من الـVIP الى سوليدير مروراً بالدالية: انتهاك لحقوق المواطن/ة في الاملاك العامة والمطلوب قانون للحماية

srw-45.jpg

في ظل غياب قانون رسمي يحمي الاملاك العامة في لبنان، التي من المفترض ان يعود حق استخدامها لجميع المواطنين/ات من دون تمييز، تستمر الفوضى واستباحة تلك الاملاك من قبل تحالف المصالح الاقتصادية والسياسيين، والفئة الاخيرة مؤتمنة بالمبدأ للمحافظة عليها وحماية حقوق المواطنين/ات.
لقد وصف القرار رقم 144 الصادر بتاريخ 10 حزيران 1925 الاملاك العمومية "بانها جميع الاشياء المعدة بسبب طبيعتها لاستعمال الجميع او لاستعمال مصلحة عمومية، وهي لا تباع ولا تكتسب ملكيتها بمرور الزمن". وبموجب أحكام القرار نفسه، "يمكن للدولة أن ترخص على أملاكها العمومية بصفة موقتة، قابلة للإلغاء ومقابل بدل،...، وتُمنح إجازات الإشغال الموقت لسنة واحدة ويمكن تجديدها بالرضى الضمني، .... وبشرط المحافظة على حقوق الآخرين". ولكن وعلى الرغم من وجود قانون يلحظ تلك الاملاك ونظام اشغالها، الا انه لا يتضمن اي بنود لحمايتها او لترشيد استخدامها، لذا نرى تلاعباً على القوانين على كافة المستويات الرسمية، فيتم استغلال الاملاك العامة برسوم زهيدة، وتحويلها الى املاك خاصة.
التعديات على الاملاك الرسمية والعامة، ليست بظاهرة حديثة، بل برزت مع بداية الحرب الاهلية اللبنانية، ولا زالت مستمرة حتى الان وان ضمن اطر وصيغات مختلفة. في ذروة الحرب، وفي ظل سيطرة الميليشيات وغياب سلطة الدولة، قامت قوى الامر الواقع بوضع يدها على أملاك المواطنين/ات وكذلك على املاك الدولة العامة، فاحتُلت المباني والشقق الخاصة، وكذلك المرافق العامة، واقيمت الابنية غير الشرعية على حدود مطار بيروت الدولي، مروراً باحتلال اراضي سكك الحديد، ووضع اليد على المشاعات. ونتيجة للفوضى التي سادت، امتدت الاعتداءات وعمت، حتى بات الكثير من الافراد ايضاً يشتركون في استغلال الاماكن العامة كالارصفة، لجهة اقامة مقاهي ومحلات او لحجز مواقف للسيارات، وصولا الى بروز ظاهرة الـValet parking لركن سيارات الزبائن.
وفيما ظن البعض ان عصر الفوضى انتهى مع حلّ الميليشيات، والبدء في ضبط المخالفات على الأملاك العامة والخاصة، لكن، بعكس ذلك، استمرت التعديات وان باشكال جديدة، وبقوننة من الجهات الرسمية. امثلة التعديات على الاملاك الخاصة والعامة كثيرة، نذكر كيف تم وضع اليد على منطقة وسط بيروت لصالح سوليدير بعد انتهاء الحرب، وتقديم التعويضات من وزارة المهجرين من اجل اخلاء بعض الاملاك الخاصة، فيما لم يقبض مهجرون اخرون تعويضاتهم حتى الان، وصولا الى التعدي على ميناء الدالية -الروشة وارغام القاطنين/ات على إخلائها لصالح شركة عقارية. وفي محاولة لجذب الانتباه الى بعض تلك الانتهاكات لحقوق المواطن/ة، برزت في الفترة الاخيرة بعض الهيئات المدنية المستنكرة منها (جمعية نحن- حركة "مشاع"، "هذا البحر لي"، حملة فتح "حرج بيروت"، الحملة الأهلية للحفاظ على الدالية)، فسلطت الضوء من خلال تحركها الى قضية حرش بيروت وحرمان بلدية بيروت المواطنين/ات منه، وكذلك تعاطي بلدية بيروت بقضية عقار «الدالية- الروشة» وشاطىء الرملة البيضاء. لكن على الرغم من كل تلك التعديات، بقيت اكثرية المواطنين/ات غير مكترثة ربما بسبب جملة من الاسباب الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية المعقدة، بحيث لا يرى المواطن/ة ان تلك القضايا تمسه بشكل حيوي. والجدير ذكره ايضاً، انه على الرغم من كل الجهود المبذولة، لم ولن تتمكن اي حملة من تلك الحملات المدنية من الوقوف امام السلطة السياسية التي تتمتع بدعم قوي من سلطة المال.
وفي الختام، لا بد من التأكيد مرة اخرى ان دولة القانون والمواطنة وحدها يمكنها حماية الملك العام وحقوق المواطنين/ات كافة، بحيث يتم سوق المتعدين الى القضاء وتغريمهم/ن لمصلحة خزينة الدولة والمواطن/ة. لكن بالطبع ذلك لن يستقيم في ظل التحالف الحالي "المقدس" بين رجال السياسة المال.