Monday, 7 October 2013 - 12:00am
لا يبدو أنّ العام الدراسي في الجامعة اللبنانية سيكون عادياً هذه السنة، فالمشكلات بدأت حتّى قبل أن تفتح الجامعة أبوابها للتسجيل. فبعد التحرّك المفاجئ والإستباقي للمنظّمات الطلابية إعتراضاَ على أي زيادة محتملة على رسوم التسجيل الجامعية، أتت قضية أكبر لتعكّر إنطلاقة السنة الدراسية وهي إنتشار صورة عبر مواقع التواصل الإجتماعي تظهر وجود خانة «المذهب» على إيصالات تسديد رسوم التسجيل الخاصة بالجامعة. وسرعان ما استقطبت هذه الصورة آلاف التعليقات المستنكرة لتصنيف الطلاب بحسب المذهب الذي ينتمون إليه. ووجّهت أصابع الإتهام مباشرة الى رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين باعتبار أنّ ذكر المذهب يحرّض على المذهبية والفتنة الطائفية في لبنان، على رغم تأكيد الأخير «أنّ ما حصل خطأ غير مقصود، وسيتمّ سحب الإيصالات من الجامعات وتغييرها وتصحيح الخطأ».
وسارعت الأحزاب والتيارات السياسية بمختلف إنتماءاتها الى رفض هذه الظاهرة الجديدة. وأبدى مكتب الشباب والرياضة المركزي في حركة «أمل» إستغرابه لوجود خانة المذهب على إيصالات التسجيل، مؤكداً أنّ هذه الخانة لم تكن موجودة سابقاً، داعياً الطلاب الى تركها فارغة أو كتابة كلمة «لبناني». كما اعتبر مكتب الطلاب المركزي في قطاع الشباب في «تيار المستقبل» أنّ «هذا الأمر تطوّر خطير في الجامعة الأم التي من المفترض أن تكون لكلّ الطلاب من دون تمييز». وأوضح أنّ هذه البدعة تطرح السؤال «هل المطلوب تكريس الفرز الطائفي الى جانب الفرز السياسي؟»، مشدّداً على أنّ التيار يرفض أي تفرقة مذهبية ومناطقية.
ظهرت الصورة عبر شبكة الإنترنت قبل أيام عدّة من فتح باب التسجيل في الجامعة اللبنانية، وهذا ما أكّد أنّها مسرّبة من إدارات إحدى الكليات قبل إعطائها للطلاب. وما أن تمّ تداولها حتّى دار النقاش بين الطلاب ورؤساء المنظّمات الطلابية حول الغاية الحقيقية لوضع خانة المذهب، وأعطيت الاولوية لفرضية إجراء الإحصاءات في الجامعة والحاجة الى جمع معلومات محدّدة حول الطلاب، خصوصاً أنّ هناك جامعات خاصة في لبنان تطلب من طلابها تحديد مذهبهم على طلب الإنتساب بهدف الإحصاء. كما برزت فرضية أخرى ترتبط بمحاولة تقسيم الجامعة مذهبياً وتعزيز الفرز بين الفروع في مختلف المناطق اللبنانية. لكن عند الإطلاع على حقيقة الوضع في الكليات، يبدو الأمر مختلفاً.
فطلبات التسجيل في الفروع التي يملأها الطلاب مطلع كل عام لا تتضمن خانة «المذهب»، اذ يملأ الطالب الخانات المطلوبة كإسم الأب والأم والشهادات التي يحملها مع ذكر الجنسية والسنة الدراسية التي يريد أن يسجّل فيها. عندها يتمّ إدخال هذه المعلومات الى برنامج التسجيل الإلكتروني الخاص بالجامعة، ويُعطى الطالب إيصال تسديد الرسوم الذي سيحمله الى شركة البريد «ليبان بوست» حيث تُدفع الرسوم. على هذا الطلب تحديداً، وضعت خانة «المذهب» بشكل مستجدّ، لكن من دون أن يتمّ تعبئتها من قبل الطالب أو أن يُسأل عن ذلك من قبل إدارة الكلية التي يريد الإنتساب إليها. وتؤكد موظّفة مسؤولة في قسم شؤون الطلاب ضمن مجمّع للجامعة اللبنانية، فضّلت عدم الكشف عن إسمها، أنّ الإدارات إحتارت في ما يجب فعله بسبب النقص في عدد الإيصالات الموجودة لديها في مختلف الكليات قبل أيام من بدء التسجيل. وبعدها، تسلمت الإدارات هذه الإيصالات التي أثير الجدل حولها، لأنّها تحوي لأول مرّة خانة «المذهب». لكن المسؤولة تؤكد أنّ هذه الخانة لم تملأ أبداً، وفي حال طُلب من إدارة الجامعة أن تعطي الأرقام التي لديها حول إنتماءات طلابها، لن تستطيع ذلك لأنّ المعلومات الوحيدة التي تدخل الى برنامج التسجيل الذي يحوي كلّ «داتا» الكليات هي الخاصة بطلب الإنتساب الأولي الذي لا يشير أبداً الى المذهب.
لكن عند إنتفاء القيمة الفعلية لهذه الخانة على صعيد الإحصاء أو الفرز المذهبي، يبقى السؤال حول الظروف التي أدّت الى وصول مثل هذه الإيصالات الى أقسام شؤون الطلاب. فالتبرير الذي يقدّمه بعض الإداريين وكذلك الرئيس، بأنّ الحاجة الماسة الى كمية من الإيصالات دفعت الى إستخدام هذه المستندات تحديداً التي كانت تعتمد قبل عشرين سنة من دون التنبّه الى خانة المذهب، تخضع للتشكيك من قبل الطلاب. وإذا كان هذا هو السبب الحقيقي وراء ذلك، أو أن هناك نوايا مخفية، فالمسألة اليوم تبقى مرهونة بالإجراءات التي ستتّخذها إدارة الجامعة اللبنانية للتخفيف من الإحتقان في صفوف طلابها وتصحيح الخطأ «المطبعي» في حال كان كذلك، لكي ينطلق العام الدراسي من دون أي تصعيد إضافي يضرّ بمصلحة الطلاب أولاً.
لبنان ACGEN الحياة جمعيات مجتمع مدني