شهد لبنان مؤخراً، انزلاقاً ليس بجديد، هو استمرار لحالة عدم الاستقرار الأمني وتردي الاوضاع العامة، وبروز اجواء شبيهة بتلك التي سبقت الحرب الأهلية اللبنانية، تمثل خلال الاسابيع الماضية بسلسلة من التفجيرات والاحداث الامنية المتنقلة التي ضربت الضاحية وطرابلس، ، وذهب ضحيتها أكثر من 70 قتيلاً و800 جريح.
وكالعادة، توالت ردود الفعل السياسية، والمدنية المستنكرة للتفجيرات من كل حدب وصوب، خصوصاً من القوى السياسية، ترافقت مع تقاذف الاتهامات التي تعزز الفرقة بين اللبنانيين\ات وتعمق الاصطفافات الطائفية والمناطقية، وقد ساهم الاعلام والقنوات التلفزيونية بتعزيز هذا المناخ المتشنج، في ظل اجواء عامة يبقى المواطن\ة اللبناني\ة الخاسر الأكبر منها.
اما على صعيد الدولة وتعاطيها مع تلك الاحداث، فبدلاً من امساكها بذمام الامور من خلال مبادرتها الى ضبط الوضع الامني، لا سيما في المناطق التي طالها العنف، وتقديم المساعدات بدءاً من الاغاثة وصولا الى اعادة الاعمار، شهدنا انفلاش امني، وترتيبات امنية ذاتية، وتخبط في عمل السلطات الامنية ميدانياً، وكذلك في عمل الدفاع المدني والهيئة العليا للاغاثة، مما افسح المجال لبعض القوى السياسية، الى اتخاذ تدابير أمنية مثل وضع نقاط تفتيش، تنفيذ دوريات مناطقية، تفقد سيارات المواطنين\ات على الطرقات وفي المواقف العامة.
على مستوى المنظمات المدنية وفي ضوء تردد وتأخر مبادرات الدولة، وككل مرة، بادرت تلك الهيئات بانتماءاتها المختلفة للتحرك، لمسح الاضرار وتقديم الدعم والاسعاف، نذكر بعض من تلك المبادرات على سبيل المثل:
- في الضاحية الجنوبية، تعهد بعض الجمعيات الاهلية التابعة لجهات سياسية محلية، بالقيام بعمليات مسح اضرار الانفجار، تمهيداً لدفع التعويضات وبدلات الايواء.
- في طرابلس: نظمت قطاعات شبابية ومدنية محلية، مسيرة تضامنية، رفع خلالها المشاركون/ات اليافطات الداعية للسلام ونبذ العنف والفتنة، كذلك ضغطت الهيئات المدنية على الهيئة العليا للاسراع في تقديم المساعدات اللازمة، وعملت عن التخفيف من وقع الانفجرات عن المواطنين/ات.
لا شك ان كل تلك المبادرات المدنية تشكل محاولات ايجابية اجمالا لمعالجة المشكلات التي تبرز ولو"بالمفرق" وكثيراً من الحالات بالاستناد الى اعتبارات سياسية وطائفية ضيقة، وهي تؤشر لاستمرار ضعف اداء السلطة العامة التي تنخر بها النزاعات السياسية.
ان الازمة العامة التي يعاني منها المواطن/ة لا تتعلق فقط بالهيئة العليا للاغاثة، الجهات الامنية والقضائية الخ....، بل تطال اركان النظام اللبناني برمته. وفي ظلّ هذا الواقع المذري الذي يعيشه الموطن/ة، نعتبر أن النظام الطائفي الحالي (باشكاله السياسية والاجتماعية)، الذي دأب على التجديد لنفسه على مدى سنوات الطويلة الماضية، بات المسؤول الأول عن إضعاف مؤسسات الدولة وسلتطها، إستمرار حالة اللاستقرار الأمني الى حين توافق اللبنانين واللبنانيات على عقد اجتماعي وسياسي جديد يكفل حقوق المواطن/ة بالعدالة الاجتماعية والمساواة.