Thursday, 27 March 2014 - 12:00am
46 ثانية كانت كافية كي تطرح الجمعية الاقتصادية اللبنانية مشكلة غياب الضمان الاجتماعي لدى المسنين في فيلم قصير. تتكلّم العجوز مع والدها المتوفى معتذرةً عن بيعها أرضه وسيارته لكي تتمكن من الاعتناء به آنذاك، فيُجيبها «ما تعتلي همي انا جايي شوف مين بدو يعتني فيكي انتي».
الموضوع ليس جديداً، بل مضى على الحديث عنه 51 عاما، أي منذ إنشاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عام 1963، الذي تضمّن فرعاً مؤقّتاً هو فرع تعويضات نهاية الخدمة، الذي يُفترض أن يمهّد الطريق للانتقال إلى نظام التقاعد وضمان الشيخوخة. فعند بلوغ الشخص الـ64 عاماً «تنتهي علاقته بالضمان الاجتماعي في الفترة التي تزداد فيها حاجته اليه». حتّى اليوم ما زال مشروع القانون في الأدراج، ويعاد إحياؤه من فترة إلى أخرى ليدخل بعدها في سبات آخر.
يشير نائب رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية، والمستشار في وزارة المال منير راشد الى أن 73% من المسنين ليس لديهم أي ضمانات صحيّة وتقاعدية، وإلى أنّ صناديق التعاضد لمعلمي القطاع الخاص والنقابات المهنية نجحت أكثر في هذا المجال، وتحديداً نقابات المهندسين، والمحامين، والأطباء، وذلك لعدّة عوامل أبرزها العدد القليل للمنتسبين، والدخل المرتفع لهؤلاء. كذلك طرح خطة لإقرار قانون ضمان الشيخوخة تقوم على إعطاء نسبة 75% من الحد الأدنى للأجور لـ300 ألف متقاعد في لبنان، وفقاً لدراسة الهيكل السكاني لمن تجاوزوا الـ 64 عاما، مع إمكان خفض هذا العدد من خلال تحديد العمر بـ70 عاما وما فوق لتخفيف الأعباء المادية على الدولة، وبالتالي، فإن الأثر المالي على ميزانية الدولة يراوح بين 544 مليون دولار و813 مليون دولار في السنة، وهو مبلغ ليس كبيرا على موازنة الدولة التي تصرف في السنة 14 مليار دولار، من ضمنها 2 مليار دولار للكهرباء.
تأمين شيخوخة لائقة يحرّر الفرد من عطاءات السلطة
فإذا كانت الخطة موجودة، والأموال متوافرة فما الذي يمنع إقرار القانون؟ يُدرك القائمون على الجمعية أنّ «قلّة من المواطنين يعلمون أسباب هذه المشاكل وآثارها»، حتّى إنّ المشاركين لامسوا السبب لكنهم لم يجاهروا به على نحو مباشر. تحدّثوا عن المحاصصة وعن الزبائنية على نحو عام من دون الغوص في العمق. طالبوا بإعادة الاعتبار إلى الأمور الحياتية والاقتصادية والاجتماعية وتقديمها على السياسة، إلّا أنهم أدركوا خلال النقاش أنّ هذه الأمور تدخل في صلب السياسة التي ترمي إلى تنظيم الشأن العام، وأنّ إقصاءها عن ذلك هو تفريغٌ لمضمون السياسة الذي تسعى السلطة إلى إحداثه. فتأخير 51 عاماً على إقرار قانون الضمان الاجتماعي يعود بالأساس إلى الحفاظ على التبعيّة السياسية المبنيّة على الزبائنية، أي التي تجعل المسن مرتبطا بالزعماء الذين يتكفلون مساعدته ماديّاً وصحيّاً مقابل ولائه السياسي وولاء أولاده، لذلك فإن تأمين شيخوخة لائقة يحرّر الفرد من هذه السلطة، ليُعيد بناء قناعاته السياسيّة وفق معايير سليمة. على هذا الأساس دعا رئيس الجمعية جاد شعبان إلى التصويت للمرشحين للانتخابات وفق برامج اقتصاديّة واجتماعية وسياسات إنمائية. أخيراً ذكّر الفيلم الحضور بأنّ المجلس النيابي اجتمع عام 2013 مرتين فقط من أجل التمديد لنفسه، ومن هنا تبدأ المشكلة.
لبنان
ACGEN
اجتماعيات
الأخبار
رعاية وضمان