وثيقة لضمان حقوق الفلسطينيين وسيادة لبنان

Thursday, 17 April 2014 - 12:00am

خرج الحضور من قاعة «نقابة الصحافة» أمس مسروراً. بين يديه نتاج حوار جمع الأطراف اللبنانية على اختلافها بالأطراف الفلسطينية على اختلافها، والموضوع قديم - جديد: العلاقات اللبنانية - الفلسطينية.
هذه المرّة التقوا تحت مظلّة «منتدى الحوار اللبناني - الفلسطيني» الذي أبصر النور في العام 2011، فأنتجوا وثيقة عنونوها «رؤية مشتركة للعلاقات اللبنانية - الفلسطينية 2014»، ووصفوها بالمساحة المشتركة التي التقى عندها المتحاورون «من دون أن تكون متطابقة بشكل كامل مع وجهة نظر كل عضو من الأعضاء». وقّعت عليها الأحزاب اللبنانية كما الأحزاب والأطراف السياسية الفلسطينية. وقد تشاركوا الحوار مع خبراء لبنانيين وفلسطينيين ومع لجان وهيئات محلية ودولية تعنى بالشأن الفلسطيني، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا) و«لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني».
تتضمن هذه الوثيقة، وفق المستشار الإقليمي لـ«الأسكوا» أديب نعمه، وهو مسيّر الحوار، مقدمة تشرح أن مرتكزات الرؤية تنطلق من قاعدة تجاوز الحرب والنظر إلى المستقبل، ومصدر الخطر الأساسي يتمثل في الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، وهو خطر على لبنان وفلسطين، والهدف الأساسي يبقى ضمان حقّي العودة وتقرير المصير، وذلك مع تلازم مبدأي احترام السيادة اللبنانية وحقوق الإنسان.
يُستهل نصّ الرؤية بتعريفات في شأن مفهوم التوطين وحق العودة وحق تقرير المصير وحقوق الفلسطينيين عامة. ووفق الوثيقة فقد توافق المجتمعون على التمسك بحق العودة ورفض التوطين، و«ألا يكون أي حلّ نهائي للقضية الفلسطينية على حساب حقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرّف وعلى حساب لبنان وسيادته»، مع الالتزام المشترك بتحييد الفلسطينيين في لبنان عن الاستقطاب السياسي والطائفي والمذهبي.
ومن الأمور التي وقّع عليها ممثلو الهيئات والأحزاب دعوة الدولة اللبنانية إلى توفير حقوق اللاجئين الفلسطينيين الاجتماعية والثقافية والمدنية، ومنها الحق بالعمل والضمان الاجتماعي، والحق بالتملك والتعلم والهوية القانونية، على أن تجد الدولة اللبنانية مقاربات قانونية لضمان تلك الحقوق. والأهم تأسيس وضع قانوني خاص باللاجئين الفلسطينيين وبلورة سياسة لبنانية رسمية تجاه ملف الوجود الفلسطيني في لبنان، وتطوير الهيكلية الخاصة بـ«لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني». وتحمّل الوثيقة مسؤولية حماية اللاجئين الفلسطينيين لكل من الدولة اللبنانية و«الأونروا» وللدول العربية والجامعة العربية والأمم المتحدة، من دون ان تسقط مسؤولة «منظمة التحرير الفلسطينية» والقوى الفلسطينية كافة.
وخصصت الوثيقة باباً للأمن والسلاح، أشار فيه المتحاورون إلى ضرورة إنهاء المعالجة الأمنية للوجود الفلسطيني المدني واعتماد مقاربة شاملة سياسية وحقوقية، تحفظ أمنهم وتضمن أمن لبنان، شرط عدم المقايضة بين حقوقهم ومسألة السلاح، على أن تتم معالجة مسألة السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها بناء على مقررات طاولة الحوار الوطني.
وورد في الوثيقة التأكيد على حق الفلسطينيين المقيمين بلبنان بالمشاركة في انتخاب الهيئات الدستورية وغيرها من الهيئات السياسية الفلسطينية وتسهيل هذه العملية إجرائياً في لبنان، وإقرار الشخصية الاعتبارية للجان الشعبية ومفاعيل ذلك وفق القانون اللبناني، والتعامل معها بصفتها محاوراً باسم المخيمات في الشأنين الخدماتي والمدني.
بعد إيجاد المساحات المشتركة سوف يعمل المتحاورون، وفق منسق المنتدى جابر سليمان على تطبيق ما أقر. وقد أعاد شرح ما توصل إليه المتحاورون باللغة الانكليزية للحضور، بعد ترحيب من نقيب الصحافة محمد البعلبكي الذي اعتبر أن وقاحة العدو الإسرائيلي بلغت حدّ التعدّي على المصلّين أخيراً.
حتى الساعة وعلى الأرض لم تتحسن ظروف حياة الفلسطينيين في لبنان، فما توصل إليه المتحاورون ليس الا ما يقرّ به ويطالب به الفلسطينيون منذ سنوات. لعل نقطة القوة فيه هي اجتماع الأطراف اللبنانية والفلسطينية حوله، وقد شكّل أرضية مشتركة ينطلق منها الجميع بدلا من النقاش في البديهيات والانطلاق في كل مرة من نقطة الصفر كما كانت تجري العادة، حين كانت كل جهة فلسطينية تنظّم ورشة عمل بشكل مستقل فتذهب الجهود سدى بدلا من أن تثمر وتتجمع في صوت واحد.
وتبقى الأسئلة الأهم: ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اللبنانية إزاء هذا التجمّع وهذا الحوار؟ إلى أين يمكن أن تذهب الأحزاب اللبنانية في ما خصّ حقوق الفلسطينيين؟ هل يبقى التعاطي الرسمي مع هذا الملف رهنا بالقوى الأمنية؟ وهل يمكن فعلاً أن يُستبشر خيراً من مشروع القانون الذي سيرفعه رئيس «لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني» العتيد إلى مجلس الوزراء والذي كان قد أعدّه الرئيس الحالي خلدون الشريف رامياً إلى تحويل اللجنة إلى هيئة عليا لمعالجة الشؤون الفلسطينية؟
حتى الساعة ما من أمر أكيد سوى أن لجنة الحوار الحالية سوف ترفع الوثيقة ومشروع القانون إلى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، بعيد تعيينه الرئيس الجديد المتوقع في غضون أيام.

لبنان
ACGEN
السغير
حقوق الفلسطينيين
رعاية وضمان