صيغتان لسلسلة الرواتب: 73.5% أو 121%؟

Monday, 11 November 2013 - 12:00am
وضع رئيس اللجنة النيابية الفرعية، ابراهيم كنعان، تقريراً عن سلاسل الرواتب للموظفين والمعلمين والعسكريين يقترح فيه صيغتين يفصل بينهما هامش واسع غير مقبول: الأولى تنطوي على زيادة بنسبة 73.5% والثانية 121%، إلا أن مضمون التقرير كان واضحاً في ميله الى الصيغة الأدنى التي ترفضها هيئة التنسيق النقابية لكونها أدنى مما حصلت عليه في مجلس الوزراء

فعلها النائب ابراهيم كنعان، رئيس لجنة المال والموازنة النيابية، ورئيس اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة (المكلّفة درس مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب). أعدّ تقريره الموعود فأعاد الأمور الى النقطة الصفر، إذا تبنّاه بقية النواب. هذا التقرير الموزّع عن أعضاء اللجنة تضمّن صيغتين لتصحيح سلاسل رواتب الموظّفين في الملاك الإداري العام والسلك الخارجي وأفراد الهيئة التعليمية والعسكريين. الصيغة الأولى تنطوي على تصحيح بنسبة 73.5%، وهي نسبة أدنى من التي يعطيها مشروع القانون المحال من مجلس الوزراء، وبالتالي ترفضها هيئة التنسيق النقابية التي دعت الى الإضراب العام في 26 الشهر الجاري، فيما الصيغة الثانية تنطوي على تصحيح بنسبة 121%، وهي أعلى من النسبة الملحوظة في مشروع القانون، ويبلغ الفارق بينها وبين الصيغة الأولى 47.5 نقطة مئوية! وبالتالي يرفضها «تكتل أصحاب المصالح» الرافض لأي ضرائب تطاول ريوعه وأرباحه ومنافعه الجمّة.
وبحسب التقرير، الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه، يتبين أن كلفة تصحيح الرواتب بحسب مشروع القانون تبلغ 3010 مليارات ليرة (مع تعويضات المتعاقدين وأجور الأجراء وتعويضات عن أعمال إضافية وتعويضات مختلفة ونفقات أخرى للرواتب والأجور). هذه الكلفة ستنخفض بحسب صيغة الـ73.5% الى 2212 مليار ليرة، فيما سترتفع بحسب صيغة الـ121% الى 3642 مليار ليرة. بمعنى ان التقرير يحاول ان يوحي بأن اعطاء الموظّفين والعاملين حقوقهم كاملة سيرتب كلفة باهظة تستوجب التضحية من قبلهم وقبول النسبة الأدنى! ليس هذا فحسب، بل إن الكلفة ستنخفض بعد تنزيل نحو 500 مليار ليرة (تمثل كلفة زيادة غلاء المعيشة المقطوعة التي أعطيت اعتباراً من أول أيار 2008 بموجب القانون رقم 63/2008) لتصبح 1712 مليار ليرة في الصيغة الاولى، و3142 مليار ليرة في الصيغة الثانية. هنا تصبح المفاضلة عند اصحاب القرار لمصلحة الصيغة الأولى حتماً، بذريعة الاوضاع المالية للدولة غير المؤاتية، ولا سيما ان التقرير يثير قضية المفعول الرجعي المستحق اعتباراً من أول شهر شباط 2012. اذ ورد في التقرير حرفياً انه «انقضى حتى الآن أكثر من 19 شهراً على بدء استحقاق الزيادة من دون أن يقابلها أي تحصيل للإيرادات اللازمة لتغطيتها، ما يطرح موضوع تقسيط كلفة هذا المفعول الرجعي على بساط البحث، ويستوجب بالتالي تأمين إيرادات طارئة تكفي لتغطية هذه الكلفة خلال مدة التقسيط».
كيف توصل النائب ابراهيم كنعان الى هذه النتائج؟ ولماذا ترك هذا الهامش الواسع بين صيغتين يعلم سلفاً أنهما ستُرفضان من طرفي الصراع؟
يحاول التقرير اصباغ «الطابع الرسمي» على الصيغتين، من خلال ما اورده من معطيات لتبرير هذا الهامش، الا انه اورد أيضاً ما يعتقد انه يدفع الى تبنى الصيغة الاقل كلفة، اذ يقول حرفياً: «إن درس موضوع سلاسل الرواتب يقتضي أن يأخذ في الاعتبار أمرين أساسيين:
ـ الحقوق المستحقة للعاملين في القطاع العام من جهة.
ـ والإيرادات التي يمكن تحصيلها فعلياً بصورة دائمة من جهة ثانية، لأن نفقة الرواتب والأجور هي نفقة دائمة وينبغي تأمين إيرادات دائمة لتغطيتها.
والتوفيق بينهما بالتالي بحيث لا تؤدي أي زيادة غير معقولة إلى تضخم نقدي يستهلك الزيادة وينعكس سلباً على المعنيين بسلاسل الرواتب بصورة خاصة، وعلى المواطنين اللبنانيين كافة بصورة عامة».
إذاً، يورد التقرير صيغتين: واحدة (الاعلى) تعطي الموظفين والمعلمين حقوقهم الثابتة، وأخرى (الأدنى) تسلب منهم هذه الحقوق، لكنه يجهد في حشد المبررات لكي يجري اختيار صيغة سلب الحقوق، بحجّة التوفيق بينها وبين القدرة على تأمين الايرادات، وبحجّة ان النسبة الادنى صادرة ايضاً عن مرجع رسمي هو مصرف لبنان!
يشرح التقرير في سياق البحث عن مبرراته «إن آخر تعديل لسلاسل الرتب والرواتب، جرى خلال عام 1998 مع مفعول رجعي يعود إلى عام 1996. وقد تضمن هذا التعديل في حينه زيادة غلاء معيشة آخذة في الاعتبار معدل التضخم لغاية آخر عام 1995. وبناءً عليه فكل زيادة غلاء للمعيشة أو تعديل لسلاسل الرواتب يجب أن ينطلق من سنة الأساس 1995، مراعياً معدلات التضخم السنوية المتراكمة منذ تلك السنة». ويضيف «إن الفترة من 1996 لغاية آخر عام 2011، شهدت قفزات متلاحقة في معدلات التضخم السنوية، اذ أفاد مصرف لبنان بأن معدل التضخم المتراكم، منذ عام 1996 ولغاية آخر عام 2011، بلغ 73.5%. الا ان التقرير الصادر عن نتائج أعمال لجنة المؤشر (المؤلفة بموجب المرسوم رقم 4206 تاريخ 8 آب 1981)، الذي يستند الى «مؤسسة البحوث والاستشارات» و«إدارة الإحصاء المركزي»، ويعتمد سلة الاستهلاك الناتجة من دراسة ميزانية الأسرة لعام 1996 (التي وضعتها إدارة الإحصاء المركزي)، حدد ارتفاع مؤشر اسعار الاستهلاك بنسبة 121 في المئة خلال كامل الفترة الممتدة بين كانون الأول 1995 ونهاية 2011». ويتابع التقرير «أن الحكومات المتعاقبة منذ عام 1996 أهملت موضوع تعديل الرواتب والأجور. واستمر الأمر على هذه الحال حتى آخر عام 2008، حين أقر القانون الرقم 63 وصدر بتاريخ 31 كانون الأول 2008 ونص على إعطاء زيادة غلاء معيشة موحدة بلغت 200 ألف ليرة، وهي لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من معدل التضخم المتراكم منذ عام 1996 لغاية آخر عام 2008».
اذاً، من الواضح أن التقرير الذي تناقشه اللجنة النيابية الفرعية يسوّق لاعتماد نسبة تصحيح لسلاسل الرواتب لا تتجاوز 73.5%، ما يعني أن الموظّفين في العديد من الفئات سيخسرون المزيد من حقوقهم التي انكرها مجلس الوزراء، عندما اقرّ مشروع قانون السلسلة... لذلك كانت هيئة التنسيق النقابية مضطرة إلى العودة الى الاضراب خوفا من خسارة كل معركتها المتواصلة منذ سنتين ونصف سنة بلا أي نتيجة حتى الآن.

لبنان ACGEN اجتماعيات الأخبار حقوق