Friday, 27 September 2013 - 2:19pm
محنة مضاعفة، لاجئون مرتين. هذه حال اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سوريا، والذين اضطروا إلى الفرار إلى لبنان فوجدوا صعوبات معيشية وعوائق في سوق العمل. وإذ يواجه لبنان الرسمي والشعبي أزمة اللجوء السوري بكل تداعياتها السياسية والاقتصادية والديموغرافية على تركيبته الهشة، تضطلع وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين وتشغيلهم "الأونروا" بمسؤولية ملف فلسطينيي سوريا.
ولمتابعة هذا الملف، التقت "النهار" المديرة العامة للوكالة في بيروت آن ديسمور. بداية كان لا بد من سؤالها عن التباين الكبير في تقدير أعداد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، فهي تراوح بين 54 ألفاً و90 ألفاً. فأوضحت أن لذلك أسباباً متعددة، فالوكالة لا تُسجل الفلسطينيين لأن ملفاتهم موجودة في سوريا، و"الأونروا" تأخذ علماً فقط بمن يتصل بها. وقد وقعت الوكالة نفسها في فخ الأعداد المترجحة صعوداً ونزولاً، قبل أن يتبين أن الرقم الحقيقي هو 45 ألفاً، بينهم ستة آلاف ولد انخرطوا في المدارس الـ69 التابعة للوكالة. إذاً العدد هو نصف ما كان يُعتقد، لكنه يبقى كبيراً بالمقارنة مع ثمانية آلاف فقط ذهبوا إلى الأردن، وهو يعني عملياً أن عدد الفلسطينيين في لبنان زاد بنسبة 16 في المئة.
وبناء على هذا التقويم، وُضعت الخطط لتلبية الحاجات الإنسانية والمالية والقانونية لفلسطينيي سوريا، وكذلك التنسيق مع السلطات اللبنانية، مع العلم أن لا تكاليف تتكبدها، لأن الأمر يدخل في إطار عمل "الأونروا". ويقتصر الدور اللبناني على الأمن العام وإدارة معبر المصنع الحدودي ووزارة الشؤون الاجتماعية. وأشادت ديسمور بتعاون هذه الجهات وناشدتها إبقاء الحدود مفتوحة، مشيرة إلى وجود مركز مراقبة للوكالة عند المعبر ينسق على الدوام مع الجانب اللبناني، إذ لا بد من الحصول على تأشيرة دخول، وهي صالحة لثلاثة أشهر.
ويقيم نصف اللاجئين في المخيمات الفلسطينية التي تكاد تضيق بقاطنيها، والآخرون عند أقرباء أو في أماكن مستأجرة تتجمع فيها أسر عدة، فتكتظ بهم الغرف الصغيرة. ويتلقى اللاجئون معونات مالية يذوب القسم الأكبر منها في تأمين تكاليف السكن والغذاء.
وأشارت ديسمور إلى أن الآتين من مخيمات سوريا ينعمون بالخدمات الصحية كسائر الفلسطينيين في لبنان، وقد حال ذلك دون انتشار أوبئة في صفوفهم كما حدث بين اللاجئين السوريين.
ولمخيم عين الحلوة الحصة الأكبر من اللاجئين. وفي كل المخيمات الأوضاع صعبة بالنسبة إلى لاجئين صاروا يحملون صفة اللجوء مرة جديدة. وهل هذا يعني أنهم وجدوا لبنان بيئة غير حاضنة؟ تجيب ديسمور بالنفي، ولكنها تعدد عوامل الغلاء والاكتظاظ السكاني وعدم القدرة على العمل لأن التشريعات اللبنانية تحظر ذلك، "وثمة منافسة كبيرة مع اللاجئين السوريين الباحثين هم أيضاً عن فسحة للعمل والعيش الكريم”.
وبما أن الحلول لا تلوح في أفق الأزمة السورية، تتعامل "الأونروا" مع الأزمة على أنها طويلة، وقد تمتد أبعد من سنة 2014. وإذ نسأل ديسمور عن العوامل السياسية بعدما دخل الفلسطينيون في سوريا طرفاً في النزاع، تلفت إلى تعاون لا سابق له بين الفصائل في مخيمات لبنان لتحصينها ضد أي انعكاسات لتدفق اللاجئين من سوريا، ووصفت الأمر بالمشجع لأن من شأنه تجنيب الفلسطينيين في لبنان آثاراً إضافية لتعقيدات الوضع السوري، أو التسبب بتوتر أمني في مناطق ذات حساسيات أمنية مثل عين الحلوة والرشيدية.
ودعت المجتمع الدولي إلى التعامل مع الوضع على أنه "مشكلة لاجئين من سوريا" وليس فقط قضية "لاجئين سوريين"، فالتعبير الأول أدق، والأهم أنه يشمل حُكماً فلسطينيي سوريا في أي تسوية مقبلة.
وهذه الأزمة هي الأكبر في تاريخ "الأونروا" منذ عام 1949، وقد ناشدت داعميها الدوليين توفير 65 مليون دولار إضافية للتعامل معها، رُبعها سيُنفق في لبنان.
لبنان
اغاثة
النهار