«التربية»: 70 مدرسة بعد الظهر لـ40 ألف تلميذ

Tuesday, 29 October 2013 - 12:54pm
النازحون السوريون في «الرسمي» نحو 75 ألفاً
ساد الإرباك إدارات بعض المدارس الرسمية في تطبيق إجراء بتعليق دراسة التلامذة السوريين اللاجئين الجدد، مع اقتراب موعد قرار استيعابهم في دوام دراسي بعد الظهر، خصوصاً للذين لا يستطيعون مواكبة المناهج اللبنانية.
يأتي هذا القرار غير المعلن من جانب وزارة التربية، بعدما اكتملت الاستعدادات لاستقبال هؤلاء التلامذة في دوام بعد الظهر في نحو سبعين مركزاً (خمسون مركزاً بات جاهزاً) موزعاً على مختلف المحافظات، من بينها أربعة مراكز في العاصمة بيروت، بعدما تجاوز عدد التلامذة السوريين القدامى (الذين أكملوا عامهم الدراسي في العام الماضي) الـ37177 تلميذاً، في حين أنه يوجد على لائحة الانتظار 37289 تلميذاً، علماً أن التسجيل سيبقى متاحاً للتلامذة السوريين حتى مطلع الشهر المقبل.
وأوضح مصدر تربوي رسمي أن كل تلميذ درس العام الماضي تحق له متابعة صفه في شكل طبيعي وكل تلميذ جديد، يتم تحويله إلى دوام بعد الظهر، باستثناء من لديهم أخوة وأخوات يدرسون منذ العام الفائت لديها، باعتبار أنهم لا يحتسبون من اللاجئين الجدد.
ولفت إلى أن بعض الإرباكات حصلت عند عدد من المديرين (تحديداً في خمس مدارس، ثلاث منها في البقاع واثنتان في جبل لبنان)، الذين عمدوا إلى تسجيل التلامذة السوريين على أساس أن المساعدات ستأتي للمدارس الرسمية، بدلاً من أن يعمدوا إلى تسجيل الفائض منهم على لوائح الانتظار ليلتحقوا بالدوام الدراسي، بعد الظهر، وعلى نفقة «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، ومنظمة «اليونيسيف»، في حين أن تعميم وزارة التربية، طلب تسجيل التلامذة السوريين الجدد وغير القادرين على مواكبة المناهج اللبنانية، على لائحة الانتظار.
وكان وزير التربية والتعليم العالي حسان دياب قد تسلم مطلع تشرين الأول كتابين، الأول من «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، والثاني من «منظمة اليونيسيف»، يبلغانه فيهما استعدادهما لتقديم مساعد مالية للتلامذة النازحين السوريين، بقيمة ستين مليون دولار.
تأتي مساهمة هاتين المنظمتين، بعد ما لم تعد وزارة التربية قادرة على استيعاب أعداد التلامذة النازحين في المدارس الرسمية، نظراً لعدم وجود أي اعتماد مالي إضافي لدى الوزارة لتغطية نفقات رسوم التسجيل وثمن الكتب لمرحلة التعليم الأساسي.
وفي حين يرفض دياب الدخول في أعداد التلامذة السوريين اللاجئين، مكتفياً بالقول لـ«السفير» أن عدد التلامذة السوريين المسجلين للعام الدراسي الحالي مشابه للعام الدراسي الماضي، وأن مَن هو على لائحة الانتظار قد تخطى الارقام المتوقعة، يشير المصدر التربوي إلى أن الإحصاءات الأولية أظهرت وجود أعداد كبيرة على لائحة الانتظار، ففي محافظة «البقاع» وحدها يوجد فيها على لائحة الانتظار نحو 11719 تلميذاً سورياً، في حين يتابع الدراسة نحو 7258 تلميذاً سورياً في شكل عادي. وفي محافظة «جبل لبنان» نحو 11712 تلميذاً على لائحة الانتظار، بينما يتابع نحو 22270 تلميذاً الدراسة، والأمر مشابه في محافظة النبطية التي يوجد فيها نحو 5163 تلميذاً على لائحة الانتظار، وقرابة 2811 تلميذاً قديماً.
ويعلق المصدر على الضغط الذي تتعرض له المدرسة الرسمية، العاجزة أساساً على تلبية حاجات تلامذتها، نظراً لضعف الإمكانات، بالإشارة إلى أن هم وزارة التربية هو تأمين الاستقرار الإداري والتربوي لتلامذتها اللبنانيين الجدد والقدامى، وللتلامذة القدامى السوريين، ومن ثم تسجيل التلامذة السوريين الجدد بالقدر الذي يمكن للمدرسة استيعابه، بحيث لا تضطر إلى فتح شُعَب جديدة، على أن يقيّد العدد الفائض عن القدرة الاستيعابية للمدرسة في قوائم انتظار ريثما يتخذ القرار بافتتاح دوام دراسي بعد الظهر لهم.
ويشير إلى أن وزارة التربية غير قادرة على تنفيذ تعاقد جديد مع أي معلم تبعاً للتعميم الرقم 28 الصادر عن وزير التربية والتعليم العالي، في السابع والعشرين من أيلول الماضي، والذي نص في فقرته الأولى على توزيع على إكمال النصاب القانوني من حصص التدريس لجميع مدرسي الملاك والمحدد بـ27 حصة في مرحلة الروضة والحلقتين الأولى والثانية، وبـ24 حصة في الحلقة الثالثة.
وشدّدت الفقرة الرابعة من التعميم على عدم استحداث أي شعبة جديدة باستثناء صف الروضة الأولى المستحدث لهذا العام قبل أخذ موافقة المرجع المعني، وأن يكون عدد التلامذة وفق أحكام النظام الداخلي والمحدد بما يزيد على ثلاثين تلميذاً في الشعبة (حضور فعلي)، على أن يتم الالتزام بمراقبة دوام وحضور التلامذة فعلياً، وإعلام المنطقة التربوية، بأي تلميذ يغيب لأكثر من 15 يوماً من دون مبرر وإعادة توزيع الشعب على أساس التلامذة الملتزمين بالحضور الفعلي الدائم.
وأكد التعميم في الفقرة الخامسة عدم إدخال أي متعاقد جديد وتكليفه بالتدريس واحتساب الحصص له قبل الحصول على موافقة المرجع الإداري الصالح، وبعد دراسة شاملة للمنطقة التربوية المعنية تتضمّن بياناً بأسماء مدرسي الملاك واختصاصاتهم ونصابهم، والحصص المكلفين بها، وعدد تلامذة المدرسة وشعبها، وبيان سبب الحاجة إلى التعاقد، ورفع ملف بهذه الحاجات إلى مديرية التعليم الابتدائي ليُصار إلى دراستها وعرضها وفق الأصول، لأخذ موافقة المراجع المختصة على تأمين هذه الحاجات.
ويوضح المصدر التربوي أن التعميم المذكور، أوقف التعاقد (يبلغ عدد من سيتم التعاقد معهم هذا العام العشرات، بعكس السنوات السابقة التي كان يتم التعاقد بالمئات)، وألزم المعلمين بحصصهم، ومديري المدارس بتطبيق القوانين، وعدم السماح لأحد بالتغيّب، وأيضاً وقف الهدر المالي على ساعات التعاقد.
وكشف المصدر أن فتح مراكز جديدة في دوام بعد الظهر، مشروط بعدد التلامذة السوريين النازحين، والمعيار الموضوع، هو وجود 250 تلميذاً وما فوق، وإذا قلّ العدد عن ذلك، يتمّ درس كل حالة في شكل منفرد. وبالنسبة إلى الهيئة التعليمية فهي ستكون على نفقة الجهات المانحة، علماً أن الوزارة عمدت إلى وضع لوائح اسمية بالمدرسين الذين يرغبون في التعاقد مع الجهات المانحة (ست ساعات أسبوعياً لأساتذة الملاك)، وللمتعاقدين القدامى، وأن أي طلب تعاقد سيكون على نفقة الجهات المانحة.
يذكر أن التلامذة السوريين عانوا كثيراً من المصاعب، نظراً لاختلاف المنهج اللبناني عن السوري وصعوبة اللغات بالنسبة إليهم، لذا بدأت «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» باعتماد صفوف بعد الظهر، ووقعت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفيرة أنجلينا أيخهورست، ومدير «المجلس الثقافي البريطاني في لبنان» أونيس كروك، في مطلع تشرين الأول، عقداً بقيمة 1.3 مليون يورو لتسهيل اندماج التلامذة السوريين في النظام المدرسي العام اللبناني.
ويهدف المشروع إلى «دعم وزارة التربية والتعليم العالي والمركز التربوي للبحوث والإنماء في تطوير منهجية تعليم اللغة وتدريب التوعية الثقافية الذي سيستفيد منه التلامذة السوريون واللبنانيون. ومن خلال المشروع، سيحسّن 25 مدرباً من مدربي المعلمين و1500 معلم لبناني مهاراتهم في تعليم اللغة. وخلال فترة المشروع التي تصل إلى 28 شهراً، من المتوقع أن يستفيد منه نحو 90 ألف طفل من اللاجئين السوريين المشاركين في برامج التعلم السريع مع مجموعة واسعة من المؤسسات غير الحكومية، بالإضافة إلى التلامذة اللبنانيين في المدارس الرسمية».
ويلفت المصدر إلى أن الأموال المرصودة من الجهات المانحة، والمقدرة بنحو ستين مليون دولار، تتضمّن تغطية مصاريف المازوت في المناطق الجبلية، وترميم 140 مدرسة، ودفع بدل رسوم الأهل، والقرطاسية. وقال: «لا يمكن أن تتحمل وزارة التربية دفع بدل ثمن الكتب للتلامذة السوريين، وحرمان تلامذتها، ولا يمكن أن يحصل التلميذ السوري على قرطاسية مجاناً واللبناني عليه دفع ثمنها، لذلك أكدنا على الجهات المانحة، أن تتم المساواة».
ويقول المصدر: «تعاني المدارس الرسمية من أزمة مالية، أضيف إليها أزمة النزوح السوري، وإذا مرّ العام الدراسي، كما كان عليه في العام الماضي، تكون الوزارة حققت إنجازاً كبيراً، في ظل تراجع القدرات المالية للوزارة، ونقص التجهيزات في المدارس منذ سبع سنوات».
ويختم أن «الوزارة قادرة إذا توافرت الأموال اللازمة على دعم التلامذة السوريين بما يتناسب مع إقامتهم الموقتة، واحتضان العدد الأكبر منهم عبر فتح مدارس جديدة، إلا أن المشكلة تكمن في نقص الأموال، وعلى الجهات المانحة تحمل مسؤولياتها تجاه النازحين».

لبنان اغاثة السغير تربية وتعليم