Friday, 13 September 2013 - 12:00am
مشعشع: نهر البارد ما زال يخضع لخطة الطوارئ
ربما اختارت المديرة العامة لـ"وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (الأونروا) آن ديسمور الكلمات الخطأ حين تحدثت عن خفض التقديمات لفلسطينيي نهر البارد، فانتفضوا للقليل الذي كان يصلهم منذ أن دمّر مخيمهم في العام 2007، لا سيما أن ديسمور ربطت خفض التقديمات بالعجز العام للوكالة وبالحالة الطارئة التي تشهدها سوريا وفلسطينيوها.
ما ورد إلى الجهات العليا في الوكالة من ردود أفعال فلسطينية دفع الناطق الرسمي ومدير الاتصال والإعلام في مكتب المفوّض العام سامي مشعشع إلى المجيء إلى لبنان سريعاً. أتى لفتح باب الحوار مع اللاجئين وللتوضيح "بالعربية" أن قضية نهر البارد لا تزال مدرجة على جدول الوكالة كحالة طارئة، وأن ما قصدته المديرة العامة ليس إلا إعادة تنظيم للأولويات من ضمن خطة الطوارئ الخاصة بالمخيم. وأكّد أن الميزانيات المرصودة من جانب الوكالة لحالات الطوارئ لا يمكن التلاعب بها أو تخفيضها، وهو مبدأ عام تتبعه "الأونروا" منذ تأسيسها. مع هذا لم يخف أن "الأونروا" واقعة في عجز وأنها "تعيش أزمة مالية خانقة منذ عقود كونها مسؤولة عن 5 ملايين لاجئ و58 مخيماً ونصف مليون طالب". ويبلغ عجزها حتى نهاية أيلول 50 مليون دولار، علماً أن الموازنة المطلوبة من قبلها للعام 2013 تبلغ 586 مليون دولار. أما عجز الموازنة المرصودة لإعادة إعمار نهر البارد فتبلغ 157 مليون دولار من أصل 345 مليون دولار مطلوبة.
يوضح مشعشع أن الوكالة أنجزت ثلاث مراحل من أصل الثماني المخطط لها لإنهاء إعادة الإعمار، وأنها على وشك إنجاز المرحلة الرابعة منها. يضيف: "ما لدينا من أموال يكفينا حتى نهاية العام 2014. وإذا سارت الأمور مثلما هو مخطط لها يعود إلى المخيم 25 في المئة من سكانه (2500 عائلة)، ويكون بذلك قد عاد أكثر من خمسين في المئة من اللاجئين (يقدّر اللاجئون بنحو 6100 عائلة)، بعد عودة 22 في المئة منهم قبلاً (2100 عائلة)".
نقاش مع الفصائل
ويطال العجز الخدمات الإغاثية المدرجة ضمن خطة طوارئ البارد ويبلغ 6.5 ملايين دولار من أصل 14.5 مليوناً طلبتها الوكالة في موازنتها لهذا العام. وتشمل الخدمات الإغاثية بدلات الإيجار والخدمات الصحية والتقديمات الغذائية. ويؤكد مشعشع في هذا الخصوص أن "الأونروا" خاضت نقاشاً مع ممثلي اللجان والفصائل الفلسطينية للبحث في كيفية إعادة تنظيم الخطة الإغاثية وبلورة الأولويات. وهي لم تتخذ القرارات إلا وفقاً لهذا النقاش. وبناء عليه ستضطر الوكالة مع بداية تشرين الأول المقبل إلى خفض عدد العائلات المستفيدة من بدلات الإيجار إلى نحو 2000، وذلك بعدما تبيّن للعاملين الاجتماعيين أن بعض الحالات (ويقدّر عددها بنحو 900) تستفيد من بدل الإيجار وهي أما غير مستأجرة وإما لم تكن تملك منزلاً في المخيم أصلاً.
وبسبب الأوضاع المالية ستعمد الوكالة إلى توحيد التقديمات الصحية بين جميع الفلسطينيين. وبالتالي لن تغطي الحالات الصحّية من الدرجة الثالثة للاجئي البارد بنسبة 100 في المئة، بل سيتحملون عبء 50 في المئة من قيمة الفاتورة الاستشفائية لهذه الدرجة. يوضح مشعشع أن "لا خيارات كبيرة لدينا في هذا المجال" ويكشف أنه "سيتم الإعلان اليوم عن تقديمات استثنائية لمرضى غسيل الكلى، وعددهم 18 في البارد، كونهم حالات مستعصية لا تستطيع انتظار تأمين الأموال لاستكمال العلاج".
سيقابل هذه "التخفيضات" إضافة نحو 6 آلاف شخص ضمن لائحة حالات العسر الشديد، التي تضمّ في الأصل نحو 7 آلاف لاجئ من البارد. وسيستفيد هؤلاء من مساعدات إضافية لا سيما في ما خصّ التعليم والعمل. ويلفت مشعشع أن سكان البراكسات، وهم نحو 600 عائلة سيشكلون نسبة مهمة من حالات العسر الشديد و"الوكالة تدرك أن ظروف حياتهم صعبة جداً، خصوصاً أنهم يسكنون في أماكن غير معدّة للسكن أصلاً، وهي بحاجة إلى صيانة دورية"، معلناً عن استمرار تقديم كل الخدمات لهم من كهرباء ومياه.
يعتقد مشعشع أنه إذا صدقت التوقعات وتمّ تأمين الأموال اللازمة سينتهي إعمار المراحل الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة مع نهاية العام 2015، والوكالة بصدد تصميم المرحلة الخامسة والتحكيم للمرحلتين السادسة والسابعة. وهو يذكّر أنه يتم إعادة إعمار 4 مدارس إضافة إلى مركز تدريب مهني وعيادة. كما تمّ تأهيل مدرستين في مخيم البداوي لانتظام دراسة التلاميذ.
"شفافية مطلقة"
أما في ما خصّ الحديث عن فساد ومحسوبيات ومنازل ضيّقة بعد الانتهاء من المراحل الأولى من إعادة البناء، فيشير مشعشع إلى أن "الوكالة تعمل بشفافية مطلقة وإلا لما استمرت منذ ستين سنة. وأن البيوت صغرت مساحاتها لمصلحة شوارع أكبر، وهو مطلب للاجئين أنفسهم. وقد أشرفت على عملية البناء لجان خاصة، وكلّف مهندس خاص من جانب المجتمع المدني لمتابعة الأعمال ووضع الملاحظات"، موضحاً أن الوكالة لم تتعهد بتعويضات في ما خصّ الشق الاقتصادي للمخيم، بل كانت منحاً للمتضررين.
ويضيف أنه يتفهّم غضب الأهالي من بعض الإجراءات لكن الوكالة بشخص مفوضها العام فيليبو غراندي والمديرة العامة آن ديسمور تسعى يومياً لتأمين الأموال اللازمة. ويؤكد أن الحديث عن محاولة وقف خدماتها غير صحيح لأن "الأونروا مستمرة إلى حين إيجاد حلّ عادل وكامل للقضية الفلسطينية".
إلى ذلك يلفت إلى أن قيمة الأموال التي تتبرع بها الدول للوكالة لم تنخفض، لكنّ حاجات اللاجئين زادت. وتبقى الولايات المتحدة الأميركية في صدارة المتبرعين، يليها "الاتحاد الاوروبي" ومن بعده عدد من الدول الأعضاء فيه بشكل منفرد. ويوجّه مشعشع نداء إلى الدول العربية لزيادة تبرعاتها سواء لنهر البارد أم للبرامج الإنسانية الطارئة الأخرى.
على صعيد آخر، ينفي مشعشع أن يكون عدد الفلسطينيين النازحين من سوريا قد انخفض، بمعنى أنه لا يمكن الحديث عن أنهم كانوا 93 ألفاً وباتوا 45 ألفاً. فالحقيقة هي أن 93 ألفاً عبروا الحدود اللبنانية. ويلفت إلى أن الفلسطينيين في سوريا ينزحون إلى مناطق مختلفة منها، وكذلك إلى لبنان بشكل مستمر، وهم يعبرون الحدود (ذهاباً وإياباً) في أوقات محددة للحصول على المساعدات، "علماً أن أسماء النازحين منهم مدرجة في نقاط محددة، ما يجعل من الصعب على نازح أن يحصل على أكثر من مساعدة في الوقت نفسه".
لبنان ACGEN السغير حقوق الفلسطينيين