Saturday, 22 February 2014 - 12:00am
غلب التشرذم وجزئية المطالب و«أوليتها» على الحراك المطلبي في العام المنصرم، رغم ضغط «هيئة التنسيق النقابية» باتجاه فرض بعض التعديل على النهج الاقتصادي السائد، والتعويل عليها لتكون «نواة مشروع الحركة النقابية الديموقراطية المستقلة»
«لامست» هيئة التنسيق النقابية الارتقاء بحراكها المطلبي إلى الضغط باتجاه تعديل السياسات الحكومية الاجتماعية _ الاقتصادية بشقيها الضريبي والإنفاقي، وطالبت بإقرار سلسلة الرتب والرواتب وتمويلها من الضرائب على الريوع المالية والعقارية بدل الرسوم والضرائب على الاستهلاك، في حين كانت سائر التحركات المطلبية الأخرى، كتحركات العمال المياومين والأساتذة المتعاقدين وموظفي المستشفيات الحكومية، «بدائية» في مطالبها التي لم تتجاوز «الحقوق الأولية» كديمومة العمل ودفع الرواتب في مواعيدها وبدل النقل والحد الأدنى من الرعاية الصحية.
كانت تلك الملاحظة الأبرز لتقرير «المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين» عن التحركات المطلبية في عام 2013، وأضاف إليها ملاحظة متكررة عن أن الاتحاد العمالي العام بقي مغيباً وفاقداً لأي صفة تمثيلية وأشبه بكونفدرالية طوائف ومذاهب وقيادته متهافتة تابعة بالمطلق لمرجعياتها السياسية والطائفية.
يفسر أحمد الديراني، منسق المرصد، تشرذم الحراك المطلبي وجزئية مطالبه و«أوليتها» بـ«حالة الانهيار الاقتصادي والتفكك الاجتماعي التي دمرت مفهوم المواطنية والحقوق والوعي المطلبي». أنتج هذا الواقع الاجتماعي الاقتصادي، معطوفاً على تعطيل المؤسسات الدستورية، حالة «انهيار وارتداد» منعت تشكل حركة نقابية قادرة على مواجهة السياسات المنسقة للدولة وأرباب العمل، يقول الديراني، على الرغم من قراءته تلك، يراهن الديراني على تحول مكونات هيئة التنسيق إلى نقابات تكون «نواة مشروع الحركة النقابية الديموقراطية المستقلة»، وتطرح المطالب والقضايا التي تعبر عن مصالح غالبية المواطنين. غير أن ذلك مرتبط بقدرة الهيئة على تحويل نفسها بما يتناسب مع المهمات المطروحة، نظراً «إلى التركيبة البنيوية لهيئتها وروابطها ومكوناتها السياسية والنقابية»، كما جاء في تقرير المرصد الذي يصف تحركات الهيئة في العام الماضي، وخصوصاً الإضراب الذي تواصل على مدى 33 يوماً، بـ«الأبرز والأهم». وكان انضمام موظفي القطاع العام إلى الإضراب والتحركات في الشارع «تطوراً نوعياً» غير مسبوق، إذ تحدى المادة 15 من قانون الموظفين والمرسوم 112 الذي يحظر على الموظف تأسيس نقابة أو الانتساب إليها أو تنظيم إضراب أو المشاركة فيه، ينوّه التقرير، ويسجل للأساتذة في القطاع الخاص ولنقابتهم الجرأة والشجاعة في مواجهة إدارات مدارسهم» والتزامهم الإضراب لأكثر من أسبوعين.
أما تحركات العمال المياومين وعمال شركات مقدمي الخدمات المتعاقدة مع المؤسسات والإدارات العامة والمستشفيات الحكومية، فكانت «الأكثر كثافة من حيث عدد الإضرابات والاعتصامات»، غير أنها جميعها حملت ما وصفه التقرير «بمطالب الحد الأدنى»، كالمطالبة بعقود عمل دائمة وبانتظام دفع الأجور، ناهيك عن زيادتها. «وهذا المستوى من المطالب يبقى دون المستوى الذي وصلت إليه الحركة المطلبية سابقاً، من حيث المطالبة بالأجر العادل، وتطوير التقديمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وزيادتها، ووضع سلّم متحرك للأجور وتنفيذ عقود عمل جماعية في العديد من القطاعات والمؤسسات».
الأساتذة المتعاقدون في مختلف مراحل التعليم الرسمي هم الأكثر حرماناً من الحماية والتقديمات الاجتماعية، «حيث لا عقد عمل دائم، ولا ضمان اجتماعي، ولا ضمان صحي، ولا منح تعليمية، ولا نقليات. وهم الأكثر عرضة للوساطات والصفقات، وجميع أشكال التجاذب السياسي والمحاصصة»، يقول التقرير الذي يحث على «إيقاف ظاهرة التعاقد ومنعها منعاً باتاً لأنها مدمرة للتعليم الرسمي.» كان الحراك النقابي في القطاع المصرفي شبه وحيد من نوعه في القطاع الخاص، بحسب التقرير، فقطاع المصارف «يمتاز بوضع مالي _ اقتصادي مستقر ومربح، مع وجود حالة نقابية تاريخية منظّمة، من دون إغفال أشكال من التراجع في الوعي والاهتمام النقابي لدى الموظفين الجدد»، والمنع الصريح للعمل النقابي في عدد من المصارف الكبرى، ما أضعف اتحاد نقابات المصارف بشكل كبير. وبالرغم من ذلك، أدى ضغط الحراك المطلبي إلى تجديد «جمعية المصارف» لعقد العمل الجماعي مع الموظفين ممثلين باتحاداتهم ونقاباتهم، وحفاظ الأخيرين على العديد من مكتسباتهم، رغم عدم تحقق «كل ما صبا إليه اتحاد ونقابات موظفي المصارف».
باستثناء ما شهده القطاع المصرفي، يجزم التقرير بأن «القطاع الخاص كان الأكثر هامشية وضعفاً في التحركات والاحتجاجات»، بالرغم من أن فيه «خروقات وتجاوزات كبيرة جداً لناحية عدم تنفيذ قوانين العمل والضمان، ومن حيث مستوى الأجر والانتساب إلى الضمان وتطبيق الحد الأدنى للأجور وزيادات غلاء المعيشة.» ويشير التقرير إلى تنامٍ كبير للقطاع الهامشي أو غير النظامي، حيث «الجميع محرومون من الحد الأدنى للأجور وجميع أنواع التقديمات الحمائية والاجتماعية. وقدرت منظمة العمل الدولية نسبة العمالة في هذا القطاع بـ56.2% من العمال، وقد تصل هذه النسبة في حال استمرار الوضع الأمني والسياسي المتردي في البلاد إلى نسبة 66%»، بحسب تقرير «اتجاهات أسواق العمل 2014».
--------------------------------------------------------------------------------
الإعلام حاجة للحراك الاجتماعي
تعمل منظمة «دياكونيا» السويدية على «تغيير الهياكل الاقتصادية والاجتماعية غير العادلة والتي تولّد الفقر والعنف»، ولا يمكن تحقيق ذلك من دون «وعي ومبادرات تأتي من أصحاب الحقوق أنفسهم»، يقول ممثل المنظمة في لبنان، رودولف جبرايل، مضيفاً إن «استخدام الأفلام والتقارير المصورة في نشر الوعي يسهل وصول المعلومات بطريقة مبسطة إلى أكبر شريحة ممكنة في المجتمع»، وإنه لم يعد ممكناً الفصل بين الحراك الاجتماعي ووسائل الإعلام. من هنا، أعلن المرصد إطلاق حملة «اعرف حقك» لنشر مادة تصويرية قصيرة تعرّف العمال بحقوقهم الأساسية.
لبنان
ACGEN
اجتماعيات
الأخبار
حقوق