الزيادة في «الخاصّة» آتية آتية

Tuesday, 24 September 2013 - 12:35pm
لا يمكن إقرار الزيادة على الأقساط أو عدمها إلا عندما تعد موازنة المدارس (هيثم الموسوي)راجانا حمية
ما الذي تغيّر في حكاية أقساط المدارس الخاصة؟ هذا السؤال هو حزورة هذا العام، وأقدر الناس على الإجابة عليه هم أولياء أمور الطلاب. أجوبة كثيرة ستأتي على ألسنة هؤلاء، لكنها متشابهة: هي «الزودات» اللاحقة بأبسط الأشياء كالزيّ المدرسي والقرطاسية التي وصلت في إحدى المدارس المرموقة في منطقة كليمنصو إلى حدود 700 دولار أميركي.
لكن هذه الإجابات باتت من «البديهيات» التي يكرّرها «الملدوغون» عاماً تلو آخر. أما الجواب الحقيقي عن الحزورة فهو أن معظم المدارس، والمكنّاة بالمرموقة خصوصاً، سترجئ مفاجآتها إلى حين «إعداد الموازنة المدرسية». أي بحلول الدفعة الثانية من الأقساط.
تغيّر التوقيت فقط. هذه المرة، لن تسبق الزودة دخول الطلاب. ستتريّث الكثير من إدارات المدارس قبل أن تقرّرها. أرجأتها، وإن كانت آتية لا محالة، لا لأنها تنوي مراعاة المثقلين من أقساطها، وإنما «لتحسبها صح»، يقول أحد المعلمين.
مدفوعة بهذا السبب، لم تتخذ إدارات المدارس قرارها بالزودة الاستباقية على غرار ما حصل العام الماضي، عندما طالبت الأهالي بزيادة على الأقساط «على ريحة» سلسلة الرتب والرواتب. وهي التي وصلت في بعض الحالات إلى حدود مليوني ليرة لبنانية. هذا العام، لم تستبق إلا في ما ندر، تاركة الأمور حتى الدفعة الثانية من القسط التي تبدأ في «كوانين». وفي هذا الإطار، يشير الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار إلى أنه «في المبدأ، لا يمكن إقرار الزيادة على الأقساط أو عدمها إلا عندما تعد موازنة المدارس». فلننتظر. وفي فترة الانتظار هذه، يشير الأب عازار إلى أن المدارس تتقاضى الدفعة الأولى من القسط والتي تقدر بـ«30% من قيمة القسط الإجمالية». مع ذلك، لا يعمّم. فثمّة مدارس «قد تكون زادت لأسباب، ربما لأنها مجبرة على إعطاء سنوات تدرج لمعلّميها أو أنها لم تعطهم العام الماضي بدلات غلاء المعيشة». وفي كلّ الأحوال «كل مدرسة لها خصوصيتها». وهذا ما يحصل أيضاً في مؤسسات أخرى كالمقاصد والكثير من المدارس «العلمانية».
أما من استبق الزيادة هذا العام، فقد «تذرّع» بزيادة الغلاء المعيشي الذي لم يتقاضاه معظم معلمي التعليم الخاص. تلك التي يقسمها عماد الأشقر، رئيس مصلحة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم العالي، إلى قسمين «مدارس لم تعط للمعلمين بدل الغلاء العام الماضي وتجري مشاورات مع الأهل والنقابة لدفعها الآن، والأخرى التي تقاضت من الوزارة البدلات العام الماضي ولم تعطها وتريد إعطاءها الآن». على كل حال، الصنفان استبقا هذا العام، بناء على طلب الأساتذة بسلفة على الحساب، تعطى لهم قبل صدور القانون، أسوة بما حصل مع معلمي القطاع العام. وقد يكون من الأفضل هنا «التوافق في ما بينهم، كنقابة معلمين ومؤسسات تربوية ولجان أهل برعاية وزارة التربية للتوافق على الكيفية»، يقول الأشقر.
إذاً، هناك من استبق. وضربته التي طالت البعض من أهالي الطلاب، والتي قد تطالهم مرة أخرى فيما لو كانت الزودة غير كافية، وصلت في بعض الأماكن إلى حدود 600 ألف ليرة لبنانية. وهي التي لم تقلّ أيضاً في أماكن أخرى عن حدود 150 ألف ليرة، كما هي الحال في مدارس جمعية التعليم الديني التي تزيد «مضطرة» كونها ملزمة «بدفع قيمة التدرج السنوي للمعلمين»، يقول المدير العام للجمعية محمد سماحة.
قد تكون الـ150 ألفاً محمولة بالنسبة لكثيرين، ولكن بالتأكيد أن الـ600 ألف ليست مبلغاً سهلاً على الأهالي. ولمن لا يعرف، تساوي هذه القيمة نصف راتب معلم وعسكري. فماذا لو كانت هذه القيمة ستدفع مرتين أو 3 حسب عدد الأطفال؟ ماذا يفعل الموظف البسيط حينها.
أحد هؤلاء البسطاء مثلاً كان يدفع العام الماضي 800 ألف ليرة لبنانية، وهي قيمة الدفعة الأولى من القسط. أما هذا العام فقد دفع مليوناً و460 ألف ليرة لبنانية، أي بزيادة 660 ألف ليرة لبنانية. تضاف إليها قيمة الزي المدرسي. والأنكى من كل ذلك أنه سيشتري زي ابنته من محل معروف للألبسة استحدثت له المدرسة غرفة في حرمها! وهنا، لا مجال للنقاش. ثمة مبلغ سيدفع عاجلاً أو آجلاً. لا أحد قادر على الإعتراض، وإلا الثمن «خسارة المقعد المدرسي»، يتابع.
هو دفع، وربما توقع الزيادة على الدفعة الثانية التي ستحل قريباً. لكن، ثمة من لم يدفع ولا يعرف كم ستكون القيمة، لذا أبقى ماله في جيبه تحسباً للآتي... لا محالة. ليكون السؤال المطروح: ما الذي تفعله لجان الأهل في مثل هذه الحالات؟ أليست هي المخولة الإطلاع على الموازنة المدرسية وإبداء رأيها قبل إعادتها إلى الإدارة؟ ما الذي تفعله فيما لو تخطت الزيادة نسبة الـ10% المتفق عليها؟ هذه الأخيرة لم تفعل شيئاً إلى الآن. ربما لأن الضربات الاستباقية ليست كافية كي تتحرك. ولكنها تنتظر هي الأخرى ريثما تتقرر تلك الزيادات. وهو ما يقول رئيس اتحاد لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية في كسروان ـ الفتوح. وعلى أساس هذا الأمر تتحرك. لكن، مهلاً، ما الذي فعلته في السنوات الماضي؟ هنا، يقول أحد الأساتذة، والوالد في آن لطفلين في إحدى المدارس الخاصة، إن «لجان الأهل أثبتت بأنها صنيعة المدارس، وأن ما يجب على الأهل فعله اليوم هو العمل على تشكيل لجان أهل تمثلهم».
ولكن، هل المسؤولية تقع على اللجان فقط؟ أين دور الأهل أنفسهم في انتخاب لجانهم؟ فليطلعوا هؤلاء على هذا المثال: في إحدى المدارس التي تضم 3800 تلميذ، لم يحضر إلى انتخاب لجنة الأهل إلا 164 عائلة. هل تبقى المسؤولية على اللجان وحدها؟ «بالتأكيد لا»، يقول الأشقر. والدليل؟ أن
«هناك لجنة في إحدى مدارس طرابلس العام الماضي مثلاً رفضت التوقيع على الموازنة المدرسية، فأحلناها إلى القضاء وقد صدر الحكم بعدم شرعية الزيادات». ولذلك، المطلوب هنا هو تفعيل دور هذه اللجان «فلتحكّم ضميرها وإن كانت تجد ما لا يستوجب توقيعها في الموازنات فلتفعل ونحن كوزارة نكمل دورنا».
أما بالنسبة إلى المدارس، فيقول الأشقر «توافقنا مع المدارس على الالتزام بمضمون القانون 515 وقد وضع في الأساس لتنظيم الموازنة المدرسية ووضع أصول تحديد الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة غير المجانية».
هذا القانون انتهى مفعوله ولم يطرح في الجلسة العامة لمجلس النواب إلى الآن «رغم أننا طرحناه للتعديل أو التمديد»، إلا أنه «يفترض أن يبقى الحاكم وأن تعمل المدارس على أساسه»، يتابع الأشقر. وهو القانون الذي تعدّ أهم النقاط فيه «توزيع قيمة الأقساط (مع الإشارة إلى أن ذلك لا يعني أن تكون الأقساط موحدة في جميع المدارس الخاصة) على أساس 65% كحد أدنى رواتب للأساتذة، و35% كحد أقصى لسائر النفقات والأعباء الأخرى». وهنا، قد يحصل الطوفان، فكلما ارتفعت النسب، كلما صارت الزودة أمراً واقعاً.
هذه «الواقعية» التي يرفضها الأشقر في جميع الحالات، «وإن كان لا بد منها، فليحكّموا ضميرهم». وهو مطلب مزدوج بدأه الأهل وتكمله الوزارة.

دعم «الرسمي»
بما أن الحديث عن الزيادات على الأقساط صار أمراً واقعاً مطلع كل عام. قد يكون من المفيد السؤال عن الحل. فما الذي يمكن أن يريح الأهالي من الملايين التي لا تثبت على حال في المدارس التي تخضع أقساطها للبورصة؟ ربما، هناك حل واحد هو دعوة الدولة للقيام بعملية تأهيل وإصلاح للقطاع التربوي الرسمي. وهي مطالبة أصلاً بذلك. ولهذه المطالبة أسباب، قد تكون أولاها حماية الأهل من تعسف المدارس الخاصة ولا تكون آخرها «تنقية القطاع التعليمي من المؤسسات التجارية».

لبنان ACGEN الأخبار تربية وتعليم