Monday, 15 July 2013 - 12:31pm
أعلن أن الضمان الاختياري يتجه نحو الإقفال وديون الدولة زادت الى 1008 مليارات
في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية القاسية بات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يشكل أبرز المتنفسات للبنانيين، فالصندوق يوفر خدمات صحية واجتماعية لنحو ثلث الشعب اللبناني، إذ بلغ عدد المستفيدين من خدماته مليون و321 ألف شخص. وأشار المدير العام في الصندوق محمد كركي الى تراجع وتيرة الانتساب الى الصندوق جراء الأزمة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد. ولاحظ أن الكثير من المؤسسات المشهود لها بالتزامها باتت تطلب تقسيط مبالغ زهيدة مترتبة عليها لا تتجاوز الخمسة ملايين ليرة.
وأشار كركي الى جهد تقوم به إدارة الضمان للإسراع في إنجاز المعاملات المتراكمة إن كان بالنسبة للمستشفيات أو المضمونين، حيث ناهز التأخر في بعض المكاتب التي تعاني من ضغط كبير السنتين، وعزا الموضوع الى النقص الكبير الحاصل في عدد الموظفين الذين بلغ عددهم نحو 1100 موظف من أصل 2050 يشكلون الكادر الأساسي في الصندوق. وقال "هذا الأمر بات على السكة الصحيحة خصوصاً بعد توظيف 180 مستخدماً جديداً وتوزيعهم على المكاتب"، لافتاً في هذا السياق الى إرسال 20 مستخدماً الى مكتب بيروت، وهذا سيسهم بشكل مباشر في تسريع إنجاز المعاملات المتراكمة في هذا المكتب".
وإذ توقع أن يذهب فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية الى تحقيق التوازن المالي في العام 2013، لفت الى أن العجز المتراكم في فرع المرض المسجل حتى نهاية 2012 بلغ 489 مليار ليرة وفي فرع التعويضات 388 مليار ليرة، وهذه المبالغ مأخوذة من فرع نهاية الخدمة.
وشكا كركي عدم التزام الدولة بسداد متوجباتها للضمان، وأشار الى أن الدين المترتب على الدولة ارتفع من 850 مليار ليرة في العام 2002 الى 1008 مليارات ليرة في العام 2012.
وفيما أكد أن لا عقبات أمام إطلاق مشروع توفير الرعاية الصحية لغير المضمونين، أعلن أن الضمان الاختياري يتجه نحو الإقفال.
وتناول كركي في حديث شامل لـ"المستقبل" معظم ملفات الضمان لا سيما تلك المتعلقة بخدمات الضمان، وأوضاعه المالية، والمعاملات المتراكمة، وتوفير الرعاية الصحية لغير المضمونين، والضمان الاختياري، وغيرها.
وهنا نص الحوار:
[ هل الضمان يلبي متطلبات واحتياجات المضمونين الصحية؟
ـ في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد، يشكل الضمان متنفساً للمواطن. واليوم أصبحنا نخدم حوالى 567 ألف مضمون، مع عائلاتهم الذين يبلغون 754 ألف مستفيد، وبذلك يكون الضمان يخدم حوالى مليون و321 ألف شخص، أي نحو ثلث الشعب اللبناني.
بشكل عام الأوضاع لا باس بها في الضمان، العام الماضي وخلال هذا العام، تم تسجيل أمرين مهمين جداً لصندوق الضمان هما: نيل الصندوق جائزة التميز في مجال المسؤولية الاجتماعية على صعيد الوطن العربي، واختيار الموقع الالكتروني للضمان كأفضل موقع عن المؤسسات العامة.
[ هل عدد المضمونين بازدياد مضطرد، أم أن المشكلات الاقتصادية انعكست سلباً على هذا الأمر؟
ـ الأعداد ترتفع، لكن بوتيرة ليست سريعة، كما كنا نتوقع. فالأوضاع الاقتصادية تؤثر بشكل مباشر في الانتساب الى صندوق الضمان.
[ هل المؤسسات تتهرب نتيجة صعوبة الأوضاع من تسجيل مستخدميها، وماذا تفعلون في هذا الإطار؟
ـ حتى المؤسسات الملتزمة والتي تصرح عن مستخدميها، نشعر أن لديها بعض الصعوبات المتعلقة بتسديد الاشتراكات، وهي تطلب تقسيط مبالغ زهيدة لا تتجاوز الـ5 ملايين ليرة. وبالنسبة للمؤسسات التي لا تلتزم فإننا عززنا جهاز التفتيش والمراقبة وبالتالي يقوم بدوره بطريقة أفضل والانتاجية تزيد سنة عن سنة. الضمان يأخذ الإجراءات المتعلقة بالتفتيش وبمتابعة تحصيل الأموال من خلال مصلحة القضايا، وذلك بالتوازي مع توفير تسهيلات للمؤسسات في إطار تقسيط الأموال المستحقة لغاية 40 شهراً.
[هل الضمان يتبع سياسة متشددة مع المؤسسات، أم في ظل الأوضاع الحالية هناك بعض الليونة؟
ـ في النهاية حقوق الضمان نريد الحصول عليها كاملة، دون تعسف. التوجيهات واضحة تقضي بتطبيق القانون والنظام لكن من دون أن يكون هناك تعسف لا سيما في موضوع التفتيش. كان في الماضي وفي بعض الأحيان مغالاة في تقدير الاشتراكات على المؤسسات، الآن نطلب دقة أكثر، وكل تقارير التفتيش الآن مبنية على أمور حقيقية وواقعية لأن الهدف ليس التهويل على المؤسسات.
هل هناك مشاكل لدى الضمان، وهل تخافون من عدم تمكنه من تلبية احتياجات الناس مستقبلاً؟
ـ لا يوجد أي مشكلة عملانية تعيق الصندوق من تأدية الخدمات. ولو كان هناك أي مشكلة لكان الوضع عرف لدى الجميع. فمنذ إقرار تعديل التعريفات الطبية والاستشفائية والتي بدأنا العمل فيها مطلع 2013، لا نسمع أي صوت في هذا الإطار. بالطبع مؤسسة بحجم الضمان يبقى لديها بعض المشاكل الإجرائية في هذا المكتب أو غيره، ويبقى هناك مراجعات، لكن في الأمور الكبيرة ليس لدينا أي مشكلة.
المشكلة الحقيقية كانت في موضوع الكادر البشري، الذي تناقص الى حدود الـ50 في المئة، ما انعكس على إنجاز معاملات الناس بالسرعة اللازمة. لكن أخيراً قمنا بتوظيف 180 مستخدماً عبر مباراة أجراها مجلس الخدمة المدنية، هؤلاء خضعوا لدورة تدريبية، ومن حوالى شهر ونصف الشهر باشروا العمل ونأمل خلال شهرين بعد رفع انتاجيتهم حصول انفراج كبير على مستوى إنجاز المعاملات، خصوصاً الصحية.
[الى أي مدى يساعد توظيف هذا العدد، بتجاوز المشاكل على مستوى الكادر البشري؟
ـ الكادر الأساسي في الصندوق يبلغ 2050 شخصاً تقريباً، كان لدينا أكثر من 1100 بقليل، الآن اصبح لدينا نحو 1300 مستخدم. كنا نتوقع من الآن وحتى العام 2016 ألا يبقى لدينا سوى 800 مستخدم. وبالتالي التوظيفات الجديدة ستساعد في دفع الأمور في الإطار الصحيح، لجهة الإسراع في إنجاز معاملات المضمونين، وكذلك إنجاز المعاملات الاستشفائية التي تعاني الكثير من التأخير.
[بعد تعديل التعريفات، هل استمرت المستشفيات بتجاوز تعريفات الضمان؟
ـ بعد تلبية مطلب الأطباء والمستشفيات المحقة بزيادة التعريفات منذ أول العام الجاري، نعتبر أن هذه التعريفات عادلة بمعنى أن الأطباء والمستشفيات أخذوا حقوقهم، وعليهم الالتزام بالتعريفات، ومن جهتنا لدينا أجهزتنا الرقابية المختصة وهي تقوم بدورها كاملاً، وعلى أي مضمون يشعر أنه تم استيفاء مبالغ منه أكبر من التعريفات المعمول بها، مراجعة مندوب الضمان الموجود في كل مستشفى للتحقق من ذلك. آمل أن تذهب العلاقة في ما بيننا في الإطار الصحيح، خصوصاً بعدما اعتمدنا منذ سنتين آلية جديدة لسداد الأموال المستحقة للمستشفيات بشكل منتظم شهرياً، عبر نظام السلفات.
[كيف يعمل بهذه الآلية؟
ـ قبل هذا النظام كنا ندفع للمستشفيات بين 300 مليار ليرة و315 ملياراً في السنة، أما الآن فإننا نسدد أكثر من 450 مليار ليرة للمستشفيات في السنة. كما أنه بعد توظيف المستخدمين أولينا موضوع إنجاز معاملات المستشفيات المتأخرة اهتماماً خاصاً، لا سيما أن هناك تفاوتاً في هذا الأمر بين منطقة وأخرى، حيث يتركز التأخير الذي يصل الى حدود السنتين في مكاتب: طريق المطار، وبيروت، وجونية وطرابلس وزحلة. وفي السياق نفسه انشأنا وحدات دعم في المكاتب التي لا تعاني من صعوبات، حيث يرسل اليها معاملات من المكاتب التي تعاني ضغطاً لمساعدتها. ونتوقع خلال ثلاثة أشهر التقدم على هذا المسار.
[هناك شكوى عارمة من تراكم كبير للمعاملات المتأخرة في مكتب بيروت، ماذا فعلتم على هذا المستوى؟
ـ الآن ارسلنا 20 مستخدماً من الـ180 الجدد الى مكتب بيروت، وأعتقد أن هذا العدد سيسرع في إنجاز المعاملات وامتصاصها، وكذلك سنرسل معاملات من المكاتب التي تعاني من تراكم الى المكاتب التي ليس لديها ضغط لمساعدتها.
[هناك إجراءات عدة اتخذت العام الماضي ومطلع 2013 لها تأثيرات مالية، ومنها زيادة الأجور، ورفع سقف الراتب الخاضع للاشتراك، وتعديل التعريفات، كيف انعكس ذلك على مالية الضمان؟
ـ إدارة الضمان بصدد وضع اللمسات الأخيرة على قطع حساب 2012، وأظهرت النتائج الأولية في فرع المرض والأمومة أنه ما زال العجز مستمراً في هذا الفرع وهو في حدود 51 مليار ليرة. ونود الإشارة هنا الى أننا كنا نتحدث في ما مضى عن نوع من التوازن في هذا الفرع، وكنا نبني هذا التقدير على أساس أن تسدد الدولة متوجباتها السنوية البالغة 220 مليار ليرة و80 مليار جزء من ديونها المترتبة للضمان أي بحدود 300 مليار، لكن لم تسدد في العام 2012 سوى 100 مليار ليرة. أما في العام 2013 فإنها سددت لغاية اليوم 250 مليار ليرة.
حجم الديون على الدولة كان في العام 2002 نحو 850 مليار ليرة. انطلاقاً من ذلك تم إقرار قانون تقسيط الديون في 2006 والذي أوجب على الدولة سداد 80 مليار ليرة سنوياً لتغطية ديونها على عشر سنوات، لكن بدلاً من أن تسدد الدولة معظم ديونها فإن المبالغ ارتفعت الى 1008 مليارات مع نهاية 2012.
في فرع التعويضات العائلية العجز انخفض الى حدود 9 مليارات ليرة، في فرع نهاية الخدمة لدينا فائض تجاوز الـ800 مليار ليرة.
أما النتائج المتوقعة في نهاية 2012، فتشير الى أن العجز المتراكم في فرع المرض سيبلغ 489 ملياراً، وفي فرع التعويضات يبلغ العجز المتراكم حوالى 388 مليار ليرة، أما في فرع نهاية الخدمة فيبلغ الوفر المتراكم بحدود 8690 ملياراً من ضمنهم المأخوذات من نهاية الخدمة، لمصلحة فرعي المرض والتعويضات.
[ ما هي التوقعات المالية بالنسبة للعام 2013؟
ـ في 2013 سنشهد بداية انعكاس زيادة التعريفات الطبية والاستشفائية وكذلك زيادة السقف الخاضع للاشتراكات التي توفر نحو 100 مليار ليرة، والتي تم زيادتها بهدف تأمين التمويل للتعريفات التي تقدر كلفتها بـ127 مليار ليرة، مع العلم أن الدولة تساهم بنسبة 25 في المئة من التكلفة. ونأمل أن نذهب الى نوع من التوازن المالي في فرع المرض والأمومة خصوصاً إذا استمرت الدولة على وتيرة الدفع التي بدأتها في 2013. وأي فائض سيحقق في هذا الفرع سيذهب لسداد مأخوذات من فرع نهاية الخدمة.
[ما هي الأمور التي تعتبرها ملحة ومن الضروري العمل عليها؟
ـ أمران هما الأهم: الإسراع في إنجاز المعاملات، وهذا الأمر على الطريق الصحيح، من خلال إجراءات عدة لا سيما المكننة التي ننفذها والتي نعتبرها بحجم تأسيس الضمان، الشق الثاني هو زيادة المستفيدين من تقديمات الضمان الاجتماعي وزيادة تقديمات الضمان.
في هذا السياق وضعنا مشروع قانون للرعاية الصحية للأشخاص الذين يتوقفون عن العمل، بداعي البطالة أو السن القانوني، وهذا يهمنا ليس للمضمونين فقط إنما لتعميمه لكل الناس. مشروعنا تم وضعه من خلال دراسة لخمسين سنة، ويطال الأشخاص الذين يتوقفون عن العمل بداعي البطالة، فبدل توفير الطبابة لهؤلاء لثلاثة أشهر تصبح لمدة سنة، والذي يكون مشتركاً في الضمان لمدة 20 سنة ويخرج على التقاعد يوفر له المشروع الجديد تغطية صحية لمدى الحياة. علماً أن هذا المشروع هو مطلب من قبل طرفي الانتاج ومقبول من قبل الحكومة، لكن نجاحه يرتبط بالتمويل. فإذا لم تلتزم الدولة بمتوجباتها فالأفضل عدم إطلاقه.
أما الدراسة التي وضعناها حول التمويل لمدة 50 سنة، فهي تقضي بتوزيع الأعباء على الأجير وصاحب العمل والدولة. فالمتقاعد يدفع اشتراك قدره 6 في المئة من الحد الأدنى للأجور، فيما يضاف 3 نقاط اشتراكات في فرع المرض والأمومة توزع بالتساوي بين الأجير وصاحب العمل والدولة.
هذا المشروع مهم جداً خصوصاً أن مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية لديه تعقيدات كثيرة ولديه صعوبات تعترض إقراره في هذه المرحلة، لذلك أتى المشروع كخطوة أولى لتطبيق الشق الصحي الذي يعتبر أكثر إلحاحاً لدى الناس.
كذلك من التحديات الكبيرة أمامنا زيادة التقديمات أو الفروع العاملة، لا سيما صندوق للبطالة، وفرع طب الأسنان، وتعزيز التقديمات في الضمان.
[ ماذا عن الضمان الاختياري؟
ـ تم دفع 130 مليار ليرة لسد عجز في هذا الصندوق، ما مكننا من الدفع لجميع المكاتب. والآن يتم استقبال المرضى بشكل طبيعي. لكن للأسف عدد المضمونين الاختياريين في تناقص مستمر. المسجلون حالياً هم بحدود 12 ألفاً و462 مضموناً من أصل 34 ألف مضمون في بداية إطلاق الفرع، (مع عائلاتهم يكون عدد المستفيدين حوالى 80 ألفاً)، لكن الذين يسددون الاشتراكات، أي الذين يستفيديون من خدمات هذا الصندوق هم بحدود 5 آلاف و209 مضمونين، وبالتالي هذا الفرع يتجه نحو الإقفال. لذلك هناك ضرورة للإسراع في إنجاز مشروع الرعاية الصحية لتغطية هذه الشريحة.
لبنان ACGEN اجتماعيات المستقبل رعاية وضمان