مرسوم المعوقين... لتغليب ثقافة الحقوق

صدر، أخيراً، مرسوم تطبيقي جزئي للقانون 220 /2000 الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة. المرسوم خطوة الألف ميل للتعامل مع المعوقين، وإذ ينص على تقيّد المباني بالمعايير الهندسية، يشمل تلك التي لا تزال قيد الإنشاء فقط
ربى أبو عمو

وصلت رئيسة اتحاد المقعدين سيلفانا اللقيس إلى أحد فنادق الحمرا. وجدت منحدراً حديدياً يساعدها على صعود الرصيف بكرسيها المتحرك، لكنها عجزت عن استخدامه لأنّ سيارة تاكسي تابعة للفندق قررت التوقف عنده. اضطرت اللقيس إلى الاستعانة بأحد المارة. في الفندق، بحثت عن مرحاض، لكنها لم تستطع دخوله بسبب ضيق المساحة! راودها سؤالٌ واحد: هل سيأتي اليوم الذي أتمكّن فيه من العيش باستقلالية مثل باقي المواطنين؟
كتبت اللقيس قصتها هذه على صفحتها على «فايسبوك».

لم تعمد إلى استجداء عطف تحاربه منذ سنوات، بل التوعية على أهمية الدمج والتعاطي مع المعوّقين كأصحاب حق. تندرج قصتها ضمن يوميات تواجه الكثيرين، وتأتي تتمة لنضال سنوات أفضى أخيراً إلى صدور مرسوم تطبيقي جزئي شمل المادة 34 من قانون 220/ 2000. لا يحلّ المرسوم جميع مشاكل ذوي الحاجات الخاصة، لكنه يحجز مساحة لهم، وإذ تشير اللقيس إلى أهمية المرسوم كخطوة أولى نحو مزيد من الخطوات، فإن مرور 12 عاماً تشي بحقيقة واقع ودولة لا تصنّف هذه الحاجات أولويات. ويلفت مستشار الاتحاد عن قوانين البناء المتعلقة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بشار عبد الصمد إلى أزمة ثقافية حقيقية، تكمن في التعامل مع المعوقين من منطلق رعائي لا حقوقي.
ينص المرسوم على تقيّد جميع المباني ذات الملكية الخاصة والعامة المخصصة للاستعمال العام بمعايير هندسية محدّدة تشمل المنحدرات، الممرات، مواقف السيارات، السلالم، المصاعد، الأبواب والمداخل، تسمح لذوي الحاجات الخاصة باستخدامها بسهولة ومن دون الاستعانة بأحد.
كذلك تنص المادة الرابعة من المرسوم على توفير وحدة سكنية على الأقل، مخصصة لاستعمال الأشخاص المعوقين لكل 20 وحدة سكنية، في المشاريع السكنية ومباني سكن الطلاب، ووحدات في الفنادق والمؤسسات السياحية بنسبة 5 % من عدد وحدات المشروع، وإلزامية تأمين الحمامات في كل طبقة للجنسين، وحمام واحد على الأقل في كل طبقة لكلا الجنسين، ومواقف سيارات بنسبة واحد ونصف بالمئة من عدد السيارات الإجمالي، المفروض وفقاً لأحكام قانون البناء.
يشمل المرسوم المباني قيد الإنشاء فقط، ما يعني أن مشاكل ذوي الحاجات الخاصة ستحلّ جزئياً، مستثنية كل ما هو قديم، علماً بأن القانون 220 يشير إلى تجهيز جميع المباني القديمة. ويشرح عبد الصمد أنه بعد صدور القانون، أُمهلت البلديات 6 سنوات لتحديد لائحة بجميع هذه المباني، يليها قيام المعنيين بتجهيزها. بعدها، بدأ العمل مع نقابة المهندسين وهيئة المواصفات اللبنانية والتنظيم المدني ومجلس الإنماء والإعمار لإصدار قانون ملزم يضاف إلى قانون البناء، على أن يكون التنظيم المدني مشرفاً على مطابقة الرخص مع التنفيذ بالتنسيق مع نقابة المهندسين. هكذا، أدرك الاتحاد أن القانون لن ينفذ من دون تجزئة، فكان العمل بداية على توفير المساحات. ويلفت عبد الصمد إلى أنه جرى التركيز على «الاستفادة من صلاحيات التنظيم المدني، التي تشمل المواقف والتراجعات والمصاعد والسلالم وتحديد المنحدرات، إلخ».
بعد حرب تموز، سعى الاتحاد، بحسب اللقيس، إلى ضمان اتباع المعايير الفنية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة خلال إعادة الإعمار، مستنداً إلى دليل اتبعته شرطة «سوليدير» في وسط البلد، من دون أيّ نتيجة. وتلفت إلى أنه لم تتضمن الموازنة يوماً بنداً لتطبيق الدمج، إذ تكتفي الدولة برصد ميزانية لمؤسسات الرعاية، وإضافة إلى عدم إدراج حقوق المعوقين ضمن الأولويات، تبرز مشكلة رمي المسؤوليات، بحسب عبد الصمد.
بعد صدور المرسوم، لفتت اللقيس إلى تجاوب المعنيين في تنفيذ قانون البناء بالمعايير الفنية الجديدة، لكن عبد الصمد أشار إلى مشاكل مع أصحاب المواقف الذين يعترضون على خسارتهم مساحات لمصلحة الكراسي المتحركة!
لا ينفي عبد الصمد أن اللبنانيين يربطون توفير الحاجات بإنشاء منحدر على الرصيف فقط! لكن اقتراب موعد الانتخابات عام 2013 قد يحفز المسؤولين على اتخاذ خطوات جديدة لكسب أصوات المعوقين!

14 شباط2012