أنين الأهل يرتفع من أسعار الكتب والقرطاسية

Monday, 16 September 2013 - 12:00am
تقفز إيمان عن الأرض مصرّة على شراء حقيبة مدرسية جديدة، وعليها رسوم معينة، وعبثاً حاولت والدتها لمى، تهدئتها، بعدما أحرجتها أمام الزبائن وصاحب المكتبة، لكن من دون جدوى. ولم ينفع تدخل العامل في المكتبة في تطييب خاطر إيمان، «مزكيا» لها حقيبة أخرى، بعدما علم بعدم قدرة الوالدة على دفع كلفة الحقيبة الأولى، إلا أن إيمان تصرّ على موقفها، مقابل إصرار والدتها، وتكون النتيجة الذهاب إلى المنزل للتفاهم.
مع بداية كل عام دراسي، يرتفع أنين الأهالي من أسعار الكتب الجديدة والمستوردة، التي تبدل باستمرار، ومن اللوازم والقرطاسية، وما يفرضه عليهم أولادهم من شراء قرطاسية وحقائب مدرسية جديدة، تحمل صورة لهذا الممثل أو تلك، أو شعاراً يدل على نوعيتها، أو رسماً لبطل «كرتوني».
يحاول المحاسب عبدالله، العامل في إحدى مكتبات الضاحية، التخفيف من مسؤولية المكتبات في عرض حقائب تبعاً لـ«الموضة»، ويلقي باللائمة على التاجر، ومن ثم الأولاد الذين يتأثرون بالإعلانات: «أصبحت المكتبة تشبه محل الزهور من حيث تنوع ألوان الحقائب، والرسوم الموجودة عليها. وأسعارها تبدأ من ثلاثين دولاراً وصعودا...».
و«من يريد حقيبة عصرية عليه أيضا شراء لوازمها»، يقول عبدالله، مضيفاً: «تشترى الدفاتر عادة من المدرسة، ولكن الأولاد يفضلون أن يكون لديهم دفاتر خرطوش متناسبة مع بقية الأغراض، والأهل يعترضون ويحاولون الالتفاف على أولادهم أو إقناعهم بشراء نوع آخر، خصوصاً إذا كان السعر مرتفعاً».
ويتوقع عبدالله أن تنشط عملية بيع الكتب والحقائب وغيرها منتصف هذا الأسبوع: «بدأت حركة البيع تنشط قليلاً بعد تراجع الأخبار عن ضربة عسكرية أميركية على سوريا. وبدأ الناس يرتاحون قليلاً، خصوصاً أن الوقت المتبقي لبداية العام الدراسي أقل من عشرة أيام».
في إحدى مكتبات العاصمة، ينشغل خالد بتأمين لائحة كتب لأحد الزبائن. يقول إنّ أسعار الكتب المستوردة تحولت إلى «بورصة». ويوضح أن «هناك ثلاثة أنواع من الكتب المدرسية التي تباع، منها ما يطبع في دور النشر المحلية، ومنها الكتاب المدرسي الرسمي، ومنها الكتاب المستورد من الخارج. الأخير هو الأغلى ثمناً، وسعر الكتاب الواحد بين خمسين ومئة دولار، بينما أغلى كتاب رسمي لا يزيد على ثمانية آلاف ليرة في الثانوي، باستثناء كتاب التاريخ الذي يبلغ سعره 20 ألف ليرة. بينما جميع الكتب الرسمية في مرحلة التعليم الابتدائي لا تصل إلى ثلاثين ألف ليرة».
أرخص ومدعوم
خرجت مابيل راضية من أسعار الكتب، كونها لم تدفع سوى 635 ألف ليرة ثمن كتب لأولادها الثلاثة: «اشتريت كتباً جديدة ومستعملة، خصوصاً للصفين الرابع والسادس أساسي، وبعض القصص لصف الروضة الثانية، والأسعار تقريباً متشابهة مع العام الماضي». وتلفت إلى أن رضاها نابع من أن جارتها اشترت كتب إبنتها في الصف السابع الأساسي بـ450 دولاراً، أي أكثر من كتب أولادها الثلاثة. وبخصوص القرطاسية تقول: «سأذهب إلى أحد معارض القرطاسية، فهي أرخص بكثير من المكتبات».
يميز سعد الدين، العامل في إحدى مكتبات ضواحي بيروت، بين الكتب المدعومة من الدولة، والكتب الصادرة عن دور نشر لبنانية. فعلى سبيل المثال، يبلغ سعر كتاب الفيزياء الصادر عن «المركز التربوي للبحوث والإنماء» 3650 ليرة لبنانية للصف التاسع، بينما يبلغ سعر كتاب الفيزياء للصّف عينه والصّادر عن إحدى دور النشر الخاصة، 48 ألف ليرة. وينسحب الأمر ذاته على كتب مادة الرياضيات، «فالمدعوم من وزارة التربية سعره 3300 ليرة والصّادر عن دار نشر سعره 49 ألف ليرة».
ويرى سعد الدين، أن «غالبية المدارس الخاصة تلجأ إلى بيع الكتب في مدارسها، ويحاول الأهالي تخفيف الأعباء عنهم من خلال شراء كتب مستعملة، بأقل من نصف السعر».
تعميم وعدم التزام
سبق لوزير التربية والتعليم العالي حسان دياب ووزير الاقتصاد نقولا نحاس أن أصدرا في العام الدراسي الماضي تعميماً مشتركاً يقضي بمنع بيع الكتب المدرسية والقرطاسية واللوازم المدرسية في حرم المدرسة، وفي التعميم: «عند الكشف على المدرسة، يجب التأكد من الأمور الآتية: التأكد من عدم إلزام التلميذ أو وليّ أمره بشراء الكتب المدرسية من المدرسة حصراً أو من أي مرجع آخر محدد عن طريق لائحة الكتب، والتأكد من عدم استعمال عبارة كتب جديدة فقط، والتأكد من اللوازم المدرسية ومدى انطباقها مع المواصفات اللبنانية أو العالمية. وفي حالة البيع في المدرسة، يجب إبراز المستندات المطلوبة الآتية: السجل التجاري، والفاتورة التجارية، ويجب أن يدوّن على الكتاب سعر المبيع بحبر مطبعي واضح على الغلاف».
ويشير مصدر تربوي إلى أن غالبية المدارس لم تلتزم بهذا التعميم، وقد تناسته أيضاً، علما أن المادة الثامنة من القانون 515 تنص على: «للمدرسة أن تحدد لوائح الكتب ومواصفات اللوازم المدرسية، غير أنه لا يجوز إلزام التلميذ بشراء هذه الكتب واللوازم المدرسية من المدرسة أو من أي مرجع آخر، كما لا يجوز منعه من استعمال كتب مدرسية مستعملة ما زالت صالحة للاستعمال، أو إلزامه بتناول وجبات طعام في المدرسة».
يذكر أن تلامذة المدارس الرسمية يستفيدون من الكتب المجانية، تبعا لقانون إلزامية التعليم من مرحلة الروضة حتى مرحلة الشهادة المتوسطة «البريفيه»، أي التعليم الأساسي. وتبلغ الكلفة خمسة ملايين دولار في الحد الأقصى، ورزمة الكتب لكل تلميذ لا تتعدى الثلاثين ألف ليرة. ووزارة التربية تدفع ثمن الكلفة فقط. ويستفيد من مجانية الكتب نحو 300 ألف تلميذ لبناني، من بينهم نحو خمسين ألف تلميذ سوري، في حال لم يرتفع عددهم أكثر من ذلك.
عماد الزغبي

لبنان ACGEN اجتماعيات السغير تربية وتعليم