Tuesday, 24 September 2013 - 12:13pm
فتحت المدرسة الرسمية في بيروت والمناطق، أمس، أبوابها أمام تلامذتها الذين اصطفوا، عند الثامنة صباحاً، في الملاعب قبل أنّ يتوزعوا على الصفوف. لكن العام الدراسي هذا العام ليس كالأعوام السابقة، فالقلق الأمني يسكن الأهالي لاسيما بعد التفجيرات الأخيرة التي استهدفت أحياء ومناطق آمنة، ما استوجب تنسيقاً بين البلديات والمدارس لاتخاذ تدابير وقائية لحماية التلامذة. وقد جهزت بعض المدارس الخاصة بكاميرات مراقبة، وعمدت أخرى إلى التعاقد مع شركات «أمنية» لحماية مبانيها، بينما نسّقت المدارس الرسمية مع البلديات.
هذا، ولا يزال عجز المدرسة الرسمية عن استقبال الأعداد المتزايدة للتلامذة الراغبين في التسجيل، لبنانيين وسوريين نازخين، بلا حلول عملية، في ظل ضعف موازنة وزارة التربية وغياب التجهيزات اللوجستية لاستقبال «فائض الأعداد»، ما حتّم تمديد مهلة التسجيل إلى 10 تشرين الأول المقبل.
ففي طرابلس («السفير») مشكلة تسجيل التلامذة والطلاب في المدارس الرسمية، ترخي بثقلها على فقراء المدينة وضواحيها، ولاسيما بعد الزيادة التي طرأت على الرسوم، وتسببت بتشكيل ضغط كبير على فئة واسعة من المواطنين العاجزين عن دفع الرسوم بتعرفتها السابقة، وسط مبادرات فردية تقوم بها بعض الجهات لجهة التخفيف قدر المستطاع من حجم هذه الأزمة المستجدة.
ولعل التحركات الميدانية التي تقوم بها لجان الأهل في بعض المناطق منذ فترة، تعكس صورة الوضع المتأزم على هذا الصعيد، والذي انعكس تراجعاً كبيراً في عدد الطلاب الذين بادروا إلى حجز مقاعدهم الدراسية لهذا العام، ولاسيما في المناطق الشعبية من المدينة وفي البداوي التي كانت قد شهدت سلسلة تحركات احتجاجية، كان آخرها صباح أمس، إذ عمد عشرات من الأهالي إلى إغلاق طريق عام البداوي لبعض الوقت للمطالبة بإعفاء الطلاب من الرسوم المدرسية.
وإذا كانت الدولة قد حسمت قرارها لجهة زيادة الرسوم، فهناك بين الأهالي من حسم خياره بإبقاء أولاده في المنازل. في حين سارعت بعض الجهات في المدينة إلى تدارك خطر ارتفاع نسب التسرب المدرسي بوضع خطط للمساعدة قدر المستطاع، على غرار ما قامت به مؤسسة النائب روبير فاضل، التي أبرمت اتفاقاً مع بعض إدارات المدارس الرسمية يقضي بتسجيل عدد من التلامذة على نفقتها الخاصة. وأطلقت بلدية طرابلس مبادرة مماثلة، وقد بدأت الإعداد لها من خلال تخصيص مبلغ مالي لتسجيل نحو 800 طالب وطالبة. كذلك فعلت «جمعية العزم والسعادة» و«مؤسسة الصفدي».
لكن تلك المبادرات والجهود تبقى غير كافية، لاسيما في ظل العدد الكبير للتلامذة غير القادرين على دفع تلك الرسوم.
وكان وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب تابع موضوع تأمين مبان بديلة من المتهالكة في طرابلس. وقد بوشر باستخدام الأبنية الجديدة في مجمع التل للمدارس الرسمية، والذي يضم مدرستين هما «الجديدة للصبيان» و«فرح أنطون للصبيان».
وتم دمج ثلاث مدارس أخرى بهذا المجمع وهي «الأمير فخر الدين»، «التقدم للصبيان» و«النشء الجديد للصبيان»، علماً أنّ هذا المجمع يتسع لنحو 1500 تلميذ.
وسيصار إلى نقل تلامذة مدارس «الهدى» و«لقمان» إلى المبنى رقم 2 والمبنى رقم 3 في التبانة فور إنجازهما. وفي موضوع «ثانوية أندريه نحاس» فقد تم نقل تلامذتها إلى مبنى «مهنية الميناء».
وفي النبطية (عدنان طباجة)، وضعت الإجراءات الأمنية الوقائية التي اتخذتها الأجهزة الأمنية والتربوية والبلدية لمواكبة العام الدراسي، موضع التنفيذ اعتباراً من صباح أمس، مع توجه تلامذة وطلاب المدارس الرسمية إلى مدارسهم.
وأمّن عناصر الشرطة البلدية دخول التلامذة إلى المدارس وتنظيم السير في محيطها. وأكدّ رئيس البلدية أحمد كحيل أن «البلدية ستواكب العام الدراسي بالتعاون مع محافظ النبطية والأجهزة الأمنية والجيش، حرصاً على سلامة التلامذة والمعلمين».
وأوضح رئيس بلدية زبدين محمد قبيسي أن البلدية وضعت خطة تتضمن جملة من الإجراءات الوقائية والاستباقية لمنع دخول الأشخاص والسيارات المشبوهة إلى محيط المدارس الواقعة ضمن النطاق البلدي والجغرافي للبلدية، بالتنسيق والتعاون مع الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وأشار رئيس بلدية شوكين حسين ناصر إلى أن «عناصر الشرطة أشرفوا على دخول التلامذة إلى متوسطة البلدة الرسمية، وهناك خطة تعاون في هذا الإطار مع الأجهزة الامنية».
مدارس «الضاحية»: لا مقاعد
تبقى المدرسة الرسمية الملاذ الأخير لأصحاب الدخل المحدود، وللتلامذة السوريين النازحين، وما يفاقم من حجم المشكلة التربوية والتعليمية في المدارس الرسمية خصوصاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، الأعداد الكبيرة من التلامذة السوريين النازحين، وعجز هذه المدارس عن استقبالهم، لاعتبارات عدة أبرزها أنها غير مؤهلة لا من حيث الأبنية ولا من حيث التجهيزات وهي بالأساس تعاني نقصاً في عدد الصفوف.
وجاء قرار تمديد تسجيل التلامذة (لبنانيين وغير لبنانيين) حتى العاشر من تشرين الأول المقبل، ليعطي الأهل فترة سماح جديدة، خصوصاً الذين لا يزالون في قراهم، إن في الجنوب أم في البقاع، مع تسجيل ملاحظة غير مألوفة هذا العام تمثلت في طلبات النقل من الضاحية إلى الجنوب، وتأخر في تسجل التلامذة القدامى في مدارسهم على أساس أن أمكنتهم محفوظة، لكنهم ينتظرون ما يستجد من أوضاع أمنية.
تطلق آسيا حسين مدير «روضة الغبيري» وهي الروضة الوحيدة في الضاحية الجنوبية، صرخة لإيجاد حل لقضية استيعاب التلامذة، «لم تعد الروضة تستوعب الأعداد الكبيرة من التلامذة، ولم أعد أحتمل ضغط الأهالي.. الكل يريد تسجيل أولادهم في الروضة، لا أمكنة شاغرة لديّ، ماذا أفعل..». وقالت: «جرى اتصال مع بلدية الغبيري لعلها تساعد في فتح دوام بعد الظهر.. القدرة الاستيعابية للروضة 200 تلميذ، بينما تسجل 300 وهناك 90 على لائحة الانتظار، والعجقة مستمرة». تتابع حسين: «من المستحيل تدريس 35 تلميذاً في كل صف، فلدي عشرة صفوف فقط، وهناك غرفتان لا تصلحان للتدريس بسبب الرطوبة».
وتشير حسين إلى أن 160 تلميذاً سورياً نازحاً قد تسجلوا من أصل 300، وترى أن لا حل باستقبال الأعداد الكبيرة إلا بفتح دوامين، مع علمها برفض هذه الفكرة من وزارة التربية، «يحترق قلب الإنسان عندما يرى دموع الأهل..».
وعلى مدخل «مدرسة سبنية الرسمية - بعبدا» علق المدير فهد فواز على مدخل المدرسة ورقة كتب عليها: «تأسف إدارة المدرسة لعدم استقبال أي تلامذة جدد، نظراً للازدحام داخل الصفوف». ويقول: «تستوعب المدرسة 220 تلميذاً، ولكل صف شعبة واحدة، والمدرسة صغيرة، وتسجل عندي 270 تلميذاً، 50 في المئة منهم سوريون، لا استطيع حشر التلامذة».
التسجيل في «مدرسة برج البراجنة الثانية الابتدائية ق. ظ« لم ينتظم فعلياً إلا بين 16 أيلول وحتى العشرين منه وتم تسجيل أكثر من 305 تلامذة، في حين تم تسجيل 200 تلميذ فقط من الثاني من أيلول وحتى 15 أيلول. وتوقف التسجيل أمس ليوم واحد، كما يقول مدير المدرسة عدنان عيتاوي: «من أجل ترتيب الوضع الداخلي إن لجهة ساعات التدريس أو لتوزيع التلامذة، أو لجهة تأمين الكتب خصوصاً للحلقة الثانية، التي يوجد فيها تبادل للكتب، علما أن معظم التلامذة حضروا أمس من دون كتبهم، بانتظار تسلمهم قسائم الشراء من المكتبات».
ويلفت إلى أنه من بين المسجلين 315 سورياً، 20 عراقياً وفلسطينياً. ويوضح عيتاوي أن أسباب تأخر تسجيل التلامذة (836 العام الماضي، خصوصا اللبنانيون منهم) هو بسبب تمديد فترة التسجيل أولا، وثانياً، أن أهالي التلامذة يحتاجون إلى أولادهم في قطاف موسم الزيتون، أو أنهم ما زالوا في قراهم، وينتظرون استتباب الوضع الأمني. أما عن التلامذة السوريين النازحين، فيشير إلى أنهم أيضا ينتظرون المساعدة المالية لدفع رسوم التسجيل عنهم، خصوصاً أن جميع أهاليهم قد دفعوا «رسم صندوق الأهل» والبالغ 90 ألف ليرة. أما بخصوص الكتب فقد أعاد قسم من التلامذة كتب الحلقة الثانية، علماً أن ثمن (ستة كتب) في الصف الرابع الأساسي 12500 ليرة، والخامس 15800 ليرة، والسادس 17300 ليرة.
ويشير عيتاوي إلى أن قسماً من الأهالي قد سجلوا أولادهم على أمل دفع الرسوم لاحقاً «عندما تنفرج حالهم»، وهناك أهالٍ طلبوا التريث حتى دفع العشرين ألف ليرة، بعدما رفع رسم صندوق الأهل من سبعين إلى تسعين ألف ليرة.
ويستغرب عيتاوي كيف تنهال على المدرسة طلبات التسجيل، وحتى تاريخه لم يحصل صندوق المدرسة على مستحقاته الموعودة، خصوصاً من التلامذة المسجلين الأكثر فقراً (18 تلميذ)، وهم برعاية وزارة الشؤون الاجتماعية، وكذلك بالنسبة إلى ثمن الكتب.
تأخر في التسجيل
تعرضت «مدرسة الليلكي الرسمية» لضغط من التلامذة السوريين، ويقول مديرها أحمد عبود: «أوقفت تسجيل هؤلاء بانتظار عودة التلامذة اللبنانيين، لأن ستين في المئة من تلامذتي، لم يثبتوا تسجيلهم بعد». ويلفت إلى أنه استقبل هذا العام 110 سوريين و15 مصرياً وعراقياً، و225 لبنانياً، وتم وضع نحو 70 سورياً على لائحة الانتظار. وعزا تأخر التلامذة اللبنانيين عن التسجيل إلى الوضع الأمني، ووجود أغلبيتهم في الجنوب».
وهذا السبب يؤكده مدير «مدرسة الغدير - حي السلم» حسين السبع، ويقول: «أغلبية التلامذة ما زالوا إما في الجنوب أو البقاع، ينتظرون انتهاء موسم الحصاد أو قطاف الزيتون، أو متخوفين من الوضع الأمني». ولفت إلى أنه استقبل العام الحالي 120 تلميذاً سورياً، في حين كان لديه العام الماضي 32 تلميذاً فقط، والتسجيل لم يكتمل بعد. ونفى أن يكون قد تسلم أي منحة من الجهات المانحة «ربما لأن عدد التلامذة السوريين كان قليلاً في العام الماضي». ويلفت إلى أنه تلقى وعداً من «جمعية كاريتاس» بدفع رسوم التسجيل عن التلامذة السوريين. وأشار إلى أنه أوقف أعمال التسجيل، بانتظار اكتمال أعداد تلامذته (350 العام الماضي) وفي حال وجد مكان، يفتح الباب للوافدين.
ويعتبر مدير «مدرسة حارة حريك الأولى» عدنان حمادة أن تأخر تسجيل التلامذة عادي، وبلغ عدد المسجلين 350 من بينهم 130 سورياً، متوقعاً أن يزداد العدد إلى نحو 450 تلميذاً، مع تمديد التسجيل. ويشير إلى أن المشكلة تكمن في تأمين الكتب، خصوصاً للحلقة الأولى، وكتب الروضات التي يجب أن تكون جديدة، وهي تطبع في «المركز التربوي للبحوث والإنماء»، في حين أن كتب الإعارة تم تبادلها مع التلامذة.
واستغربت مديرة «مدرسة الشياح الأولى- حي الأمريكان» سعاد الحركة، عملية طلبات نقل التلامذة من الضاحية إلى الجنوب، وقالت: «وقعت على ثلاثين إفادة هذا العام للتسجيل في الجنوب، عدا إفادات طلب نقل إلى مدارس قريبة من منازل الأهالي. الكل خائف ولا يعرف ماذا يعمل». أضافت: «على الرغم من صغر بناء المدرسة إلا أننا استقبلنا حتى تاريخه 340 تلميذاً، علما أن المدرسة تستوعب 250 تلميذاً، وهناك مشكلة في التلامذة القدامى الذين تأخروا في التسجيل لأسباب مختلفة.
لبنان ACGEN السغير تربية وتعليم