Friday, 20 December 2013 - 1:07pm
نفّذ الأطباء المقيمون «Resident Doctors» في مستشفى الجامعة الأميركية، إضراباً عن العمل لمدّة ساعتين، امس، احتجاجاً على امتناع الإدارة عن تطبيق مرسوم زيادة غلاء المعيشة الصادر في 2012. هذا التحرّك هو رد مباشر على الإدارة التي هدّدتهم باستئجار طاقم طبي للعمل مكانهم بعد صرفهم، وذلك في حال إصرارهم على المطالبة بالزيادة... إلا أنه في وقت متأخر مساء، وتحت ضغط الإضراب، عمّمت الإدارة أنها ستدفع الزيادة المقرّرة على ثلاثة أجزاء أولها في كانون الثاني 2014، وآخرها في مطلع عام 2015. إذلال الأطباء وصل إلى هذا المستوى.
تختصر مطالب الأطباء المقيمين في الجامعة الأميركية بتطبيق مرسوم زيادة غلاء المعيشة. الزيادة الوسطية التي تطبّق عليهم بقيمة 300 ألف ليرة شهرياً، تبلغ كلفتها على موازنة مستشفى الجامعة الأميركية 0.5% بحدّها الأعلى. الرقم زهيد جداً قياساً على مستشفى جامعية بهذا الحجم والمستوى وتتجاوز موازنتها السنوية 90 مليون دولار. رغم ذلك، الإدارة واصلت رفضها.
في البدء حاول الأطباء المقيمون، والبالغ عددهم نحو 350 طبيباً، أن يتواصلوا مع مدير المستشفى عدنان طاهر «لكن الإدارة كان لديها موقف متصلب من التواصل معنا، وتعاملوا معنا بطريقة متعالية ولم يوافقوا على الاستماع لمطلبنا» يقول أحدهم. ويضيف طبيب ثان تحدث مع «الأخبار» أيضاً، أن ما يحصل في هذه المؤسسة التي يفترض «أنها لا تبغى الربح، هو أمر مذلّ ومهين بحق الأطباء المقيمين الذين يقدّمون الجزء الأكبر من الخدمات الطبيّة في المستشفى، فيما يصنّفون ضمن شريحة الرواتب الأدنى في المستشفى».
لماذا هذا التصنيف؟ الإجابة تكمن في كون هؤلاء الأطباء لا يزالون قيد الاختصاص، أي إنهم حصّلوا درجاتهم العلمية ولا يزالون يحصّلون بعض المهارات التطبيقية. لذلك، يعدّ هؤلاء أجراء في المستشفى الجامعية، وأسماؤهم مدرجة على لوائح الرواتب وهم يعملون بصورة منتظمة.
وفي الواقع، فإن إدارة المستشفى أعطت كل موظفيها زيادة غلاء المعيشة باستثناء الأطباء المقيمين بذريعة أنهم «قيد التدريب»، إلّا أن العقود الموقّعة بين الأطباء والإدارة تعترف بكامل حقوقهم كأجراء لدى هذه المؤسسة، وانهم لا يصنّفون ضمن «مزاولة المهن الحرّة» التي تطبق على الأطباء بصورة عامة.
هذا النقاش الذي جرى بعد مماطلة امتدّت على أشهر عديدة، دفع إدارة المستشفى إلى إعطاء الموظفين موافقة أولية على زيادة بقيمة 100 دولار تدفع في كانون الثاني 2014، و100 دولار إضافية تدفع في تموز 2014، لكن سرعان ما تراجعت الإدارة عن هذا القرار، مشيرة إلى أنها ستدفع الزيادة الأولى فقط «وأبلغنا مدير المستشفى عدنان طاهر أنه يعمل على استقدام أطباء من خارج مستشفى الجامعة الأميركية لاستئجار طاقم طبّي بديل، وهو أمر مخالف لأعراف الجامعة الأميركية التي تكون فيها عمليات التوظيف والتدريب الطبي من متخرجي الجامعة الأميركية لا من خارجها، ولهذا هي تسمى مستشفى جامعياً».عند هذه النقطة، قرّر الأطباء المقيمون تصعيد موقفهم في اتجاه الإضراب، فنفذوا هذا التحرّك أمس لمدّة ساعتين، ورفعوا لافتات تطالب بالمساواة وبإعطائهم حقوقهم التي لا تمثّل أكثر من 0.54% من موازنة مستشفى الجامعة الأميركية... ومساء أمس تبلّغ الأطباء المقيمون، أن الإدارة ستدفع 100 دولار في كانون الثاني 2014، و50 دولاراً في تموز 2014، و50 دولاراً في كانون الثاني 2015 (!)
يعلّق أحد الأطباء على هذا القرار بأنه مذلّ ومهين، مشيراً إلى «أن الأطباء المقيمين في مستشفى الجامعة الأميركية باتوا يشحذون».
حال الجامعة الأميركية تشبه حال كثير من المؤسسات الكبرى التي رفضت تطبيق مرسوم زيادة غلاء المعيشة. بعضهم حاول التهرّب من تطبيق المرسوم بشتى طرق ووسائل الضغط على الموظفين، مثل ما فعلت «سبينس». وبعضهم مارس تطبيقاً جزئياً لمرسوم الزيادة وأعطى العاملين لديه زيادة أقل من تلك التي نصّ عليها المرسوم. أما الآخرون، فقد قرّروا أن يماطلوا في تطبيق المرسوم وابتزاز العمال، من أجل تعديل عقود العمل الجماعية، بما يتناسب مع سعيهم للحفاظ على نمو ارباحهم، تماماً كما فعلت جمعية مصارف لبنان مع اتحاد نقابات موظفي المصارف، فاستمهلت وقتاً طويلاً قبل أن تطبّق المرسوم من دون مفاعيل رجعية.
ما حصل في مستشفى الجامعة الأميركية يثير التساؤلات عن التغييرات التي طاولت إدارة الجامعة الأميركية في بيروت، بما فيها إدارة المستشفى، خلال السنتين الماضيتين. فمنذ ذلك الوقت، لوحظ ارتفاع مستوى الإنفاق على المستشارين والتوسّع الذي خصص له أكثر من 600 مليون دولار على منشآت ومعدات، فيما أُهمل الطاقم الطبي الذي يعدّ العنصر الأهم لتشغيل المستشفى.
لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء الأخبار حقوق