Thursday, 24 October 2013 - 11:54am
بعد نصف قرن على انشائه، يبدو الضمان الاجتماعي صندوقا يهترىء يوما بعد يوم. فالمشكلات عديدة والى تراكم، بشهادة "أهل البيت". اذ ليس صعبا معاينة التردي الاداري والاهدار المالي والشحّ في الموارد المالية، اضافة الى التدني في مستوى التقديمات وفاعليتها والتعثر في وصولها الى اصحابها والتوقف عن التوسع في ميدان التطبيق. وفي كلها، يبقى المضمون هو الضحية، فيبادر الى الموافقة على اي مطلب لقفل الضمان... الاستقرار الاجتماعي المتبقي.
يقول العارفون بامور الضمان ان الصندوق بات محاطاً ومحاصراً بضباب مبعثه دعوات وطروحات ممنهجة، لا حد لتوقفها الا عند الاطاحة به والقضاء على انجازاته والعودة بالمجتمع وعلاقات العمل والضمانات الاجتماعية الى عصر التفلت والانعتاق من كل قيد او توجه اجتماعي، الى ما قبل عصر دولة الرعاية الاجتماعية التي صاغتها ازمة الانتاج العالمية (1929–1931) وكوارث الحرب العالمية الثانية (1939–1945).
واكثر، يرى المدير السابق لفرع ضمان المرض والامومة جميل ملك، ان مبعث ذلك المشهد، صرخات محقة يطلقها المضمونين اصحاب المصلحة الحقيقية في الضمان، "لمعاناتهم اليومية امام شبابيكه وعند ابواب المستشفيات والمختبرات والصيدليات ومراكز التصوير وفي عيادات الاطباء، والتي سرعان ما يتلقفها المعادون لفكرة الضمان وفلسفته، "اذ يضخمون المعاناة في حملاتهم التي تجد صدى عند المضمونين الذين هم على حال الذين يقدم اليهم السمّ بالدسم، فلا يفيقون من سكرتهم الا وقد قضي الامر بالقضاء على نظام الضمان، الملاذ الاول والاخير لهم في وجه الاخطار المرض والعجز والشيخوخة والوفاة".
ووفق ملك، يتحمل مسؤولية عدم تصويب الاوضاع في الضمان اجهزة الصندوق الثلاثة (مجلس الادارة والمديرية العامة واللجنة الفنية) والاجهزة الرسمية المعنية بالصندوق (وزارات العمل والمال والصحة)، والسلطة السياسية. فالضمان "هو الركن الاساسي في وحدة المجتمع اللبناني، والعامل الاساسي في استقراره وانتظام علاقات الانتاج فيه، ويمكن اصلاح اوضاعه وتصويبها وابقائه عند حدود رسالته الاجتماعية".
¶ ما هي اولويات الاصلاح التي تنعكس مباشرة على العلاقة مع المضمونين؟
يعتبر ملك ان الضمان هو احد اقطاب ثالوث الاستقرار في لبنان، "اذ يوفر الاستقرار الاجتماعي الى جانب الاستقرار الامني عبر الجيش والنقدي عبر مصرف لبنان. وتاليا، يفترض تعيين حاكم للصندوق بمرسوم وزاري يعاونه 4 نواب لمديري الشؤون المالية والقانونية والادارية والتقديمات، وذلك على غرار هيكلية حاكمية مصرف لبنان". وهذا برأيه يضعف صلاحيات المدير العام "الناهي والآمر" من غير وجه حق. ويرى ضرورة خفض حجم مجلس ادارة الضمان من 26 الى 8 (4 لممثلي العمال و4 لاصحاب العمل بينهم ممثل للدولة) ومفوض حكومة متفرغ وغرفة في ديوان المحاسبة تحل محل اللجنة الفنية "التي تهتم بكل الامور باستثناء مهماتها الاساسية المتعلقة بالتدقيق في حسابات الصندوق.
كذلك، يتحفظ عن انشاء المكاتب والفروع المحلية والاقليمية للضمان في المناطق (نحو 36 مكتبا)، "لانها انشئت لحسابات طائفية وسياسية وانتخابية وليس لحاجات فعلية، وافضت الى تشتيت الموظفين الذين عيّنوا في اطار التوظيف السياسي الذي هو في اساس علّة المؤسسات العامة، وعجزت عن تقديم الخدمات نظرا الى تراكم حصل في بعضها وفراغ في آخر". وطالب باعادة تعويض العائلة الى نظام النسبة (75%) كما كان قبل اعتماد نظام "البدل المقطوع" والذي حدد بـ60 الف ليرة عن المرأة و33 الفا لكل ولد، وذلك رغم غلاء المعيشة والتضخم وزيادة الاجور. كذلك، طالب بالعودة الى اعتماد "لائحة الادوية"، مما يوفر الملايين على الفاتورة الصحية للبنان "الاغلى في العالم بعد الولايات المتحدة في هذا المجال".
وفي التحفظات ايضا، يشير ملك الى "طوابير الذلّ" التي تبقي المضمون رهينة الروتين الاداري والبشري، داعيا الى اعادة ترتيب الاولويات للتخلص من تلك الآفة "بدءا بتجميع الموظفين وتعميم المكننة، مرورا بالتخلي عن "ختم" الادوية لانها دليل انعدام الثقة وعجز الضمان عن ضبط الامور". وفي الشؤون الادارية، يدعو الى اصلاح الفروع وفي مقدمها نظام تعويض نهاية الخدمة "المكشوف على ثغر قانونية وتطبيقية والذي يحتاج الى اعادة ترميم في انتظار اقرار قانون نظام الضمان والشيخوخة او قانون التقاعد والحماية الاجتماعية"، داعيا في هذا الصدد للعودة الى مشروع القانون الاول الذي وضعه المدير العام السابق للضمان رضا وحيد في آذار 1978.
في الخلاصة، لا خلاص للضمان الاجتماعي ولا عودة الى توازنه المالي، الا بالعودة عن المرسومين اللذين خفضا الاشتراكات من 15 الى 9% للضمان الصحي ومن 15 الى 6% للتعويضات العائلية والى 8,5% لتعويض نهاية الخدمة، لان من شأن ذلك ان يعيد للضمان توازنه المالي المفقود منذ مطلع الالفية الثانية.
لبنان ACGEN اجتماعيات النهار رعاية وضمان