Tuesday, 31 December 2013 - 12:00am
جرّت المشكلات التربوية الشائكة من 2013 الى 2014. ملفات تراكمت وقضايا لم تنجح وزارة التربية في حلها، وسلمت وصايتها الى الحكومة التي باستقالتها تركت معظمها عالقاً ومفتوحاً على احتمالات شتى. كانت سلسلة الرتب والرواتب الأبرز في 2013، وهي التي جرّت كل ما تحمله من صعوبات في 2012، ومرشحة لأن تحمله سنة إضافية ثالثة في 2014، رغم ان اللجنة النيابية الفرعية تمكنت خلال الشهر الأخير من السنة من انجاز درس السلسلة وتعديلها وارسلته الى رئاسة مجلس النواب.
ومع السلسلة تفاقمت لدى التربية مشكلة التلامذة اللاجئين السوريين، الذين تدفقوا الى المدارس الرسمية، كما بعض المدارس الخاصة، وبينهما بذلت جهود كبرى لإنهاء السنة الدراسية 2012- 2013، بتعويض الدروس جراء الإضراب الذي نفذته هيئة التنسيق النقابية واستمر لمدة شهرين، وأنهته بعدما أقرت الحكومة السلسلة في 25 اذار 2013، لكنها باستقالتها في اليوم التالي لإقرار المشروع تركت التعقيدات قائمة تجر ذيولها الى اليوم من دون أن تلقى السلسلة نهاية سعيدة في مجلس النواب.
ولا شك في أن الانقسام في البلاد انعكس على القطاع التربوي، كما شلل المؤسسات، بحيث إن وزارة التربية مضطرة الى الصرف من موازنتها على تعليم التلامذة السوريين، بدءاً من التعاقد مع اساتذة جدد للتعليم في فترة بعد الظهر المخصصة للاجئين، الى تأمين التجهيزات اللازمة، في حين ان وعود المساعدات بقيت على حالها ولم تتجاوز نسبة الـ10% مما كان لبنان موعوداً به، على الأقل تربوياً. كما ترك تداعيات على مسار تطوير العمل التربوي ومؤسسات التعليم العالي، لا سيما الجامعة اللبنانية التي بقيت بلا مجلس جامعة ولم تحسم ملفاتها المتعلقة خصوصاً بقضية تفريغ المتعاقدين، الى الحد من التدخل السياسي في شؤونها.
وبالعودة الى قضية السلسلة التي ستكون عنواناً اساسياً لتحرك المعلمين والموظفين في السنة 2014، فإن إقرار المشروع في مجلس الوزراء قبل يوم من استقالة الحكومة، ضرب امكان انجازها سريعاً، فيما رفض المؤسسات التربوية الخاصة لها والهيئات الاقتصادية منع أيضاً إمكان التعجيل في إقرارها في مجلس النواب الممدد والمعطل. وبعدما خرج مشروع القانون من مجلس الوزراء لاقى استحسان البعض وتذمر البعض الآخر. وبين الرفض والقبول نجحت الحكومة في تنفيس احتقان الشارع بعد شهرين متواصلين من الاضرابات والاعتصامات.
ويبدو أن اشهر الاضرابات في الشوارع اثمرت بالضغط على الحكومة التي أحالت السلسلة، ما اعتبر امراً ايجابياً، الا انها لم تأخذ طريقها الى الإقرار، إذ إن عملية إقرارها في الجلسة العامة لمجلس النواب تتطلب وجود حكومة، وهذا ما ليس متوافراً حتى اليوم، رغم ان مجلس النواب يستطيع اقرارها بعد انجاز اللجنة الفرعية للنص الجديد، وعبورها في اللجان النيابية، لكن بتعطيل المجلس تبقى السلسلة معلقة الى حين الخروج من الانقسام السياسي الراهن والتوصل الى تشكيل حكومة واعادة العمل بالمؤسسات.
وبين اقرار السلسلة في الحكومة واحالتها على مجلس النواب، بالضغط والاضرابات لهيئة التنسيق النقابية أثبتت هذه الاخيرة انها حركة نقابية قادرة على الفعل، بعدما اضربت لمدة شهرين متواصلين، وان كان تحت عنوان الرواتب، ما دفع بالرابطات الى المطالبة بتشريع التنظيم النقابي للمعلمين والموظفين في خطوة لحماية المكاسب والحقوق. بينما تحركت نقابة المعلمين في المدارس الخاصة لمواجهة مشاريع مطروحة لفصل التشريع بين العام والخاص، وتمكنت رغم الضغوط التي تعرضت لها من المشاركة بفاعلية في اضرابات هيئة التنسيق النقابية. ولعل موضوع السلسلة سيكون عنواناً للسنة 2014، فبعد عامين على ما اعتبره المعلمون أحقية السلسلة، ها هم يحذرون من الاضرابات والتحركات لاقرارها، رغم انجاز اللجنة الفرعية برئاسة النائب ابرهيم كنعان دراستها، بما يطمئن المعلمين والموظفين وحتى ادارات المدارس. لكن حال الشلل والجمود في المؤسسات الدستورية ينعكس جموداً على السلسلة ويحول دون اقرارها لا بل قد يضعها في مهب الريح، وهذا ما يتخوف منه الأساتذة الذين بدأوا التحضير للتحرك، رغم الأوضاع الأمنية في عدد من المناطق. وان كانت هيئة التنسيق النقابية قد دعت الى اخذ المبادرة والتحرك رفضا لسياسة التسيب والفراغ والشلل في كل المؤسسات الدستورية، واعلنت استعدادها للتشاور والتعاون مع كل المتضررين من اجل مواجهة الركود السياسي والاقتصادي المفروض قسرا على الشعب اللبناني. ولذلك، فإن رفع التقرير الذي أنجزته اللجنة الفرعية الى اللجان النيابية المشتركة متضمنا الحقوق والمطالب، يعتبر مؤشراً للحل وخطوة الى الامام لإنهاء هذا الملف واقفاله.
قضية اللاجئين
شكلت قضية التلامذة اللاجئين مشكلة كبيرة أمام التربية، فالوزارة باتت غير قادرة على تحمل كلفة تفوق تغطية 43 الف تلميذ سوري لاجئ تسجلوا في المدارس الرسمية هذه السنة، وما يفوقهم عدداً في المدارس الخاصة، لا سيما وأن الوزارة تفقد بسبب الازمة السورية الكثير من المداخيل المالية، فيما القدرات المالية والصرف لدى الوزارة بات محدوداً، اذ إن مواكبة الجهود والتدخلات التربوية التي تقوم بها منظمات الامم المتحدة والمنظمات والجمعيات الدولية والمحلية في لبنان، اقتصر على المناطق التربوية التي تتابع شؤون التلامذة اللاجئين اليومية. وقد تم تدريب مجموعة من فريق العمل في وزارة التربية على مبادئ التعليم في حالات الطوارئ، ويقوم اليوم هذا الفريق ببناء قدرات مجموعة من مسؤولي المدارس بما يزيد على 100 مدرسة".
واستنفدت وزارة التربية امكاناتها المالية كافة، حيث تحتاج حاليا الى مساعدات لترميم المباني المدرسية وتجهيزها ومعالجة الاوبئة وتغطية تكاليف التدريس، خصوصا في فترة بعض الظهر، المخصصة للتلامذة اللاجئين. وبدا واضحاً انها لا تستطيع المحافظة على الاستقرار التربوي للاستمرار في تأمين التعليم للتلامذة اللبنانيين واللاجئين، خصوصا ان النسبة الاكبر من اللاجئين موجودة في المناطق الاكثر حاجة على الصعيد التربوي وعلى كل الصعد. ووفق احصاءات بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في مفوضية الأمم المتحدة نحو 836000 في لبنان، 277000 منهم في الفئة العمرية 5 - 17 سنة اي عمر المدرسة، 83000 منهم فقط في المدارس اي ما يوازي الـ30 في المئة.
واذا كان العدد الأكبر من الأولاد السوريين اللاجئين في عمر الدراسة هم في لبنان، فإن أعباء تعليمهم ورعايتهم باتت تكلفتها كبيرة، وهي الأكبر، اذا جرت مقارنتها بوضع السوريين اللاجئين في الأردن وتركيا، والعراق كذلك، وان كانت الأعداد فيه قليلة. والمشكلة في لبنان في 2013 أكثر تعقيداً. ولعل التداخل في وضع اللاجئين السوريين في لبنان، وانتشارهم في المناطق، وتدفقهم اليومي، الى سوريين مقيمين منذ أعوام، رتب أعباء إضافية وصعوبات أيضاً في متابعتهم ورعايتهم، مع شح المساعدات الدولية، وضخامة حاجاتهم، اذ لا يمكن المدارس اللبنانية الرسمية والخاصة استيعاب العدد الهائل من التلامذة اللاجئين. وعلى رغم من الجهود التي بذلت وتبذل على هذا الصعيد، الا ان الاستيعاب بقي قاصراً بسبب الإمكانات اولاً ثم بسبب ضخامة العدد الذي يحتاج الى ادارة تربوية وتعليمية مستقلة وجهاز بشري أكاديمي وإداري يستطيع متابعة اوضاعهم وهو ما ليس متوافراً اليوم، حتى بالنسبة الى المؤسسات الدولية. ويعاني التلامذة السوريون الكثير من الصعاب، نظراً الى اختلاف المنهج اللبناني عن السوري وصعوبة اللغات الأجنبية بالنسبة اليهم، ولذلك لا يمكن تحميل التربية التقصير في متابعتهم، فهي أمنت المطلوب وفق الامكانات، والتي قد تنعكس أزمات في المستقبل، تبقى المسؤولية الأكبر على المنظمات الدولية.
أزمات تربوية وأكاديمية
هناك العديد من الملفات التربوية الشائكة التي ظهرت في 2013، فليس التعليم العالي واوضاع الجامعات أفضل حالاً من أوضاع البلاد. الجامعة اللبنانية تعاني في كلياتها وفروعها، وهي تمكنت من استيعاب عدد من الطلاب اللبنانيين الذين كانوا يدرسون في الجامعات السورية، الى استيعاب طلاب سوريين أيضاً. لكن ملفات الجامعة بقيت معلقة في غياب الحكومة، بدءاً من تعيين العمداء وتشكيل مجلس الجامعة الى حسم ملف التفريغ، ثم تطوير قانونها، وان كانت تسير وفق الممكن ضمن صلاحيات رئاسة الجامعة.
لكن البارز أيضاً في 2013، كان التحول الذي عاشته الحركات الطالبية، بفعل الانقسام الحاد الذي استجلب كل الخلافات والاصطفافات في البلد الى الجامعات الخاصة، فشكلت الانتخابات الطالبية مسرحاً للصراعات في عدد من الجامعات وأدت الى اشكالات في عدد من الاحرام، لا سيما في الجامعة اليسوعية التي تحركت ادارتها لضبط الوضع الطالبي وأوقفت عدداً من الطلاب عن الدراسة. أما الجامعة الأنطونية فاضطرت الى الغاء انتخاباتها الطالبية بعد حملات سياسية كانت تنذر بصراع طائفي وأعادت الأمور الى إدارتها لمتابعة شؤون الطلاب.
وفي الواقع، بدا أن الأكثر تضرراً من الازمات التي تعانيها البلاد، بعد القطاعات الاقتصادية، كان قطاع التربية بمستوياته المختلفة، ولا نتحدث فقط عن الامتحانات التي عبرت في 2013 بأقل خسائر رغم الأزمات الأمنية، بل التحصيل ومستقبل التربية والتعليم في لبنان.
لبنان ACGEN اجتماعيات النهار حقوق