أعلن أن ملف براءات الذمة كبّد الضمان ملايين الدولارات والتحقيقات طالت مفتشين قزي: معدل البطالة في لبنان فوق 23% وشكاوى الصرف ترد

Friday, 28 March 2014 - 12:00am
حدد وزير العمل سجعان قزي نوعين من الملفات التي سيتعاطى فيها خلال ولايته القصيرة، «ملفات فتحتها وستحل أثناء وجودي في الوزارة، وأخرى فتحتها وقد تُحل بعد خروجي، حرصاً على عدم إغلاقها».

قزي الذي يداوم في مبنى اللعازرية في وسط بيروت بعيداً من المقر الرئيسي لوزارة العمل لأسباب أمنية، أكد ان ذلك لا يعيق عمله، مشيرا الى أنه «تمكن بفترة وجيزة من خلق جو عمل مختلف يؤدي الى زيادة الانتاج واحترام الوقت وانضباط العمل وتسريع تخليص معاملات المواطنين ووقف المعاملات غير القانونية».

في المقابل، عبر وزير العمل عن قلقه لارتفاع معدل البطالة في لبنان، واعتبر أن الأرقام الموجودة غير صحيحة، مقدراً نسبتها بـ23 في المئة، فيما النسبة لدى الشباب تفوق الـ33 في المئة.

وتحدث قزي عن مئات الشكوى التي ترد يومياً الى وزارة العمل عن حالات الصرف من العمل، لافتاً الى حلول مرحلية، منها العمل المياوم على الساعة والتعويضات لفرصة العمل الأولى. وأبدى عدم ارتياحه لأداء العمل النقابي في لبنان وتسييس الحركة النقابية، وأشار الى أنه وجد لدى استلامه مهامه في الوزارة أسراباً من النقابات المؤسسة من دون وجه حق ووجود نقابات من دون نقابيين ونقابات من دون عمال وموظفين، معلناً أنه سيعمل على سحب تراخيص لنقابات.

وبالنسبة للضمان الاجتماعي، كشف قزي أن التحقيقات في موضوع براءة الذمة توسعت لتطال مفتشين بالضمان، وقال «إن ملف براءات الذمة الذي كبد الضمان ملايين الدولارات، ليس هو الملف الوحيد الذي تشوبه شكوك في الضمان»، مبدياً تأييده لإقرار مشروع الضمان الصحي للمضمونين فوق سن التقاعد.

ملفات شائكة تطال عمل وزارة العمل ودورها، والعمل النقابي وكيفية معالجة شوائبه، الى انعكاس النزوح السوري على اليد العاملة اللبنانية، وملفات البطالة والصرف من العمل فضلاً عن المواضيع المتعلقة بالضمان الاجتماعي، كلها كانت مدار حوار شامل مع الوزير قزي، هذا نصه:

[ تحدثت عن ضبط عمل وزارة العمل، هل أنت راضٍ عن سير عملها؟

- الكلام عن سلبيات وزارة العمل مضخم، فالوزارة تؤدي قسطها في خدمة المواطنين وتقوم بعملها حسب الوسائل المتاحة. بالتأكيد هذه القدرات غير كافية لتقوم بعملها، لكن العدد القليل من الموظفين يقوم بعمل كبير. والكلام عن وجود سمسرات وعمولات في الوزارة غير صحيح، فالمعاملات تتم بشكل طبيعي فيما التقصير ناتج عن عدم وجود عدد كافٍ لتلبية كل الطلبات.

[ لكنك تحدثت سابقاً عن عدم وجود انضباطية؟

- الوزارة أو إدارة وزارة العمل جزء من الإدارة اللبنانية التي تحتاج الى إصلاح وترشيد. ومثلما هناك موظفون كفوءون، هناك موظفون تلوثوا على مر السنوات، وعندما جئت الى الوزارة وجدت كل رغبة لدى الموظفين بالعمل الجدي والمنتج. وتمكنا في فترة وجيزة من خلق جو عمل مختلف يؤدي الى زيادة الإنتاج واحترام الوقت وانضباط العمل الإداري وتسريع تخليص معاملات المواطنين ووقف المعاملات غير القانونية التي كانت تبرز من وقت لآخر.

[ هل بعدك الجغرافي عن المقر الرئيسي للوزارة يؤثر في الإشراف على سير عملها؟

- صممت منذ اليوم الأول أن أذهب الى الوزارة بشكل يومي وبانتظام، لكن تبين مع الوقت أن هناك أخطاراً أمنية موصوفة تحيط بي وبالمحيط الجغرافي الموجودة فيه الوزارة. ونُصحت من قبل المراجع الأمنية باتخاذ الحيطة والحذر، لذلك قسمت وقتي بين مقر الوزارة وبين المكتب الفرعي في مبنى اللعازارية. هذا الأمر ليس مثالياً لحسن سير العمل، لكني على تواصل يومي وأعقد اجتماعات يومية مع مسؤولي ومديري الوزارة ورؤساء المصالح والموظفين وعلى اطلاع مباشر على كل العمل اليومي ولا أشعر أن هذا الأمر يترك أي خلل.

[ التراجع الاقتصادي خلال السنوات الثلاث الماضية أدى الى ارتفاع معدل البطالة بشكل قياسي. كيف تقاربون هذا الموضوع، وما هي العلاجات الممكنة؟

- مع أني وزير للعمل ليس بمقدوري إعطاء رقم علمي عن نسبة البطالة في لبنان، لأن الأرقام الموجودة ليست صحيحة ودون مستواها. اليوم يتحدثون عن 11 في المئة بطالة في لبنان، وترتفع هذه النسبة عند الفئة الشبابية، وأنا لا أعتقد بصحة هذا الرقم لأنه في دولة كفرنسا نسبة البطالة بلغت 11.7 في المئة، وفي إسبانيا بلغت 23 في المئة، فكيف الحال في لبنان؟ تقديري أن نسبة البطالة في لبنان تفوق الـ22 في المئة و23 في المئة، فيما النسبة لدى الشباب تفوق 33 في المئة. هذه الأرقام خطيرة وتدفعنا للنظر في هيكلية الدولة المركزية والانتقال الى اللامركزية الموسعة بكل أبعادها. وعلى الحكومة أن تبدأ باستشراف كيفية معالجة الخلل البنيوي المجتمعي وكيفية ايجاد فرص عمل جديدة في المهن التي بدأت تبرز في المجتمعات المتقدمة.

[ من الملفات الشائكة أيضاً تعثر المؤسسات الذي أدى الى موجة كبيرة من صرف العمال، ما مدى صعوبة هذا الملف، وما هي انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية؟

- لدى انعقاد لجنة المؤشر أثير موضوع الصرف التعسفي للعمال والموظفين من المؤسسات، والأخطر من ذلك أن هذا الصرف لم يُبلغ الى وزارة العمل، ونحن نتلقى شكاوى يومية بالمئات من عمال وموظفين أوقفوا عن العمل من دون إنذار مسبق ومن دون إبلاغ وزارة العمل. قد يكون سبب الصرف شرعياً لكن الطريقة غير شرعية. أنا أفهم أن تكون هناك أزمة في مؤسسة وتخفض عدد موظفيها، لكن هذا القرار من المفترض أن يحترم سلوكاً أخلاقياً وأيضاً قانون العمل من إنذار ودفع المعاشات ودفع التعويضات والضمانات. وهذا الأمر لا يحصل أحياناً لذلك تتكاثر الشكاوى.

[ مع تفاقم البطالة وازدياد أعداد المصروفين من العمل هل البلد ذاهب نحو انفجار اجتماعي؟

- قبل الحديث عن الانفجار الاجتماعي، قلت إني أتفهم وضع الشركات والمؤسسات التجارية الصناعية التي تمر بأزمة. وفي مواجهة ذلك، طرحنا حلولاً مرحلية، منها العمل المياوم على الساعة. طرحنا التعويضات لفرصة العمل الأولى، حيث أن وزارة العمل من خلال المؤسسة الوطنية للاستخدام التابعة للوزارة مع البنك الدولي ومنظمة العمل الدولية خصصنا ميزانية لبرنامج فرصة العمل الأولى بقيمة 10 مليارات ليرة، ووقعت هذا المشروع منذ 3 أيام بحيث أن أي مؤسسة تستطيع أن تستخدم شباباً بين 18 سنة و25، فالوزارة من خلال هذا المشروع تدفع لصاحب العمل 10 في المئة من المعاش وتعفيه على مدة سنة من دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي عن المستخدم وتعفيه من الضريبة على القيمة المضافة المتعلقة بالموظف الجديد. هذان التدبيران يجب أن يسهلا للشركات توفير فرص عمل للشباب والشابات، على أن تكون الوزارة العين الساهرة على المشروعين بحيث لا يصبح التعاقد مع الموظفين على الساعة هو القاعدة وألا يصبح توظيف الشباب لمدة سنة وسيلة لتغيير المستخدمين كل سنة والاستفادة من تسهيلات وتقديمات وزارة العمل.

[ هل أنت خائف من انفجار الشمال؟

- الانفجار الاجتماعي حصل عام 1975 أصبح وراءنا اليوم، ودخلنا في مرحلة المعالجات الاجتماعية والاقتصادية.

[ هل أنت مرتاح للعمل النقابي في لبنان؟

- لست مرتاحاً لأداء العمل النقابي عموماً في لبنان، وهذا لا يشمل الاتحاد العمالي تحديداً، إنما كل العمل النقابي والعمالي على الساحة اللبنانية، من المؤسف أنه كان لدي انطباع قبل أن أصبح وزيراً أن الحركات النقابية في لبنان مسيسة، لكن حين دخلت الوزارة ورأيت أسراب النقابات المؤسسة من دون وجه حق ووجود نقابات من دون نقابيين ونقابات من دون عمال وموظفين، تأكدت من تسييس الحركة النقابية في لبنان ومن تطييفها ومذهبتها. هذه أخطار كبير تسيء الى الحركة النقابية كحركة، وأنا تحدثت مع رئيس الاتحاد العمالي غسان غصن ودعوته الى ترشيد عمل الاتحاد والى التحرك النقابي. واستغرب البعض حين شجعتهم على التظاهر والتحرك لأن لا حركة نقابية من دون شارع. وسيكون هناك تعاون بين الوزارة والاتحاد العمالي ومع الاتحادات الأخرى لتوحيد العمل النقابي ومباشرة العمل الإصلاحي.

[ هل ستسحب الوزارة تراخيص من نقابات غير الشرعية؟ وهل ستعملون على إنشاء نقابات جديدة؟

- هناك تراخيص يجب أن تُسحب وبالمقابل هناك تراخيص يجب أن تُعطى، إذا اعطيتك لائحة بعدد النقابات الوهمية في لبنان فإن ذلك بحاجة لصفحات على مدى سنة لنشر الأسماء. وهذا أمر غير طبيعي، هي لا تنتمي الى طائفة واحدة بل لكل الطوائف ولكل القوى السياسية. وكل وزير يسيس العمل النقابي يقترف جريمة بحق العمال والموظفين. وأنا بقدر ما أحمي العمل النقابي بقدر ذلك أكون كتائبياً وبقدر ما أخون العمل بقدر ما أخون حزبي الذي انتدبني لهذه المهمة.

[ خلال هذه الفترة القصيرة ستعمل على هذا الملف؟

- أثناء عملي في الوزارة أكان شهراً أو شهرين، هناك نوعان من الملفات التي أتعاطى فيها، وقد بدأت أتعاطى فيها، هناك ملفات فتحتها وستُحل أثناء وجودي في الوزارة، وهناك ملفات فتحتها وقد تُحل بعد خروجي من الوزارة، ولكن مع علمي بذلك حرصت على فتحها كي يصعب في ما بعد إغلاقها.

[ ملف النازحين يضغط على كل نواحي الحياة في لبنان لا سيما العمالة اللبنانية، كيف يمكن تخفيف وطأته؟

- إن النزوح السوري يشكل خطراً على وجود لبنان ككيان وكدولة وكمجتمع وكاقتصاد وكحدود، وللمرة الأولى أشعر بالخطر على حدود لبنان الدولية. أثناء الحرب السابقة شعرت بالخطر على وحدة لبنان الداخلية، ولم أشعر بأي خطر على وحدته الدولية، اليوم أشعر بالخطر على الوحدتين معاً.

منذ تسلمت الوزارة آليت على نفسي أن أمتنع بشكل كبير عن إعطاء أذونات عمل لأي يد عاملة غير لبنانية وهذا القرار ليس وليد قناعتي فحسب، إنما تلبية لكل أطراف العمل في لبنان. كما هو مطلب لكل القوى السياسية. وفي هذا المجال لا بد من توجيه نداء، ولا أدري مدى التجاوب معه: على اللبنانيين احترام كل الوظائف وكل المهن.

[ برأيك ألا يتطلب شدة تأثير هذا الملف على اليد العاملة اللبنانية خطة طوارئ يشترك بها جميع المعنيين؟

- معالجة هذا الموضوع ليست وقفاً على وزارة العمل فحسب إنما على كل الوزارات. سأطرح هذا الموضوع في أقرب فرصة على مجلس الوزراء، لتتحمل الحكومة مجتمعة مثل هذه القرارات، لأن الموضوع ليس شخصياً يتعلق بالوزير ولا موضوعاً حصرياً بوزارة العمل، بل موضوع وطني يجب أن يتحمل كل مسؤول مسؤوليته تجاهه.

[ بالنسبة لموضوع الضمان الاجتماعي، سنبدأ من الفضيحة، ما هي آخر المعلومات؟

- هناك انتقادات على إدارة الضمان وعلى وجود فساد في بعض الدوائر. والملفات التي فتحها القضاء اللبناني أخيراً تؤكد هذه الشكوك، لا بل تزيل الشكوك وتحولها الى وقائع دامغة. أنا على تواصل دائم مع مدير عام الضمان ورئيس مجلس إدارة الضمان، وطلبت منهما أن يستفيدا من ما يُقال عن الضمان من سلبيات ليباشرا ورشة إصلاح ويتجاوبا مع الدعوات لإصلاح الضمان، ولمست تجاوباً كلياً منهما. وطلبت من إدارة الضمان أن تتجاوب مع طلبات المراجع القضائية لاستكمال التحقيقات في موضوع براءة الذمة التي زورت وأعطيت الى أصحابها بشكل أهدر ملايين الدولارت على الضمان لصالح موظفين محدودي العدد ولصالح سماسرة منتشرين في كل المناطق. إن ملف براءات الذمة ليس هو الوحيد الذي تشوبه شكوك في الضمان وأنا واثق من أن مدير الضمان سيأخذ المبادرات المناسبة في هذا الإطار، وأنا الى جانبه لأدعمه في عملية الإصلاح. كما أدعم القضاء للذهاب حتى النهاية.

[ أين أصبح التحقيق؟

- انتقل التحقيق من الدوائر الأمنية الى المراجع القضائية، والقضاء يواصل التحقيق الذي طالب بتوسيعه ليشمل موظفين آخرين أعلى رتبة من الموظف الذي ألقي القبض عليه، وهم من فئة المفتشين في الضمان، لأن هكذا فضيحة لا يمكن أن تكون حصلت على مستوى موظف إنما على مستوى أكبر.

[ هل من الممكن أن نرى مجلس إدارة جديداً للضمان في عهدك؟

- هذا موضوع له خلفيات سياسية، ونحن في لبنان يجب أن نأخذ هذه الناحية بالاعتبار ونتشاور مع المعنيين بالموضوع، ولا بد من الوصول الى حل مرضٍ. وفي هذا الإطار، لا أريد أن استبق الأمور وأدعي تحقيق المعجزات، لنمشِ بواقعية ما نحققه نعلن عنه وما نفتحه نبشر به وما نعجز عن تحقيقه نبلغ عنه.

[ ماذا عن مستحقات الضمان لدى الدولة؟

- وقعت مطلع الأسبوع على المستحقات المتوجبة على الدولة للضمان، لا سيما الجزء المتعلق بالموازنة وهي حوالى 200 مليار ليرة.

[ هناك مشاريع مطروحة أبرزها ضمان الشيخوخة، بماذا تبشر اللبنانيين في هذا الإطار؟

- هذا المشروع الأهم، ضمان الشيخوخة، لا يجوز اليوم أن يكون الذين يتقاعدون من دون أي ضمان. وقد أصررت أثناء صياغة البيان الوزاري على تضمينه بنداً يتعلق بالعمل على تحقيق مشروع ضمان الشيخوخة، وهو يشكل رأس حربة في العمل الاجتماعي لحزب الكتائب ويحظى بتأييد كل الأطراف اللبنانية.

إن جزءا من المشروع أصبح في مجلس النواب، سنعمل على تحسينه وتطويره ليصبح مؤاتياً مع المستجدات الجديدة. وقد نعقد في وقت قريب مؤتمراً صحافياً مخصصاً لهذا المشروع.

[ هناك توافق حول توفير الضمان الصحي للمضمونين بعد سن التقاعد، هل تتبنى هذا المشروع؟

- أنا أمشي بالمشروع إذا حصل هذا التوافق. قد لا يكون المشروع الأول المشروع المثالي، فلنمشِ بالمشروع لأن التعديل أسهل من إقرار المشروع بحد ذاته.

[هل تدعم المكننة في الضمان؟

- لست داعماً للمكننة، بل أنا من الداعين للمكننة، لأنها تؤدي الى أمرين: وقف الهدر ووقف الغش والفساد، وتسريع معاملات المضمونين وهناك هبة من البنك الدولي لاستكمال مكننة الضمان قيمتها حوالى 4 مليارات دولار، كانت متوقفة، سنمشي بها.

ACGEN
اجتماعيات
المستقبل
رعاية وضمان