في عيده الخمسين: الضمان الإجتماعي المأزوم يغطي ثلث المواطنين/ات فقط

في ظل غياب الخدمات الصحية المجانية، يعوّل جزء كبير من الشعب اللبناني (ثلث الشعب اللبناني)، معظمه من الفقراء وذوي الدخل المحدود، على الخدمات التي يقدمها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي اللبناني، الذي يعاني بدوره من الازمات المالية والادارية المزمنة، ويبقى المواطن/ة اللبناني وحده الضحية.

وفي حين وعد رئيس الاتحاد العمالي العام، غسان غصن، ان سنة 2013 هي سنة الضمان الاجتماعي، يحتفل الصندوق بيوبيله الذهبي الخمسين، الذي صادف يوم الخميس الواقع في 26 ايلول الماضي، بفرعه الدائم الوحيد، وهو فرع نهاية الخدمة، علماً انه مؤقت في القانون حتى قيام فرع ضمان الشيخوخة او نظام التقاعد والحماية الاجتماعية. وللتذكير فقط، فان الضمان ليس منة من الدولة، بل هو حق، منصوص عليه في المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي ينص على أن كل شخص، باعتباره عضوًا في المجتمع، له الحق في الضمان الاجتماعي، اذ يجب ان يستفيد منه ايضاً كل اللبنانيين/ات الذين هم خارج اي نظام تأميني.

انشىء الصندوق سنة 1963 وفقا للمرسوم رقم 13955، وسنداً لأحكام المادة 58 من الدستور اللبناني، ويستفيد منه الأجراء والاجيرات والمستخدمين/ات، خصوصاً العاملين/ات في القطاع الخاص الذي يشغل نحو 75% من القوى العاملة الرسمية اللبنانية، وبعض فئات المتعاقدين/ات والمتعاملين/ات مع الدولة، وقد أوكل اليه القانون تأمين التقديمات الصحية والإجتماعية للبنانيين/ات وتطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي وذلك بهدف ازالة حال العوز عن جميع المواطنين/ات، عن طريق تأمين مدخول كاف يؤمن في أي وقت ما يكفي للعيش الكريم.

والجدير ذكره ان فئات واسعة من القوى العاملة، لا تخضع لقانون العمل، وبالتالي لا تستفيد من الضمان الاجتماعي، لا سيما العاملين والعاملات في الزراعة والخدمة المنزلية والمنشآت العائلية الصغيرة ألخ..، حيث تتواجد النساء بكثافة.

وتبرز المشكلة الاساسية بحسب الكثير من المراقبين/ات، في مرجعية الصندوق، الذي يخضع لوصاية وزارة العمل، ومجلس الوزراء، لكنه في الواقع يخضع ايضاً لوزارة المالية، ووزارة الصحة وبصورة غير رسمية للسلطة السياسية، مما يرتب جملة تعقيدات على مستوى اتخاذ القرارات بصرف النظر عن الهموم الاجتماعية والمعيشية للمواطن/ة.

كذلك، يعاني الضمان من جملة من المشكلات ابرزها، تخلف التشريعات التي تحكم تقديماته، ضعف الهيكلية الادارية، الهدر والعجز الماليين المزمنين. وبالنتيجة فان كل تلك العوامل السلبية تصيب مباشرة على المضمونين/ات والمستفيدين/ات وتؤدي الى تردي حجم ونوعية الخدمات المقدمة على نحو بات المضمون/ة محروماً/ة على الرغم من سنوات خدمته من الحد الأدنى من التقديمات الصحية والاستشفائية والاجتماعية.

لقد اضحى مستقبل الضمان الاجتماعي اليوم على المحك، عرضة لكثير من السيناريوهات، أقلها سوءاًً التهميش، وأكثرها فداحة الخصخصة لمصلحة شركات التأمين الخاصة، فضلا عن ان نظام الضمان الحالي لا يوفر القدر المطلوب من الحماية الاجتماعية وخصوصا درء بعض مخاطر البطالة التي باتت حالة مستفحلة في لبنان.

وعلى الرغم من كل ذلك، شكل انشاء مؤسسة الضمان الاجتماعي، خطوة وطنية إجتماعية شديدة الأهمية يفترض البناء عليها،  شرط ان تقدم الدولة على اعادة نظر جذرية لكل انظمة الحماية الاجتماعية المتوفرة حالياً، بهدف الخروج بنظام رسمي جامع، جديد، مستقل وفعال للضمان والتكافل الاجتماعيين، نظام يرتكز على مبدأ المساواة وتكريس الحقوق الاجتماعية للمواطن/ة، يوفر الرعايتين الصحية والاجتماعية الشاملتين، الحماية من البطالة، والحياة اللائقة لكبار السن ما بعد التقاعد.