Saturday, 20 July 2013 - 12:00am
عندما يكون رجل يعاني اعاقة حركية نتيجة حادث عمل، اقعده وتسبب له بتقرحات بالغة في جسده، وبات يستخدم كيسا للتبول والتبرز، وبترت قدمه، وأدمن المخدرات، فهل يصح توقيفه في سجن عادي، حتى لو كان مطلوباً للعدالة وله سجل حافل بالتوقيفات.
كان الغرض السؤال عن اسباب وفاة السجين محمد غ. عن 38 عاماً، بعد نقله ليل الخميس الى "مستشفى رياق" من سجن زحلة للرجال. لتنكشف، بعد سؤالنا مصادر امنية وقانونية، وعارفيه عنه، المأساة التي قادته الى سجنه و... حتفه.
رجل "كادح جبار". هكذا وصفه الذين عرفوه عندما كان يأكل من عرق جبينه، بتشغيله جرافات يملكها. تحولت حياته جحيماً، يوم سقط من عل على ظهره، فأصيب بشلل نصفي. ظل "جباراً" حتى عندما انحرف الى رجل يخرق القانون ليتعاطى المخدرات، قاده رفاق سوء الى ادمانها في محنته. هكذا يقول عارفوه عندما تسألهم عن تعارض سجله الامني مع وضعه الصحي.
في دوامة ادمانه. تدهورت تدريجاً حاله الصحية والمادية ونوعية حياته. باع آلياته، استعطى النقود من عارفيه، ولجأ الى التهديد للحصول على مبالغ من المال، بقوة السلاح احيانا مستخدما بندقية "بومب اكشن"، قبل ان يصادرها منه الجيش. هو مطلوب ايضا باطلاق نار على دورية امنية. اوقف مرات عدة وخلـّي بسبب اوضاعه الصحية. تقرح جسمه حتى بانت عظام ظهره وحوضه، وبترت قدمه اخيرا، ادخله "صندوق الزكاة" في مسجد بلدته مرات عدة على نفقته الى المستشفى لحقنه بالدماء. واصل انحداره نحو الهاوية من دون ان يجد من ينتشله منها، فكان يتمنى لنفسه الموت لينتهي من مأساته التي اوقعته في براثن تجار المخدرات الذين كانوا يزودونه المادة، والسيارات المسروقة القديمة لقاء مبلغ لا يزيد على 200 دولار، او مجاناً بعدما استخدموه لنقل المخدرات لهم. اقام 4 اشهر لدى تاجر المخدرات عباس المصري، قبل توقيفه على حاجز للسرقات الدولية لقيادته سيارة مسروقة قبل نحو 3 اسابيع، تنقل خلالها بين سجن زحلة للرجال، وسجن جب جنين ومن ثم اعيد الى سجن زحلة.
استحصلت له عائلته، قبل 5 ايام على اطلاق سراح في قضية تعاطي المخدرات بعد تخييرها بين الموافقة بين واحد من طلبين تقدمت بهما، عرضه على طبيب السجن لنقله الى المستشفى او تخليته ، فاختارت الثانية، على ان تنقله بعد خروجه من السجن على نفقتها الى المستشفى. لم يخلَ محمد، اذ قطع له قاضي التحقيق مذكرة توقيف في قضية قيادته السيارة المسروقة، فظل قابعا في سجن غير مؤهل ليؤمن له الرعاية الصحية. كان فيه ايضا عبئاً على السجناء وعناصر حماية السجن الذين كان يتوجب عليهم حمله على كرسي لنقله بين سجن وآخر والى التحقيق. يفيد مصدر امني، ان ادارة سجن زحلة للرجال ارسلت برقية تطلب فيها نقله الى المستشفى حيث يلقى الرعاية الصحية، لكن الطلب رفض. في المقابل تفيد موكلته انها استحصلت له على اذن، الخميس الفائت، لعرضه على طبيب السجن لنقله الى المستشفى، لكن لم يتم تسلم الموافقة في السجن، ولدى اتصالها صباح امس لاستطلاع اسباب رفض تسلم الطلب فوجئت بخبر وفاته. وكان محمد قد نقل ليل الخميس نتيجة ارتفاع حرارته، الى طوارىء "مستشفى رياق" حيث توقف قلبه، على ما افادت مصادر طبية.
محمد انعتق من أسر جسمه المعوق حركيا، ومن سجن ادمانه، ولكن من يعتق مجتمع تصرف، بلا مبالات بإزاء محمد الانسان، بحسب القول الشائن:"اذا وجدت رجلا يترنح عند الهاوية، اركله"، الآن لم يبقَ سوى ان نهيل عليه التراب.
لبنان ACGEN اجتماعيات النهار حقوق