في قضية تصحيح الأجور: دولة المواطن/ة مقابل دولة المزرعة

منذ أكثر من ثلاث شهور والجهات السياسية والإقتصادية ومجلس شورى الدولة "تتقاذف" ملف تصحيح الأجور. وبين موافق ومعارض ومتحفظ، ينتظر المواطن/ة أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها تجاه حقوقه/ها بما يتلاءم مع حاجاته/ها الصحية والإجتماعية والإقتصادية، والتي تتخطّى في أبعادها موضوع تصحيح الأجور فقط.

وإنطلاقاً من الواقع السياسي والمعيشي البائسين، نستغرب الحملات التي تشن لنسف أي محاولة للتعاطي بشمولية بموضوع الحقوق الإجتماعية، ولإسقاط تلك الطروحات الهادفة إلى الخروج من هذا الواقع والتي مثّل آخرها مقاربة وزير العمل شربل نحاس لتصحيح الأجور.

يعمل فريق "المواطنة الفاعلة والحقوق الإجتماعية" منذ أمد على تعزيز الفهم لقضايا المواطنة والحقوق الإجتماعية من خلال البحوث والنقاشات الميدانية واللقاءات الحوارية مع المنظمات المدنية والشبابية و النسوية. وذلك بهدف تعزيز حق المواطن/ة في التعليم المجاني والإلزامي، التغطية الصحية الشاملة، في إطار تكافؤ الفرص والأمان الإجتماعي للجميع. وعليه، يرى الفريق أن مقاربة الوزير نحاس تشكل إختراقاً بارزاً لنمط التعاطي مع قضايا حقوق المواطن/ة الذي دأبت عليه حكومات لبنان منذ الإستقلال، والذي أثبت فشله.

إن مقاربة وزير العمل الحقوقية الجديدة والجريئة لتحسين المعيشة، يمكن أن تشكّل جزءاً من إستراتجية شاملة لتأمين الحقوق الإجتماعية للمواطن/ة، إذ أنها لا تكتفي باقرار تصحيح الرواتب، بل تتعدى ذلك إلى إعادة توزيع الثروة الوطنية المركّزة لدى فئات إقتصادية محدودة، من خلال إعادة النظر بالسياسات الضريبية لجعلها أكثر عدالة، وتعميم الرعاية الصحية على الجميع. وفي هذا السياق، تقترح مقاربة نحاس إلغاء فرع الضمان الصحي وتسوية نهاية الخدمة، وتحويل المضمونين و المضمونات الى وزارة الصحة من ضمن سياسة صحية شاملة، وإعتماد نظام للشيخوخة، مما يخفض على أصحاب و صاحبات المؤسسات نحو 12 % من اشتراكات الضمان.

إن إسقاط مقاربة نحاس لتصحيح الأجور، وفي حال حصوله، يعد نجاحاً للتجاذبات السياسية الحاصلة في البلد والتي لا تزال تتحكم برقاب المواطن/ة المعيشي وحقوقه/ها الإقتصادية والإجتماعية. وهنا نتساءل هل المطلوب إبقاء المواطنين/ات رعايا لمرجعيات طائفية وتشكيلاتها السياسية التي تعمل على الإستمرار في تقويض الدولة، وتحول دون حصولهم/ن على حقوقهم/ن الإجتماعية، من الدولة مباشرةً ومن دون وسيط أياً كان نوعه.

في الختام، لا بدّ من التأكيد على ضرورة إعتماد المقاربة الشاملة وليس الجزئية لقضايا الحقوق الإجتماعية، بعيداً عن المحاصصة وتحقيق الإنتصارات الفئوية لكل فئة سياسية أو وزارة على حدى. وفي هذا السياق يدعو فريق "المواطنة الفاعلة والحقوق الإجتماعية" كافة المنظمات المدنية العاملة على موضوع المواطنة والحقوق الإجتماعية إلى التكاتف والتحرك معاً من اجل بلورة مواقف مشتركة للدفاع عن حقوق المواطن/ة الإجتماعية كسلة متكاملة ومن دون أي تفريط أو تجزئة.

فريق عمل المواطنة الفاعلة والحقوق الاجتماعية

بيروت في 12 كانون الثاني2012