32 ألف طلب من الأسر الفقيرة تمتحن إمكان الحكومة تقديم سلّة الخدمات التي وعدت بها

إلى الآن، استقبلت مراكز الخدمات الـ 98 التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ما يناهز 57 الف طلب من الأسر اللبنانية الفقيرة من مختلف المناطق. قام فريق عمل الوزارة من محققين اجتماعيين ومتخصصين بالزيارات الميدانية وتعبئة 32 الف استمارة حتى تاريخه. تم ادخال الطلبات والاستمارات إلى قاعدة البيانات المركزية وارسل 32 الف طلب، اي ما يمثل حوالى 180 الف لبناني الى رئاسة مجلس الوزراء ليتم التدقيق بالمعلومات مع الوزارات والادارات المعنية.
هل باتت الحكومة جاهزة لخوض امتحانها في المرحلة التطبيقية للبرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً؟ وهل اعتمادها التقنيات العلمية والتدقيق ومكننة المعلومات تكسبها ثقة الناس وتبرهن صدقيتها في العمل بعيداً من التدخلات السياسية والمحاصصة بالإفادة من سلة التقديمات؟.
يعلّق مدير العمليات والمعلوماتية في البرنامج في وزارة الشؤون الإجتماعية الدكتور جان مخايل مراد على مسألتي الموضوعية والشفافية قائلاً: "إن عملية تقويم الأهلية للإفادة من المساعدة الاجتماعية هي عملية ممكننة، وبالتالي لا يوجد إمكان للتقدير الشخصي في هذه العملية".
ويذهب في كلامه شارحاً عبر "النهار" الآلية التي تنفّذ من خلالها البرنامج، "قررت الحكومة تنفيذ البرنامج من خلال اعتماد آلية تقوم على تحديد مستوى فقر الأسر من خلال تقويم الحالة الاجتماعية والاقتصادية عبر 62 مؤشراً او معلومة يصرح عنها ممثل الأسرة من دون التطرق في شكل مباشر إلى مستوى الدخل، حيث لا يعتبر الدخل في بلدنا مؤشراً جيداً لتحديد رفاهية الأسر المعيشية، وكون المعلومات عن مؤشر الدخل ليست دقيقة ومتاحة في سهولة". لذلك، "تأخذ منهجية الاستهداف أو طريقة تحديد الأهلية للافادة من المساعدات في الاعتبار عدداً من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية للأسر، تشمل موجودات الأسرة وممتلكاتها من تجهيزات منزلية وغيرها، الخصائص الاجتماعية والاقتصادية لأفراد الأسرة، الحالة الاجتماعية، التعليمية والصحية، بالإضافة إلى الخصائص السكنية، عدد افراد الاسرة، وضعية المسكن، ملكية، إيجار، ملكية اراضي الخ...".
ويتم بموازاة ذلك، وفق مراد القيام حالياً بالزيارات الميدانية للأسر والبالغ عددها حوالى 13 ألفا لاستكمال المعلومات، ليصار الى ارسال الطلبات الى رئاسة الحكومة لاحقاً. وبوشر العمل باستقبال الطلبات الجديدة من الأسر للمرحلة الثانية.
ما المعايير المعتمدة لتحديد حجم المساعدات؟
يجيب انه "بعد التحقق من المعلومات يتم احتساب (SCORE) معدل الفقر لكل عائلة من خلال معادلة رياضية (Formula) وفقاً لوزن (Weight) لكل اجابة (مؤشر)، مضيفاً انه يتم تصنيف الأسر من المعدل الأدنى للفقر الى المعدل الأعلى بناءً على الـ (Score) المحتسب لكل أسرة، ويتم تحديد الأسر المفيدة والواقعة تحت خط الفقر الادنى بحسب مستوى فقرها. من هنا، تبرز حجم المساعدة لكل أسرة فقيرة".

الخطوات التطبيقية
تقنياً، يتوقف مدير الوحدة المركزية للبرنامج في رئاسة مجلس الوزراء الدكتور رمزي نعمان عند تنفيذ الحكومة هذه الآلية، أولاً "للتأكد من صحة المعلومات وثانياً للتدقيق من ان الأشخاص لا يفيدون مسبقاً من برامج أخرى.
ويتم التأكد أيضاً من المعلومات من خلال مقارنتها مع المعلومات المتوافرة في قواعد بيانات الوزارات المعنية، وذلك ضماناً لصحة البيانات الاسرية المقدمة".
وبناءً على سلة التقديمات وعدد العائلات واحتساب معدلات الفقر لديها وبموازنة قيمتها اي 28 مليون دولار التي رصدها مجلس الوزراء لهذا البرنامج لسنة 2012، تصدر الحكومة قراراً يقضي بإفادة العائلات من التقديمات وفق الخط المحدد على ما يفيد.
علمنا أن كل عائلة ستحصل على بطاقة عند صدور اللوائح للإفادة من المشروع، فما الفائدة منها؟.
"كل عائلة تقدمت بطلب للإفادة من البرنامج، أكانت في عداد المفيدين أم لم تكن في هذه المرحلة، تحمل الرقم المؤشر الخاص بها. وهي بطاقة "ماغنتيك"، وتالياً هي المفتاح التي تخوّل العائلات الإفادة من التقديمات، لأن المواطن لن يحصل على مبالغ نقدية، إنما إذا قصد المستشفى على سبيل المثال تشرّج المبلغ المتبقي وفق تعرفة المؤسسات الضامنة كما تغطي تكلفة الأدوية للأمراض المزمنة. وينسحب هذا الأمر على وزارة التربية التي تغطي تكلفة التسجيل في المدارس والثانويات الرسمية وكذلك ثمن الكتب، بالإضافة إلى تغطيتها مبلغ 20 الف ليرة شهرياً دعما على فاتورة الكهرباء".

نجاح المشروع بقرار سياسي
32 الف طلب هي المرة الأولى التي تبادر فيها الدولة باتجاه إحصاء مشروع يمس معاناة الناس وحاجاتهم. فأصبح تنفيذ هذا المشروع جزءاً من الأجندة السياسية لعمل الحكومة. غير أن التحدي الأكبر للحكومة في رأي نعمان هو أن "نحاول قدر الإمكان أن يكون هذا المشروع خارجا من أي تأثير لبناني تقليدي، وأقصد بذلك، سياسيا، مناطقيا، طائفيا ومذهبيا، وعدم السماح للفقر في أن يكون موضوع تجاذب".
من هذا المنطلق، لا يخفي أن "ثمة أخطاء يمكن أن تحصل لجهة تضارب في المعلومات بين وزارة وأخرى، معتبراً أنها المرة الأولى نخوض فيها تجربة إحصائية على مستوى العائلات الأكثر فقراً".
وعلّق نعمان على الذين ينتقدون أن سلة التقديمات متواضعة ولا تشمل الأولويات، قائلاً: "سلة التقديمات تجسّد خدمة أساسية تطلبها الناس وتالياً تجسّد التزاماً سياسياً من كل القوى والأفرقاء السياسيين. ومع خوضنا التجربة في المشروع ستظهر معنا النتائج، وهذه السلة مرشحة لأن تتغير في شكل كلّي وفقاً للحاجات التي تبرز".
ويتوقع خلال شهر ونصف أن تكون بعض اللوائح جاهزة لدى الوزارات لتسترجع إلى مجلس الوزراء الذي يصدر قراراً فيها. عندئذٍ تباشر وزارة الشؤون باصدار البطاقات وتسليمها إلى العائلات لتفيد من التقديمات وهكذا دواليك.
وإضافة إلى مبلغ الـ28 مليون دولار الذي رصده مجلس الوزراء فقط لسلة التقديمات، "نحن في طور البحث عن تمويل جديد لاستكمال آلية المشروع".
ويجيب رداً على سؤالنا: "سبق وقلنا في إحدى جلسات مجلس النواب للأطراف السياسيين أو الجهات الحزبية بالحرف الواحد، "بدكن تساعدوا ناسكن يتفضلوا يقدموا على البرنامج، لأنه كلما إزداد عدد الناس المتقدمين كلما كانت حظوظ الناس من الإفادة أكثر".

18 نيسان2012