اطلق المكتب الإقليمي للدول العربية لمنظمة العمل الدولية دراسة جديدة خلال ورشة عمل عقدت تحت عنوان "معلومات سوق العمل في لبنان"، وفي إطار مشروع عنوانه "دعم خدمات التوظيف العامة في لبنان، وتعزيز قدرات المؤسسة الوطنية للاستخدام". والدراسة التي تحمل عنوان: "استعراض وتقييم معلومات سوق العمل في لبنان"، هي من انجاز منظمة العمل الدولية ومؤسسة البحوث والاستشارات وممولة من الوكالة الكندية للتنمية الدولية. هدفت الدراسة الى وضع نظام معلومات أوسع حول سوق العمل ومن ثم تحديد الجهود اللازمة لمعالجة نقاط الضعف والثغرات التي تم تحديدها من خلال المعلومات المتاحة.
وقد بينت الدراسة أن القسم الأكبر من المعلومات المتوفرة حول سوق العمل في لبنان يفتقر إلى التماسك والدقة على حد سواء. وهو ما يفسّر حجم الاستعصاء الذي يطبع السوق اللبناني، والذي يجد تعبيره في أمواج الشباب الباحثين عن عمل في الخارج من ناحية، وفي جيوش العاطلين عن العمل في الداخل، من ناحية ثانية.
شملت معلومات سوق العمل عدة اوجه: أوضاع سوق العمل عامة، بيانات عن العمالة والبطالة، خصائص العرض في سوق العمل، الاتجاهات وآليات العرض والطلب، توقعات العرض والطلب، الفرص في سوق العمل، المعلومات حول موارد التعليم والتدريب، وأخرى ذات صلة بمقررات سوق العمل.
يبدأ الجزء الأول من تقرير الدراسة بتحديد خصائص القوى العاملة في لبنان، مقدما مؤشرات عامة تستند في معظمها على المسح الأسري للظروف المعيشة التي قامت به إدارة الإحصاء المركزي في عام 2004.
وتشير الدراسة إلى أن اجمالي عدد السكان النشطين في لبنان بلغ في 2004، 1.2 مليون نسمة بمعدل عام مقداره 44 في المئة، 68 في المئة للذكور و20 في المئة للاناث، خالصة إلى أن نسبة البطالة كان بحدود 7.9 في المئة.
يقدم القسم الثاني من التقرير موجزا لنموذج القياس الكمي لعرض العمل والطلب الذي يهدف لتقييم وضع معلومات سوق العمل في كل فئة من الفئات التي تشكل العرض والطلب في سوق العمل اللبنانية، بغية تطوير قاعدة المعلومات.
أمّا القسم الثالث والأخير من التقرير، فيتضمن جدولاً بتصنيف العوائق المتعلقة بالبيانات غير المتوفرة أو غير الصالحة للاستعمال والتي تم تحديدها في الاقسام السابقة من التقرير. يشمل هذا الجدول تقييم لنوعية معلومات سوق العمل المستخدمة في القسم الأول والثاني من الدراسة مستندا الى أربعة مؤشرات رئيسية هي: التكرار، توافر المعلومات وسهولة الحصول عليها واخيرا درجة التطابق/الثبات.
واشارت الدراسة إلى أن 50.7 في المئة من اليد العاملة اللبنانية تعمل في قطاعات الخدمات، و20 في المئة في القطاع التجاري. وتلاحظ ان الديناميكيات الأساسية للعمالة في لبنان خلال السنوات الأخيرة، اتسمت بتسجيل خسائر ملحوظة في الوظائف على مستوى قطاعي الزراعة والصناعة، في مقابل تنام ملحوظ للعمالة في قطاعي التجارة والخدمات.
وخلصت الدراسة إلى عدة استنتاجات رئيسية:
1- يتميز العرض على العمل بارتفاع حصة التخصصات العلمية بين طلاب الجامعة بالترافق مع اطار جغرافي واسع لسوق العمل من وجهة نظر الباحث عن عمل. في الواقع، يعتبر ذلك ميزة غير عادية في سوق العمل اللبنانية إذ أن اليد العاملة لا يتم استيعابها فقط في السوق المحلية وإنما تصدر ايضا الى بلدان المنطقة وغيرها من الأقطاب الدولية التقليدية للهجرة، والدلالة على ذلك ارتفاع الميل نحو الهجرة.
2- تشكل جودة التعليم مشكلة تحتاج لمعالجة لا سيما في حالة التعليم الأساسي والتقني.
3- يتميز الطلب على العمل بالحصة الكبيرة التي تستأثر بها المشاريع الصغيرة والصغيرة جداً المحدودة إمكانات النمو، والتي تستوعبها ايضا نشاطات تجارية بسيطة غير قابلة للتطوير، كما تتسم بحد متدني من الاندماج العمودي/التكامل الرأسي.
4- تكمن الثغرة ما بين العرض والطلب في الكمية والهيكلية على حد سواء، والناجمة أساساً عن عدم تطابق ما بين تزايد عرض اليد العاملة المتعلمة وبنية اقتصادية غير متطورة تتكون أساساً من المؤسسات الصغيرة والصغيرة جدا (91%) ومن الشركات التي توظف أقل من 4 عمال وتتميز بالعمليات البسيطة المتكررة أساساً وقلة الاندماج العمودي/التكامل الرأسي. وهذا يعني أن بدلا من تصدير المنتجات والخدمات المتخصصة، يميل لبنان إلى تصدير اليد العاملة المتخصصة التي تولد عائدات قليلة لاقتصاده، باستثناء التحويلات المالية الضخمة التي يرسلها المهاجرون إلى أسرهم.
5- تعتبر مختلف مصادر المعلومات حول الطلب على العمالة والعرض جزئية مع غياب لآليات تنسيق جمع المعلومات وتحليلها.
6- لا تزال العمالة غير الرسمية شائعة في حقلي المنشأة الاقتصادية واشكال سوق، اذ تقدر مؤسسة الدراسات والبحوث، ان 40% من العاملين في لبنان غير مسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
7- اخيرا تتسم سوق العمل في لبنان بالهوة الكبيرة والمستقرة نسبياً لناحية مشاركة كل من الجنسين في القوى العاملة.