مستشفى بيروت الحكومي يبتز الجامعة اللـبنانية

Tuesday, 23 September 2014 - 12:56pm
أطباء الجامعة اللبنانية المتمرنون في مستشفى بيروت الحكومي ينفذون اليوم اعتصاما داخل المستشفى، احتجاجا على عدم تسديد مستحقاتهم منذ تموز الماضي. هذا التحرّك ضد ادارة المستشفى كشف عن ضغوط كبيرة تُمارس على الجامعة الللبنانية من اجل زيادة مساهمتها المالية في المستشفى، وتقليل اعداد المتمرنين من طلابها لافساح المجال امام طلاب الجامعات الخاصة

لم يكن ينقص الجامعة اللبنانية الا أن تسهم مؤسسة عامة أخرى في ضربها. منذ تموز الماضي، تمتنع ادارة مستشفى رفيق الحريري الجامعي (مستشفى بيروت الحكومي) عن دفع المستحقات المالية لطلاب السنة السادسة والسابعة في كلية الطب، الذين يتدربون في المستشفى. وهي خيّرت هؤلاء الطلاب بين الرحيل أو العمل بالسخرة، على الرغم من أن مساهمة الجامعة المالية لمصلحة المستشفى تغطي هذه المستحقات.

توقف الطلاب عن العمل في المستشفى في العاشر من الشهر الحالي، بعدما ملّوا الانتظار ووعود ادارة الجامعة بحلحلة الأزمة، ولا سيما بعد تلقيهم سابقا اجابة صريحة من القيّمين على المستشفى: «انتو جايين تتعلموا ونحنا قادرين دغري نستغني عنكن».
دخل الطلاب الى المستشفى في تموز بصفة أطباء متمرنين، ومنذ اليوم الأول لبدء الفترة التدريبية شرحت لهم ادارة المستشفى «ما لهم وما عليهم». طُلب حينها من كل طالب أن يفتح حسابا مصرفيا في بنك البحر المتوسط الذي تتعامل معه ادارة المستشفى. والهدف من الحساب تحويل المخصصات المالية لكل طبيب متمرن اليه، لكن، في 15 تموز، تسربت المعلومات عن نية ادارة المستشفى عدم دفع أي بدلات للاطباء المتمرنين، راجع الطلاب إدارة كلية الطب، التي أصرت على نفي هذه المعلومات.
مع انتهاء شهر تموز، قبض جميع الموظفين وأطباء المستشفى رواتبهم، باستثناء الاطباء المتمرنين. وقالت ادارة المستشفى لهم إنهم هنا للتعلم فقط ولا تستحقون أي مخصصات مالية، وردا على استفساراتهم، ابلغتهم انها «تستطيع الاستغناء عن خدماتكم اذا ما معاجبكن، في غيركن طلاب كتير».

الضغط لزيادة المساهمة
ما سبب هذا التعامل من قبل ادارة المستشفى مع طلاب الجامعة اللبنانية؟ أشارت مصادر مطلعة لـ»الأخبار» إلى أن أحد الأهداف هو الضغط على الجامعة اللبنانية من اجل رفع مساهمتها المالية في المستشفى، وهذا ما تحقق فعلا، اذ رفعت ادارة الجامعة مساهمتها بمبلغ مليار ليرة، تضاف إلى مبلغ 300 مليون ليرة، كانت تساهم به كلية الطب في السنوات السابقة، لكن الجامعة اللبنانية اشترطت حصولها على تعهد من ادارة المستشفى بدفع المستحقات مع مفعول رجعي عن الأشهر السابقة كي تحوّل المساهمة الاضافية.
ادارة المستشفى «وعدت خيرا» عميد كلية الطب بيار يارد، لكن مجلس ادارة المستشفى لم يكن «يريد الخير» للجامعة اللبنانية وطلابها. يرى وليد عمار، المدير العام لوزارة الصحة ومفوض الحكومة في مستشفى بيروت الحكومي، في اتصال مع «الأخبار»، أنه لا شيء يلزم المستشفى دفع هذه المبالغ، «فهني جايين يتعلموا»، ويقول إن رئيس الجامعة اللبنانية وعميد كلية الطب تبلغا منذ أشهر، بحضور وزير الصحة، قرار مجلس الادارة الجديد عدم تسديد اي مستحقات لطلاب الجامعة اللبنانية المتمرنين، «اذا كانت الجامعة مصرة تدفعلن، فلتدفع منها».
ادارة المستشفى ارادت الحصول على مساهمة قيمتها 4 مليارات ليرة
وأضاف متهكما: «الطالب بالجامعة الخاصة بيدفع اللي فوقه واللي تحته حتى يتعلم وبيجي بيتدرّب ببلاش، بدو يجي طالب الجامعة اللبنانية اللي ما بيدفع قسط وبيتعلم ببلاش، وبدنا ندفعله مصاري كمان!».
بحسب عمار، يريد المستشفى ان يدفع من مساهمة الجامعة أجور الأطباء (طلاب التخصص بعد السنة السابعة) الآتين من كلية الطب في الجامعة اللبنانية، وأن يستثني طلاب السنتين السادسة والسابعة. علما ان طلاب التخصص يمارسون مهنة الطب كأي طبيب في المستشفى، وبالتالي فان اجورهم تقع على عاتق المستشفى نفسه، فيما طلاب السنتين السادسة والسابعة يداومون دواما عاديا ويتقاضون مخصصاتهم من مساهمة الجامعة نفسها.

السعي وراء الجامعات الخاصة
تشير مصادر من داخل المستشفى لـ»الأخبار»، إلى أن ادارة المستشفى ارادت الحصول على مساهمة قيمتها 4 مليارات ليرة، «تغطي عبرها» الضائقة المالية التي تمر بها، علما أن بدل أتعاب الطلاب (83 طالبا) يصل الى 730 مليون، تمثل 60 % من قيمة المساهمة المطروحة من قبل الجامعة (مليار و300 مليون ليرة)، ويتبقى 40 % أي حوالى 570 مليون ليرة تستطيع ادارة المستشفى التصرف بها كما تشاء، وهناك تخوّف من كون المبالغ الاضافية «مطرح هدر جديد». هذه الوقائع عززت اعتقادا شائعا في اوساط العاملين في المستشفى والجامعة عن وجود نيّات لاستبدال طلاب الجامعة اللبنانية بطلاب الجامعة اللبنانية الأميركية. فالاخيرة تبحث عن مستشفى تتعاقد معه لتمرين طلابها، كذلك تضغط الجامعة العربية لزيادة أعداد طلابها المتمرنين في المستشفى نفسه. ولا يمكن أن يجري تحقيق كل هذه المصالح، الا عبر ازدراء الفئات «الأضعف» والتعاطي المهين مع طلاب الجامعة اللبنانية.
منذ تأسيس مستشفى بيروت الحكومي، قيل انه مستشفى جامعي مخصص للجامعة اللبنانية، ولكنه بات يستقبل طلابا من جامعات أخرى خاصة. وبقي يستقبل طلاب السنة السادسة والسابعة في كلية الطب. هؤلاء الأطباء المتمرنون يتقاضون 700 ألف ليرة شهريا في السنة السادسة، و800 ألف ليرة في السنة السابعة، ويعد هذا المبلغ بدل تعويض عن الوقت الذي يعطيه الطالب للمستشفى بتعبئة الملفات والمناوبات الليلية.

الاطباء- الطلاب الذين يعتصمون عند العاشرة من صباح اليوم داخل المستشفى، يعتمدون على هذا البدل المالي، ليدفعوا بدل تنقلاتهم وأجور السكن في العاصمة، فتفرغهم للعمل ثماني ساعات يوميا، اضافة الى المناوبة الليلية مرتين في الأسبوع، لا يسمحان لهم بممارسة أي أعمال اخرى تدر عليهم مصروفا يعينهم حتى انهاء دراستهم. أما ادارة المستشفى، فبدل مكافأتهم على ما ينجزون لها من أعمال، تمتنع عن دفع مستحقاتهم، وتحرمهم وجبات الغذاء التي كانت تقدم إليهم مرة في اليوم.

لبنان ACGEN اجتماعيات استشفاء الأخبار