Friday, 9 May 2014 - 12:00am
«المعوق الفلسطيني في لبنان يواجه تمييزاً، ولا يتمتع بأي حق مدني». كما يقول الشاب ط.غ. من مواليد العام 1994، لديه إعاقة حركية، ويعيش في أحد المخيمات الفلسطينية. يضيف: «كنت أتعلم في مؤسسة خاصة بالمعوقين، وعندما أنهيت الصف الخامس توجهت إلى الأونروا لأكمل تعليمي، فلم أُقبل، لأن مدارس الأونروا غير مجهزة لاستقبالي. نصحوني بأن أبحث عن معهد فني». هل سيجد معهداً فنياً يحترم حاجاته الإضافية؟
يرفع العشريني شكواه إلى «مرصد حقوق المعوقين»، وهو مشروع أطلقه «اتحاد المقعدين اللبنانيين» بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية للوقوف على الانتهاكات، ومحاولة معالجتها عبر تقارير تدعم الملفات المرفوعة إلى الوزارات. لكن حتى مع استصدار المراسيم التطبيقية للقانون 220/2000 الخاص بحقوق المعوقين، لا يعني ذلك أن المعوقين الفلسطينيين سيحظون بأي حقوق نص عليها. فهم لاجئون لا يشملهم القانون المحلي، على الرغم من ان مبادئ حقوق الإنسان لها الأسبقية على القوانين الوضعية.
وكذلك لا يشملهم القانون الفلسطيني 4/1999 الخاص بحقوق المعوقين. وفوق القانونين اللبناني والفلسطيني، أتت «اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة» التي صادقت فلسطين عليها في 2 نيسان الماضي، إلا أنها ما زالت تنتظر مصادقة البرلمان اللبناني. فهل تعِد الاتفاقية، في حال المصادقة عليها، بحلول للواقع المزري الذي يعيشه أكثر خمسة آلاف معوق فلسطيني في لبنان؟
يحاول ناشطون في «جمعية مساواة» و«هيئة الإعاقة الفلسطينية» و«تحالف حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة»، مقاربة تلك الإشكالية، عبر حلقة نقاش في بيروت اليوم، بعنوان «الاتفاقية والواقع الفلسطيني في لبنان»، يديرها المدير التنفيذي لـ«شبكة المنظمات العربية للتنمية» زياد عبد الصمد. يلفت عبد الصمد إلى أن «قضية الفلسطينيين تعتبر من أكثر القضايا تعقيداً وإثارة للجدل والخلاف، فالحجم والنوع الديموغرافي للاجئين وتأثيره على التوازنات يجعل منه قضية شائكة ومعقدة». ويشير إلى أن للفلسطينيين «التمتع بحقوق الإنسان المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية الموقعة، من بينها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق الفئوية الأخرى كحقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة». ويرى أن «تكليف المجتمع الدولي الأونروا لا يعفي لبنان من مسؤولية العمل على تأمين تلك الحقوق بشتى الوسائل الممكنة».
ويرى عبد الصمد أن انضمام فلسطين إلى الاتفاقيات الدولية «من شأنه أن يحسن الأوضاع العامة لشعبها، لا سيما في ما يتعلق باتفاقيات جنيف واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة». إلا أن حقوق الفلسطينيين في لبنان «مرتبطة بالتزامات الدولة اللبنانية وتطبيقها على كل إنسان يقيم على أراضيها».
إلى ذلك، تظهر دراسة لـ«اتحاد المقعدين اللبنانيين»، تصدر قريباً، وتحمل عنوان «الأشخاص المعوقون وسوق العمل في لبنان - دراسة استقصائية اجتماعية»، أبرز المشكلات لدى المعوقين اللبنانيين والفلسطينيين في البقاع والجنوب. وشملت العينة 245 معوقاً فلسطينياً، و48 شخصاً من أصحاب العمل الفلسطينيين، لرصد معايير التوظيف لديهم، إضافة إلى ظروف العمل وبيئته.
وأظهرت الدراسة معاناة في التعليم وأعبائه، وعدم تكيف المؤسسات التعليمية مع أوضاع الأشخاص المعوقين وحاجاتهم، بالإضافة إلى مستويات ضعيفة جداً في التعليم وتسرب مدرسي مقلق. ولحظت الدراسة نقصاً حاداً في الأجهزة والآلات المساعدة، إلى جانب تهميش أكبر للإناث في التعليم. وانطلقت من واقع التعليم إلى سوق العمل فلحظت تهميش العاملين المعوقين، وبطالة مرتفعة، وأجوراً متدنية، وحرماناً من التقديمات الاجتماعية، ونقصاً فادحاً في المهارات، وشبه غياب في التأهيــل والتدريب. ذلك بالإضافة إلى ضعف في سوق العمل المناطقية وفي أوضاع العمل في المؤسسات. وتبقى نيات التشغيل مرهونة بتوافر المهارات.
وتضع «المراجعة الدورية بشأن امتثال لبنان للالتزامات المتعلقة بحقوق الأشخاص المعوقين» المرفوعة إلى «مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان» الإصبع على الجرح، في ما يتعلق بالمعوقين الفلسطينيين. ففي التعليم، ينحصر حقهم بالاعتماد على مدارس «الأونروا» باعتبارهم أجانب، وهي لا تتمكن من تطبيق الدمج التربوي لا من حيث المنهاج، أو تعامل الجسم التعليمي مع الاحتياجات، أو البيئة المكانية، مع ملاحظة أن تلك المدارس مستأجرة، ومعظمها لم يبن كمدرسة. وفي العمل، يحرمون بموجب قرارات وزارية وقوانين صارمة ومشددة من معظم الوظائف، ومن الحصول على فرص عمل، ما يزيد عبء الإعاقة. كما يحرمون من حق التملك، فيما يعيشون ظروفاً مزرية داخلها ينعدم فيها التجهيز الهندسي.
وبما أن المهام الحالية لـ«الأونروا» تقتصر على توفير الخدمات الأساسية، ولا تتضمن العمل على تحسين الظروف الحياتية على المدى البعيد، بما في ذلك السعي إلى توفير الحقوق الأساسية كالعمل اللائق والسكن اللائق والبيئة النظيفة وعلى المدى البعيد بمعزل عن التدخلات البرنامجية القصيرة المدة والمحدودة الأثر. يلحظ عبد الصمد أن الوكالة «تعاني حالياً من شحّ بالموارد وتقليص أعمالها خارج نطاق الدولة الفلسطينية، ما ينعكس سلباً على دورها وعلى نوعية الخدمات التي توفرها للاجئين وخاصة للاجئين ذوي اللإعاقة». ويترافق ذلك مع تردي الأوضاع الأمنية والسياسية في عدد من المخيمات الفلسطينية وخارجها.
ويلفت عبد الصمد إلى أن لبنان حين يستكمل عملية الانضمام إلى الاتفاقية، يجب أن تشمل مفاعيلها اللاجئين الفلسطينيين، كونهم مقيمين على أراضيه، «كما يفترض أن يشمل القانون 220/2000 المعوقين الفلسطينيين، بعد استصدار المراسيم التطبيقة الأســـاسية، بالإضافة إلى مسؤولية المجتمع الدولي ممثلا بالأونروا بتوفير متطلبات العيش الكريم للاجئين».
لبنان
ACGEN
السغير
حقوق الفلسطينيين