50 سنة على الضمان.. و«نهاية الخدمة» لم يعد ضمانة

Wednesday, 25 September 2013 - 1:00pm

خمسون سنة مرت على تأسيس الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بين 26-9-1963 و26-9-2013 عاشت الطبقة العاملة خلالها مراحل صعبة ومعقدة مع التجربة التي اعتبرت في حينه وما زالت المكسب الأساسي للطبقة العاملة في القطاع الخاص وبعض فئات المتعاقدين والمتعاملين مع الدولة ، غير أن الصندوق الذي يحتفل بعيده الخمسين غداً الخميس لم يلاق طموحات الطبقة العاملة الساعية الى تحسين أوضاعها والتي عاشت ظروفاً صعبة من الحروب والمشكلات وتقطع أوصال الوطن، استوجبت احداث مراكز في كل المناطق الأساسية لتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية لمئات الآف المستفيدين والمضمونين على عاتقهم. (يبلغ عدد المستفيدين من تقديمات الضمان أكثر من مليون و200 الف مستفيد) وهو عدد تضخم وزاد أضعافاً عدة مقارنة مع سنة الانطلاق. غير أن تشرذم المناطق بفعل الأحداث اللبنانية وفصل مناطق الإنتاج عن مناطق سكن العمال زاد من أزمة الوضع الاجتماعي، ومعه بدأت المصاعب المالية والإدارية للصندوق.
وبرزت أحجام التقصير وكثرت حالات الترك المبكر من العمل وتصفيات التعويضات من قبل المضمونين بفعل البطالة من جهة وتردي الظروف المعيشية للمضمونين من جهة ثانية. وكثرت الثغرات في المعاملات والأداء وارتفعت وتيرة الهدر وتخلف الدولة وأصحاب العمل عن تسديد الاشتراكات مما اضطر الادارة الى طلب تغطية سلفات للصندوق في بداية الثمانينيات لتغطية بعض التقديمات.
المحطة الأبرز في أداء الصندوق تكونت لاعتباره إحدى أبرز المؤسسات على العلاقة المباشرة مع الناس من المضمونين والمستفيدين على عاتقهم. ولا يمكن مقارنته مع اية ادارة اخرى او مديرية عامة في أية وزارة.
الضمان كما الكهرباء والخبز بالنسبة للطبقة العاملة والفقيرة المضمونة. من هنا كانت المشكلة المالية والادارية وتراجع الانتاج بفعل الغياب النقابي وبفعل التنفيعات السياسية التي رافقت عمليات التوظيفين الاداري والخدماتي.
أما النقطة الأبرز في كل هذه الأمور انه بعد 50 سنة على الضمان الاجتماعي بقي فرع نهاية الخدمة هو الفرع الدائم الوحيد (وهو مؤقت في القانون حتى قيام فرع ضمان الشيخوخة او نظام التقاعد والحماية الاجتماعية الذي مازال مدار خلاف بين الدولة وأركان العمال واصحاب العمل).
هذا الواقع حرم المضمون بعد سنوات خدمته من الحد الأدنى من التقديمات الصحية والاستشفائية والاجتماعية بعد نهاية خدمته وأكثر من 20 سنة في الخدمة أو بلوغ السن. الضمان يحتاج إلى سياسة دولة اجتماعية تفعل أجهزته المختلفة وتطبق الفروع الجديدة لزيادة التقديمات حتى لا يخرج المضمون يتيماً ومحروماً من التقديمات بعد سنوات خدمة طويلة.
ولا شك في أن مشكلة التأزم المالي في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعود لأكثر من سبب، منها ما هو قديم ومتراكم، ومنها ما هو مستجد ويتعلق بالتطورات المستمرة منذ سنوات، ومنها أيضاً ما يتعلق بالوضع الإداري وما له علاقة بالوضع السياسي والتأزم الحاصل في البلاد، غير أن تعدد الاسباب في التأزم المالي لا يقل خطورة عن النتائج المترتبة على المضمونين والمستفيدين من تقديمات الضمان الاجتماعي، لا سيما الفروع التي تعاني عجزا كبيرا، فتردي الوضع المالي يؤدي بالضرورة الى تأثر التقديمات وترديها، هذا في حال توافر الادارة القادرة والفاعلة ومجلس الادارة المخطِط وهيئات الرقابة الفاعلة، فكيف الوضع وهذه الاجهزة تعاني تفاوتاً في حالات الضعف والشلل؟
من نتائج التأزم المالي:
أبرز نتائج العجز المالي المستمر ومخاطره تتمثل في:
أولا في تأخر المعاملات الصحية في مراكز عدة، وفقدان قيمتها الشرائية، باعتبار ان بعضها يعود الى العام 2011 وما بعده.
ثانيا تهديد أموال فرع نهاية الخدمة، باعتبار ان السحوبات السنوية تقضي على الفائض في فرع نهاية الخدمة المقدرة بحوالى 191 مليار ليرة تقريباً، بدلاً من ان يتم توظيف هذه المبالغ والإفادة من عائداتها في تحسين التعويضات نفسها المهددة بالذوبان.
ثالثا هناك عدم وجـود سياسات مالية واضـحة لتوظيفات الصندوق، لا سيما احتياطات نهاية الخدمة التي تراجع مردودها مع تراجع فوائد سندات الخزينة، ولم يستفد المضمون من هذه التوظيفات بالحفاظ على قيمة التعويض على الأقل بالنسبة للعامل أكثر من صاحب العمل.
في الخلاصة لا بد من التركيز على نقطة أساسية للانطلاق نحو تصعيد الحملة لحماية الضمان الاجتماعي، وهي ان الصندوق يشكل حتى اللحظة المكان الوحيد للتقديمات الاجتماعية بالنسبة للأجراء والمستخدمين، خصوصاً في القطاع الخاص الذي يشغل حوالى 75 في المئة من القوى العاملة اللبنانية، وهذه نقطة يجب أن ينطلق منها كل حديث لتطوير وتعزيز حقوق العمال والمستخدمين.

لبنان
ACGEN
اجتماعيات
السغير
رعاية وضمان