«كوميديا سوداء».. تنتهي بإسقاط «السلسلة»

Thursday, 15 May 2014 - 1:05pm

مشهد محزن رافق الجلسة التشريعية المخصصة لدرس «سلسلة الرتب والرواتب». أوحى النواب أنهم يضحّون ويجهدون في سبيل إيصال الحق لأصحابه، إلا أنهم كانوا على يقين من أن النهاية السعيدة للمشروع الذي طال انتظاره لن تأتي. مع ذلك، لعب كل منهم دوره حتى النهاية. ناقشوا في ما يلزم وما لا يلزم حتى قبيل منتصف الليل.. تعبوا وتثاءبوا ولكنهم أصروا على البقاء لأن حقوق الناس أولوية. وحده القدر لم يسعفهم في الوصول إلى هدفهم. أثناء انكبابهم على العمل فوجئوا أنهم صاروا على أبواب مهلة العشرة أيام، حيث يتحول فيها المجلس إلى هيئة انتخابية. قبل ذلك، كانوا قد تركوا، عن سابق تصور وتصميم، كل المساحة الزمنية التي كانت أمامهم خلال السنوات والأشهر والأسابيع الماضية وحشروا أنفسهم في زاوية الساعات الأخيرة للتشريع، فلم يسعفهم الوقت. ولأن لا أحد مستعد لتحمل تبعات تطيير النصاب، تنافست كل الكتل على البقاء، حتى خرج من يعلن اقتراب إقفال الستارة بالقول «لا نصاب في القاعة». لم يُعرف فعلاً ما إذا كان النصاب قد فقد أم لا، إلا أن ذلك لم يكن ليغير شيئاً في الواقع، إذ إن الجلسة ما كانت لتبقى دقيقة واحدة بعد الثانية عشرة.
هي على الأرجح الجلسة الأطول في زمن المجلس الحالي، إلا أن الساعات التسع لن تغير شيئاً في حقيقة أن ثمة خديعة تعرض لها الموظفون.
قبل الخوض في مجريات الجلسة لا بد من سؤال: ماذا كانت الغاية الفعلية من تأجيل مناقشة «السلسلة» عندما طرحت على الهيئة العامة منذ نحو شهر؟ من تابع جلسة أمس كان مقتنعاً أن الهدف الأوحد كان تطيير «السلسلة»، خاصة بعد أن تبين أن ما أنجزته اللجنة كان أقرب إلى «الكوميديا السوداء». توزعت انجازاتها بين بنود بلا قيمة وبنود مشابهة للبنود التي أقرت في اللجان المشتركة وبنود تبين أنها أسوأ من تلك التي أقرتها اللجان، والتي تمت العودة إليها. هذا السياق، جعل النائب ابراهيم كنعان يحصل على شهادة المجلس بأن مشروع اللجان التي ترأسها كان الأفضل، بعدما كاد يكون ضحية الاتفاق بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» .
مع اختراع اللجنة تأجلت الجلسة شهراً، ومع تأجيل الجلسة إلى 27 الحالي تكون «السلسلة» قد دخلت في نفق المجهول، حيث صار معلوماً سلفاً أن النصاب لن يؤمن، لرفض الكتل المسيحية التشريع في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية.
انقسم المشهد أمس بين نواب يتفيأون قبة البرلمان ويوزعون الحسنات وأناس قرروا أن يستظلوا السماء مطالبين بحقوق سلبت منهم أكثر من 15 عاماً. لا جدال في أن كثراً من النواب تحسسوا المسؤولية ولكن الأكيد أن كثراً منهم أيضاً لديهم أولويات لا تقارب أولويات الناس أبداً. هؤلاء يصفون المعتصمين بأسوأ النعوت ولا يكترثون إلا بلعب دور حامي مكتسبات الأغنياء من النظام. ذلك الانقسام بدا واضحاً في الجلسة. الكل كان متوتراً، حتى رئيس مجلس النواب نبيه بري. كيف لا يكون التوتر والأصوات الهادرة التي وصلت إلى مسامع النواب جعلت الجميع يتحسس الخطر القادم إذا لم تقر «السلسلة»، من دون أن يعني ذلك تغييراً بما قد كتب.
تجنب بري الخوض في المادة المتعلقة بزيادة الضريبة على القيمة المضافة، مفضلاً تركها حتى النهاية، كما لم يصوت على البند المتعلق بزيادة الضريبة على التبغ بالرغم من أنه أُشبع درساً. بند الغرامات على الأملاك البحرية كانت حصته نحو ثلاث ساعات من النقاش إلا أن النتيجة كانت تعليقه. حتى وزير المالية لم يستطع أن يكتشف «القطبة المخفية» التي ما تزال تحرر هذه الأملاك من قبضة القانون. كلما طُرحت مسألة الغرامات على هذه الأملاك تُبنى أمامها سواتر شاهقة من الحمايات السياسية والطائفية التي تبعد عنها يد الدولة المتهالكة.
وبعد أن بت المجلس معظم مواد مشروع الإيرادات إقراراً أو إلغاءً لم يعد بري إلى المواد العالقة، إنما فضّل الانتقال إلى المشروع المتعلق بنفقات «السلسلة». أهم بند في المشروع لم يُثَر. البند الثاني، الذي يحدد الزيادات، وضع على الرف أيضاً، فاستهلك الوقت بمواد ثانوية، أعطاها الرئيس فؤاد السنيورة الأولوية، معتبراً أنها الأهم، كزيادة الدوام ثلاث ساعات أو تخفيض العطلة القضائية إلى شهر..
بري بدا أكثر براغماتية من «حزب الله». الطرفان كانا قد تعرضا لـ«الخديعة» نفسها، إلا أن رئيس المجلس دخل إلى الجلسة بنية المواجهة مع ما أقرته اللجنة سعياً إلى تعديله فيما دخل «حزب الله» متمسكاً بموقف مبدئي رافض لكل ما أقرته «اللجنة الانقلابية» كما وصفها النائب علي فياض في مداخلته الأولى، مطالباً بالعودة إلى مشروع اللجان المشتركة. اعتراض «حزب الله» وصل إلى حد إعلان النائب علي عمار انسحابه من الجلسة اعتراضاً على «المذبحة» التي يتعرض لها الموظفون. حصلت المذبحة.. لكن عمّار عاد إلى الجلسة إرضاءً لبري.

لبنان
ACGEN
اجتماعيات
السغير
حقوق