Friday, 6 December 2013 - 12:57pm
يأسف الناظر إلى مبنى «ثانوية بلدة يحمر الشقيف» على ضخامة البناء الذي يتألف من عشرات الغرف الواسعة، التي لو توفرت في مدينة النبطية مثلاً، أو في أحد المحاور السكنية الكثيفة المجاورة، لكانت حلت جزءاً من مشاكل الاستيعاب التي تعاني منها ثانويات المنطقة. أما وجود هذا المبنى في بلدة مقفلة كيحمر الشقيف، أو لكي يكون تجمعاً للطلاب الثانويين من أبناء القرى والبلدات القريبة لها، فهذا موضع تساؤل، إذ أن أقرب قرية إليها هي أرنون، أما بقية البلدات المجاورة التي تتمثل في كفرتبنيت وزوطر الشرقية وزوطر الغربية، فهي أقرب جغرافياً وأسهل طرقاً إلى النبطية منها إلى يحمر الشقيف، لذلك فإن طلابها وأولياءهم فضلوا ثانويات النبطية منذ زمن بعيد.
لهذه الاعتبارات وغيرها، فقد بقي مبنى ثانوية يحمر مقفلاً حتى اليوم، وتحول إلى ملعب للرياح وأعشاش العصافير، نظراً لتعذر وجود العدد الكافي من الطلاب الثانويين لإشغاله، باستثناء استعماله فترة وجيزة من قبل مدرسة البلدة الرسمية، قبل دمجها بمدرسة أرنون المجاورة منذ ثلاث سنوات، جراء انخفاض عدد طلابها إلى 36 تلميذاً من بينهم 29 من أبناء أرنون، ويشرف عليهم 17 معلماً، أي بمعدل معلم واحد لكل تلميذين.
ما يحز في نفوس أهالي يحمر الشقيف أن ثانويتهم التي أنشأها «مجلس الإنماء والإعمار» في العام 1996 لتكون تجمعاً للطلاب الثانويين من أبناء البلدة والجوار، ولتحل جزءاً من مشاكل الاستيعاب التي تعاني منها الثانويات والمدارس الرسمية في منطقة النبطية، إذ بها بعد تسعة عشر عاماَ على بنائها، لم تجد من يشغلها من طلاب المراحل الابتدائية والتكميلية والثانوية من أبناء البلدة، بسبب التحاق معظم هؤلاء بمدارس خارج البلدة، كما يقول رئيس بلدية يحمر قاسم عليق، الذي لم ينفِ التراجع الحاد في المستوى التعليمي لمدرسة البلدة، ما جعل الأهالي والطلاب يبحثون عن بدائل في مدارس النبطية وجوارها، محملاً مسؤولية هذا التراجع إلى وزارة التربية التي لم تتولَ الإشراف والمراقبة اللازمة عليها، ومحاسبة إدارتها وهيئتها التعليمية على إهمال واجباتهم، فضلاً عن ظروف العدوان والاحتلال الإسرائيلي وحصاراته المتتالية للبلدة أثناء وجوده في بلدة أرنون قبل العام 2000.
ولفت عليق إلى أن البلدية ولجنة من الأهالي كانوا قد حاولوا لدى المسؤولين في المنطقة التربوية لمحافظة النبطية قبل ثلاث سنوات الاعتراض على دمج مدرسة يحمر بمدرسة أرنون، لكن المسؤولين في الدائرة المذكورة أبلغوهم بأنهم مضطرين لتنفيذ قرار وزارة التربية القاضي بدمج المدارس المتعثرة، وإذا كان من اعتراض على هذا القرار فلتراجع الوزارة المذكورة بهذا الخصوص، وعندها تنفذ المنطقة التربوية ما يطلب منها على هذا الصعيد، معرباً عن استعداد البلدية لوضع إمكانياتها في تصرف وزارة التربية في حال قررت إعادة فتح المدرسة على أسس جديدة.
واستغرب إمام بلدة يحمر الشقيف الشيخ نزار سعيد كيف أن دمج مدرستي يحمر وأرنون جاء على حساب مدرسة يحمر ذات التاريخ العريق، التي تأسست في العام 1948 حتى وصل عدد طلابها في أواسط الثمانينيات إلى حوالي 500 تلميذ، وكانت نتائج الامتحانات الرسمية فيها تلامس نسبة المئة في المئة وتخرج منها المئات من أبناء البلدة الذين نجحوا في مختلف ميادين الحياة.
بدوره يحمّل حسين الجرف وزارة التربية المسؤولية عن تراجع المدرسة، التي لم تكن تشرف وتراقب الإدارة والمعلمين والطلاب بالشكل المطلوب، معرباً عن أسفه لنقل المدرسة من بناء ثانوي رحب ومجهز بأحدث التجهيزات والمختبرات والأدوات المدرسية اللازمة إلى بناء ضيق في مدرسة أرنون يكاد لا يتسع للطلاب والمعلمين.
ويفضل محمود اسماعيل لو بقيت المدرسة في مبنى ثانوية يحمر، لأن ذلك أفضل لطلاب البلدة، حيث أنها مزودة بالتجهيزات الحديثة اللازمة، معتبراً أنه لا يجوز بعد صمود الأهالي وتضحياتهم إبان الاعتداءات الإسرائيلية وإصراراهم على فتح المدرسة في أحلك الظروف، أن تقفل مدرستهم في «شحطة قلم» من الوزير، وكأنها لم تكن بالرغم من سجلها الذهبي الحافل على الصعيد التعليمي طيلة خمسين عاماً.
وتمنى عدد من طلاب مدرسة يحمر لو بقيت المدرسة في مبنى ثانوية البلدة، وعدم دمجها في مدرسة أرنون قبل ثلاث سنوات، لأنهم نشأوا وتعلموا فيها، وهي قريبة من منازلهم وتعني لهم الكثير، ولأنها الأحدث والأوسع ومجهزة بمختلف الأدوات والتجهيزات الحديثة، وتمنوا على المسؤولين في وزارة التربية إعادة النظر بهذا القرار، بعد إعادة تفعيل المدرسة على مختلف الأصعدة لتعود إلى صدارة المدارس الرسمية في المنطقة كما كانت عليه في السابق.
يذكر أن ثانوية يحمر الشقيف الجديدة بلغت كلفتها نحو 600 مليون ليرة، وهي تتألف من طبقتين، وتشمل ثلاثين قاعة للتدريس، والمرافق الصحية والخدماتية والتجهيزات المدرسية اللازمة من مختبر وآلات تصوير وأدوات رياضية وملاعب وغيرها.
لبنان ACGEN السغير تربية وتعليم