Monday, 7 October 2013 - 12:00am
هل بات المزارعون اللبنانيون يعلمون أنهم قادرون على استعمال تقنية بسيطة في الزراعة، من دون حراثة الأراضي بل حمايتها من التدهور وزيادة الأرباح وتخفيض التكلفة الإنتاجية لديهم؟ هذه التقنية ليست جديدة في دول العالم، إلا أنها دخلت حقولنا الواسعة قبل نحو ستة أعوام بفضل بحوث كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت.
بإزاء البحوث التي يجريها أستاذ علم التربة وتغذية النبات في كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور عصام بشّور، باتت هذه التقنية تعرف باسم الزراعة المحافظة على الموارد أو الزراعة التي لا تُحرث فيها الأرض، "وهي طريقة تُبقي للتربة كل معادنها ومياهها وتشجّع على ادارة أفضل للتربة السطحية لجعلها عضوية وغنية"، وفق بشور، "وتلحظ الزراعة المحافظة على الموارد المداورة في المحاصيل، مما يضبط انتشار الآفات الزراعية".
وهل لهذه التقنية أدوات مختلفة في الزراعة عمّا يستخدمه المزارعون عادة؟
يجيب: "إنها الآلة عينها التي يعتمدها المزارعون في الزرع، لكن الاختلاف يكمن في استخدام قرص أو سكين رفيع بدل العريض يقوم بشق الأرض على أن تضع الآلة بذور الشعير، أو القمح أو الذرة إلى جانب مادة السماد على مستوى العمق المطلوب. وبهذه الطريقة يوفّر المزارع في الإنفاق لناحية جلب العمالة، الوقود والآلات، وأيضاً في كمية البذور والسماد مع ضمانة سليمة للمحاصيل الزراعية". وتتناقض الزراعة المحافظة على الموارد بوضوح مع المفهوم السائد لدى المزارعين اللبنانيين بأن الاكثار من حراثة الأرض يزيد من خصوبتها.
حملت كلية العلوم الزراعية والغذائية لواء الزراعة المحافظة على الموارد منذ العام 2007، بعد أول مشروع تجريبي لها بالشركة مع الوكالة الألمانية للتعاون التقني (GTZ) ومصلحة البحوث العلمية الزراعية اللبنانية (LARI). ووفق بشور تُزمع الكلية على تعريف أكبر عدد ممكن من العاملين في النشاطات الزراعية، على الزراعة المحافظة على الموارد، متوقعاً أن يكون لهذه التقنية تأثير إيجابي على القطاع الزراعي في المستقبل.
ويقول بشّور في هذا السياق: "تتواصل بحوث الزراعة المحافظة على الموارد وتُظهر أن هذه التقنية توفّر تكلفة الإنتاج منذ السنة الأولى لمصلحة المزارع، فيما ترتفع نسبة الأرباح بعد سنتين أو ثلاث، ما يساهم في تخفيف تدهور الأراضي". وبدعم بحوث الكلية، تطور المشروع التجريبي إلى أربعة هكتارات في المركز الزراعي للبحث والتعليم (AREC) التابع للجامعة الأميركية في البقاع ومصلحة البحوث العلمية الزراعية اللبنانية (LARI) ليغطّي ألفي هكتار. واستخدم هذه التقنية في المرحلة التجريبية 64 مزارعاً من البقاع، وعدد أقل من المزارعين من الجنوب والشمال وغيرها من المناطق اللبنانية.
تعريف الطلاب إلى التقنية
بما أن إقناع المزارعين القدامى بعدم حراثة الأرض أثناء الزرع ليس بالأمر السهل، تنصب جهود الكلية على إقناع الطلاب والمهندسين الزراعيّين الجدد باستبدال الوسائل التقليدية بأخرى حديثة. ولهذا السبب بدأ الطلاب يتحضرون للتعرّف إلى هذه التقنية عبر ورش عمل مكثّفة استمرت من 11 إلى 14 أيلول الفائت، شارك فيها 34 طالباً وطالبة من الجامعات الأربع: الأميركية، اللبنانية، الروح القدس والقديس يوسف. وفي مداخلة للطالبة رزان دبيبو (23 عاماً)، سنة أولى ماجيستر في الهندسة الزراعية، في الجامعة الأميركية، تحدثت عن أهمية ورش العمل قائلة: "إنها في ذاتها ورش تعليمية ومفيدة تزيد معرفتنا بالزراعة المحافظة على الموارد". وأشارت إلى أهمية التخصص في هذا المجال، خصوصاً "مع ارتفاع نسبة السكان سنوياً ما يزيد الطلب على الإنتاج، وهذا الأمر يتطلب تحديثاً في العمل الزراعي، ما يؤثر إيجاباً في أصحاب المزارع كما المزارعين في زيادة الأرباح".
وأدار ورش العمل أساتذة من الجامعات الأربع المشاركة، وشارك الطلاب أيضاً في ثلاث دورات صيفية بتمويل من الهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD).
ويعرب بشّور عن سعادته بالتقدم الذي أنجزته الجامعة الأميركية في هذا المجال، لا سيّما وأنها "كانت السباقة في اكتشاف هذه التقنية والأولى في تدريس هذه المادة بين جامعات لبنان والمنطقة". إذاً، هي التي بشّرت بهذه التقنية التي تحرص على انتشارها تدريجاً بين أوساط المزارعين، وفق قوله، موضحاً أن "هذه الوسيلة الإنتاجية في حاجة إلى مزيد من البحوث والدعم من الحكومة".
وزارة الزراعة تدعم فنيّاً
أقنعت بحوث الجامعة الأميركية وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن بأن الزراعة المحافظة على الموارد هي نظام نافع للبنان. وقد شكّلت الوزارة لجنة فنية للزراعة المحافظة على الموارد تضم أساتذة جامعيين ومتخصصين من الوزارة، لتقرير ما يجب اتخاذه من خطوات لنشر الوعي بين المزارعين اللبنانيين بأهمية هذه التقنية وعدم حراثة الأرض. "وقد طلب الوزير من 28 مرشداً زراعياً منتشرين في المناطق كلها بإيجاد كل منهم ثلاثة مزارعين وتطبيق هذه التقنية في منطقته".
وختم بشور بتأكيد دور الجامعة الأميركية في تعليم تقنية الزراعة المحافظة على الموارد وعدم الحراثة، ومتابعة البحوث الميدانية والمخبرية ودعم الدائرة المختصة في وزارة الزراعة في اجراء تجارب ميدانية واقامة ورش عمل للمزارعين.
لبنان FBO WEEP النهار زراعة