حرب ناعمة بين «الصحة» و«نقابات الاستشفاء»

Friday, 29 November 2013 - 12:00am
خليل لـ«السفير»: سنعدّل العقود مع المستشفيات
بدا مؤتمر «الاستراتيجيات المستقبلية لقطاع الاستشفاء في لبنان» الذي افتتح أمس، كساحة «حرب باردة» بين النقابات الاستشفائية التي حملت همومها اليومية وشكواها وامتعاضها من جهة، ووزير الصحة علي حسن خليل ممثلاً رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي أشار إلى «ملاحظات على ملاحظات النقابات»، من جهةٍ ثانية.
فخليل، وعلى هامش المؤتمر، يوضح لـ«السفير» أن «العمل جارٍ لتعديل العقود المبرمة مع المستشفيات، لفرض مزيدٍ من التشدّد في تطبيق بعض الشروط، إذ تبيّن أنّ بعض المستشفيات لم تلتزم تطبيق بعض البنود»، كاشفًا عن وجود ثغرات تعيق تطبيق بعض هذه البنود، «لذلك عملنا مع لجنة قانونية لتطويرها وتحديثها».
ويفيد أن «العقود الجديدة لحظت في الدرجة الأولى، حق المواطن في الحصول على الاستشفاء على حساب وزارة الصحة من دون أن يدفع ليرة إضافية، وسيصار إلى التشدد في مراقبة هذا الأمر، على أن يتم إدخال المرضى إلى المستشفيات، على حساب الوزارة، وفق هذه الشروط».
وعلى الرغم من إقرار خليل بصعوبة اتّخاذ خطوات كبيرة لمعالجة مشكلات القطاع الصحي في ظل غياب حكومة، يقول: «نحاول قدر الإمكان القيام بعملية تسيير للقطاع»، لافتا الانتباه إلى أنّ «تركيز الوزارة يتمحور حالياً على مواصلة تأمين الخدمات الصحية للمواطنين، وتأمين الأدوية والاستفادة من الإمكانات الموجودة، لتعزيز الاستشفاء الحكومي في المناطق كافة». ويشير في الوقت نفسه، إلى أن «الوزارة تهيئ الظروف والمناخات لتطبيق التغطية الصحية الشاملة، التي تحتاج إلى متابعة مع الحكومة الجديدة».

نقاشات ثنائية لاحقة
وكان خليل قد استهل كلمته في المؤتمر الذي نظمته الوزارة بالتعاون مع «اتحاد المستشفيات العربية»، و«نقابة المستشفيات»، و«نقابة الأطباء» و«نقابة الممرضين والممرضات»، في «فندق لو رويال»- ضبيه، قائلا: «لن أتوقف عند الكثير من الملاحظات التي أطلقت خلال الافتتاح، وهي ملاحظات ربما يكون لدي ملاحظات عليها، لذلك أتركها لنقاشاتٍ ثنائية لاحقة، ربما تكون أكثر فعالية من طرحها عبر الإعلام». وفيما أبرز»ضرورة التكافل والتضامن بين الوزارات والنقابات المعنية في القطاع الطبي، والتعاون والتكامل في الوقت نفسه بين القطاعين العام والخاص»، أشار إلى «إمكانية الاعتماد على اللجان المختصّة مثل اللجان الطبية وغيرها، نظراً لفعالية عملها في المستشفيات، إضافةً إلى برامج العمل التي يسير عليها القطاع، للحفاظ على السمعة الحسنة لمؤسساتنا الاستشفائية».

أجهزة الرقابة تغض النظر
أما «جولة الحرب الناعمة»، إذا صح التعبير، فاستهلها رئيس «نقابة أصحاب المستشفيات» سليمان هارون، عندما شدد على وجوب «تعديل العقود المعمول بها بين المستشفيات والجهات الضامنة لتصبح متوازنة تضمن حقوق الجميع، إضافةً إلى تطبيق مبدأ الثواب والعقاب»، معتبرًا أن «أجهزة الرقابة حالياً تغض النظر عن بعض المخالفات لعلمها أن هناك بنوداً يستحيل تطبيقها».
ورأى أن «الطلب من النقابة القيام بالمراقبة تعجيزيّ، لأنها لا تعمل إلا من خلال الآليات القانونية مثل اللجنة المشتركة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهي معطّلة بسبب قرار خاطئ من مجلس إدارة الصندوق».
واستغرب هارون عدم الاستجابة لطلب النقابة لمراقبة استيراد المستلزمات والمغروسات الطبية واستعمالها وتسعيرها، ووضع تطبيق الآليات اللازمة لذلك، ما يضمن نوعية أفضل وأسعاراً أقلّ»، منبّهاً من «قيام أطباء بأعمال جراحية في عيادات أو شقق داخل مبانٍ سكنية أو تجارية خلافاً للقانون»، مطالباً وزارة البيئة «بالتشدّد في تطبيق المرسوم القاضي بتحديد أنواع نفايات المؤسسات الصحية وكيفية تصريفها لأنه لم يطبّق سوى في المستشفيات».

لاستراتيجية جامعة

لم تخل كلمة رئيس «نقابة الأطباء»، أنطوان البستاني أيضًا، من رسائل مبطنة، إذ سلّط الضوء على تأثير السياسة في القطاع الصحي، مشيراً إلى أن «الاستراتيجية الصحية التي كانت سائدة، تحوّلت إلى استراتيجيات لكلّ منها أهداف واتجاهات وطريقة عمل، توزّعت بين الأطباء والمستشفيات والممرّضين والكليات وغيرهم»، مشدداً على «ضرورة التوصّل إلى استراتيجية مستقبلية جامعة للقطاع، عبر تبادل الخبرات، والاستفادة من ثغرات الماضي».

بناء خطة صحية

من جهته، دعا رئيس الاتحاد فوزي عضيمي إلى «بناء خطة صحية لنكتشف مدى توافر الخدمات الاستشفائية العادية، وصولا للخدمات المتقدمة، من زرع الأعضاء وجراحة القلب وجراحة الأطفال وخدمات الأمراض السرطانية والمستعصية وسواها». وتطرّق إلى موضوع السياحة الصحية، لافتاً الانتباه إلى أنها «وسيلة لتعزيز الترابط بين شعوبنا وتعطي المستشفيات بديلاً «مليئاً» يعوّض عن افتقارنا للملاءة المالية الحكومية والعامة».
وطالبت رئيسة «نقابة الممرّضين والممرّضات» هيلين نويهد بـ«الالتفاف حول قطاع التمريض والصحة لإعادة الثقة». وإذ أشارت إلى «زيارات ميدانية تقوم بها النقابة إلى المستشفيات لمعالجة المشكلات المستجدة»، شدّدت على ضرورة التنسيق بين الوزارات المعنية بالقطاع، أي الصحة والتربية والبيئة من جهة، والجهاز التمريضي من جهةٍ أخرى، للعمل على تحسين قانون مهنة التمريض وتطويره.
ولفت المدير العام لـ«المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي»، الأمين العام لـ«اتحاد المستشفيات العربية» توفيق خوجة الانتباه إلى أن «الأوبئة الخفية المتمثلة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وداء السكري والسرطان وغيرها، التي تمثل الأسباب الرئيسة للوفاة أو الإعاقة، تتّجه إلى مزيدٍ من الارتفاع، لا سيما في الدول المتوسطة والفقيرة من حيث الدخل»، مشدداً على أهمية «تفعيل الإستراتيجية العالمية بشأن النظام الغذائي والنشاط البدني والصحة من خلال البرامج والإدارات الصحية المختلفة، بالتعاون مع الجهات والهيئات الحكومية وغير الحكومية».
في الختام، قدم خليل لخوجة باسم رئيس الجمهورية، وسام الاستحقاق اللبناني الفضي. كما قُطع قالب الحلوى احتفالا ببلوغ عضيمي عامه الستين في القطاع الاستشفائي.
باسكال صوما

لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء السغير