياسات الحماية الاجتماعية، والتي نشرت بدورها في جريدة "الاخبار". تغطي هذه الحلقة ابرز نتائج الدراسة المتعلقة بسوق العمل. (راجع الحلقة الاولى في مجال عدد 96)
سوق العمل: بطالة المتعلمين
اشارت الدراسة الى ان لبنان يواجه مشاكل بنيوية تمنع خلق فرص عمل كافية، وبالتالي يجب وضع سياسات تدخّل حيث يجب. فعلى سبيل المثال، يجب تحسين أداء التأمين الصحي الاجتماعي (التقديمات الاجتماعية من تقاعد، تغطية صحية، البطالة) لتخفيف كلفة العمل، وإعادة تمويل هذه التقديمات من الخزينة العامة، ثم الاستثمار في تحسين نوعية خدمات التوظيف بمشاركة القطاع الخاص، وتحسين مستوى الإنتاجية وإعادة توزيع الثروة.
اظهرت بيانات الدراسة أن نصف القوى العاملة عاطلة من العمل أو تعمل في السوق الموازية (غير النظامية)، وأن معدلات البطالة الأعلى تقع ضمن فئة متخرّجي الجامعات، حيث تبلغ 14% للرجال، و18% للنساء. هذا يعني أنه كلما تعلّم الشخص في لبنان، تعرّض اكثر للبطالة او للهجرة، أي ان الطلب على العمالة يتركّز في أعمال لا تحتاج إلى مهارات عالية أو تعليم. وتؤكّد النتائج أن 47.8% من القوى العاملة تتركّز في خدمات ذات قيمة متدنية (بيع بالجملة، صيانة الآليات، النقل والتخزين، الإقامة وخدمات الأكل، نشاطات عقارية) وغير ماهرة، فيما 9.4% فقط يعملون في أعمال ذات قيمة إنتاجية مرتفعة (المعلوماتية، التأمين والقطاع المالي، نشاطات علمية وتقنية للمحترفين).
أما العمالة في السوق الموازية، فهي غير ماهرة، وتتركّز في الإنشاءات والزراعة والصناعة، إذ يوجد 63% من العمال الزراعيين غير مصرّح عنهم، و55% من عمال الصناعة، و76% من عمال البناء، و49% من العاملين في القطاعات ذات القيمة المرتفعة.
ومن خصائص سوق العمل في لبنان، بحسب الدراسة، أن البحث عن العمل بالنسبة إلى الوافدين الجدد يُعدّ عملية طويلة، اي ان المعدل الزمني لإيجاد العمل لحاملي شهادات ابتدائية يصل إلى 3.8 سنوات، و2.2 سنة لحاملي شهادة ثانوية، و1.5 سنة لحاملي شهادة جامعية. وكشفت الدراسة ايضا ان المدة الزمنية للبطالة تعتبر طويلة وتصل إلى 1.36 سنة لمن أعمارهم أقل من 35 عاماً و2.3 سنة لمن تزيد أعمارهم على 35 عاماً، علماً بأن أكثر وسيلة لإيجاد العمل هي عبر المعارف الشخصية (80%).
وتعدّ أجور النساء والعاملين في السوق الموازية أقل بنسبة 11% لكل منهما، فيما رواتب العاملين في القطاع الزراعي أقل بنسبة 15%. واللافت من النتائج أن 40% من العاملين هم في مراكز لا تتناسب مع مهاراتهم، فيما يرغب ثلثهم في تغيير وظائفهم، فيما 48% من الرجال العاملين في السوق الموازية يرغبون في تغيير وظائفهم. أما الذين يعملون لحسابهم الخاص، فهم مكتفون بأعمالهم، باستثناء النساء غير الماهرات، الراغبات في تغيير وظائفهن.
وتمثّل الاستقلالية الحافز الأساسي للعمل الخاص، فنحو 64% من العاملين لحسابهم الخاص قالوا إن الاستقلالية هي المحفّز، فيما قال 21% إن السبب هو رفع مستوى الدخل. علماً بأن سبب الرغبة في التحوّل إلى العمالة الرسمية المصرّح عنها هو الاستقرار والأمان الوظيفي، ثم الحصول على التأمينات الاجتماعية. ومن المهم الإشارة إلى أن 63% من الراغبين في تغيير عملهم لا يجدون وقتاً للبحث عن عمل جديد، و17% منهم فقط بحثوا عن عمل لكنهم لم يتمكنوا من إيجاد عمل جديد. عدم إيجاد العمل يعود بشكل رئيسي لعدم وجود فرص عمل جديدة، بحسب ما قال 35% من العاملين، الذين حاولوا تغيير وظائفهم.
وخلصت الدراسة الى ان 19000 وظيفة هو عدد فرص العمل المطلوب سنوياً خلال السنوات العشر المقبلة من أجل استيعاب الوافدين الجدد إلى سوق العمل، أي أنّ على الاقتصاد خلق 5 أضعاف المعدل الحالي لفرص عمل، والبالغ 3400 فرصة جديدة سنويا.