ضعف التسجيل في المدرسة الرسمية: بداية متعثرة

Friday, 10 October 2014 - 12:00am

نسبة التسجيل المنخفضة في بعض المدارس الابتدائية والمتوسطة استنفرت بعض المديرين هذا العام، رغم أنّ المدرسة الرسمية ليست خياراً أول للعائلات اللبنانية منذ وقت طويل وأن كثافة تسجيل النازحين السوريين في السنوات الثلاث الأخيرة ليست مقياساً للإقبال. بين الأمس واليوم، تغيّر مفهوم الدولة وصار متماهياً كثيراً مع "نظام السوق"، فقد تم إخضاع قطاع التعليم برمّته لمصالح مالية وحزبية

الإقبال الضعيف نسبياً على المدرسة الابتدائية والمتوسطة ليس أمراً مستجداً، بل يعود إلى سنوات ما بعد الحرب. منذ ذلك الحين، انخفض الإنفاق على التعليم الرسمي وأقفلت دور المعلمين وانتشرت المدارس المجانية بدعم من الدولة وغابت مرحلة الروضات وانهار التعليم في المرحلة الأساسية تحديداً.

لكن يبدو أنّه أمكن هذا العام ملاحظة تراجع أعداد المسجلين في بعض المدارس، وصولاًً إلى تسجيل معدوم في بعضها الآخر، بعد صدور تعميم عن وزير التربية يحصر أعمال التسجيل باللبنانيين وغير اللبنانيين الذين تابعوا الدراسة غير النظامية في المدارس اللبنانية منذ أكثر من 3 سنوات أو المولودين من أم لبنانية فقط، وخصوصاً أن ذلك يأتي بعد ثلاث سنوات غصت فيها المدارس بالتلامذة السوريين الذين بلغ عددهم العام الماضي نحو 70 ألف طالب في دوام ما قبل الظهر فقط، فيما سقف الاستيعاب لا يتجاوز 30 ألفاً. أوساط وزارة التربية تؤكد أن التسجيل طبيعي هذا العام وأن هناك تفاوتاً بين مدرسة وأخرى، وقد برز النقص فقط في مرحلة الروضات، إذ أقفلت بعض الشعب بسبب عدم استقبال التلامذة السوريين في هذه المرحلة، كذلك برزت المشكلة نفسها في التاسع أساسي (بريفيه) بسبب الإفادات.

لم يتسجّل في مدرسة في الضنية سوى 140 تلميذاً من أصل 293
غياب التلامذة عن صفوفهم أو تأخر التحاقهم بها أكثر من شهر بات مشهداً مألوفاً في غالبية مدارس الشمال. ففي إحدى مدارس الضنية، لم يتسجل أكثر من 140 تلميذاً من أصل 293 تلميذاً كانوا مسجلين فيها العام الماضي، علماً بأنّ مهلة التسجيل تنتهي اليوم. في المقابل، سجّلت إحدى المدارس الخاصة القريبة 400 تلميذ وبدأت عامها في 13 أيلول. أما في المدرسة الرسمية، فقد بدأ العام الدراسي افتراضياً في 22 أيلول، إلا أنه لا يزال فعلياً متعثراً. أسباب كثيرة يسوقها المديرون؛ لعل أبرزها أنّ الأهالي اعتادوا في السنوات الأخيرة أن تتولى جهة ما دفع رسوم التسجيل عنهم، التي تبلغ 90 ألف ليرة في المرحلة الابتدائية و110 آلاف ليرة للمرحلة المتوسطة، سواء كانت خارجية مثل المملكة العربية السعودية، أو داخلية مثل بعض السياسيين ورجال الأعمال الذين قد يتبرعون بتسجيل بعض التلامذة على نفقتهم. أو قد يكون السبب وجود نظرة خاطئة لدى الأهالي عن عدم جدية الأيام الأولى من العام الدراسي أو ربما قد يكون السبب انشغال هؤلاء بمساعدة أهاليهم في جني محاصيلهم الزراعية، وخصوصاً في المناطق الجردية حيث بدأ قبل أيام قطاف موسم التفاح.
في قرى وبلدات بنت جبيل الجنوبية، يشي تراجع أعداد تلامذة المدرسة الرسمية الابتدائية، المتنامي عاماً بعد عام، رغم الأوضاع الاقتصادية السيئة للأهالي بالتمادي في الاسترخاء والإهمال، وترك الأمور كما هي، من دون أي رقابة أو تدخل، كما يقول مدير إحدى مدارس بنت جبيل. اللافت ما يثيره أحد أولياء الأمور لجهة «ترهل الكادر التعليمي في معظم المدارس الابتدائية، الذين باتوا من الجيل القديم، الذي لا يستطيع المبادرة والتجديد». ويتوافق كثيرون على أن سمعة ومواصفات مدير أو مديرة المدرسة تؤثر بشكل مباشر في الأهالي الذين يبحثون عن الانضباط والمستوى التعليمي العالي، حتى لو كانت المدرسة بعيدة عن مكان السكن. يضاف إلى ذلك تأخر الوزارة عند بداية كل عام دراسي في إنجاز توزيع الأساتذة المتعاقدين، وسد الشغور يشكل سبباً إضافياً يدفع بالأهالي إلى عدم إهدار وقت أبنائهم وتضييع الحصص التعليمية بانتظار تعيين الأساتذة.
أما في البقاع، فيجمع معظم مديري المدارس الرسمية على أن انطلاقة العام الدراسي طبيعية حتى الآن، في انتظار القرارات المتعلقة بتسجيل التلامذة السوريين والتي رأوا أنها «قاسية بعض الشيء، وأن المدارس تتهيب لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور».
لا ينفي مدير متوسطة رسمية تقاعس الأهل في تسجيل أبنائهم، مبدياً تفهّمه لغياب السيولة المالية لديهم، فـ«المتطلبات هنا كثيرة من مونة ومحروقات ومدارس». ويكشف أن التسجيل يبقى مستمراً، حتى لو انتهت المهلة المعطاة من وزارة التربية. بالنسبة إليه، المشكلة الأساسية أن المدرسة الرسمية تشهد «تآكلاً» في الحلقتين الأولى والثانية، ومعظم المدارس تسعى إلى الدمج بين صفوف الأول والثاني، أو الثالث والرابع، في حين أن الروضات تركت للتعاقد بعيداً عن أساتذة الاختصاص. بعض الأهالي هنا لا يخفون عتبهم على المدرسين، الذين يعلمون في المدارس الرسمية، ويسجلون أبناءهم في المدارس الخاصة.
الضيق الاقتصادي لمعظم العائلات العكارية أدى إلى تدني نسب الإقبال على التسجيل. ففي مدرسة وادي الجاموس، تسجل 300 تلميذ من أصل 500 حتى الساعة. أما في مدرسة الكويخات الرسمية، فإن عدد التلامذة لم يتجاوز 22 تلميذاً حتى الآن. معظم أهالي الكويخات مزارعون، والمواسم كانت سيئة جداً هذا العام. إلا أن عدداً من الإدارات بحثت عن سبل لمساعدة الأهالي، وإنقاذ التلامذة من حالات التسرب القسرية. فمعظم الذين سجلوا أبناءهم باكراً كانوا قد حصلوا على مساعدات من وزارة الشؤون الاجتماعية، أما الذين يعانون من أوضاع مادية صعبة فتراعيهم الإدارة، بإعفائهم من الرسوم. وفي حين تجهد معظم المدارس الرسمية لرفع حجم الإقبال، تعاني المدارس الخاصة في عكار من تخمة في أعداد المسجلين. ففي مدرسة المطرانية التي انطلق عامها الدراسي منذ نحو أسبوعين، فاق عدد التلامذة المسجلين لديها هذا العام 20% العدد المسجل لديها في العام الماضي.
(شارك في التقرير: عبد الكافي الصمد، آمال خليل، داني الأمين، رامح حمية، أسامة القادري وساندي الحايك)
في مراجعة للنشرة الإحصائية الأخيرة للمركز التربوي للعام الدراسي 2012 ــ 2013، بلغ عدد التلامذة في تلك السنة 975 ألفاً و695 تلميذاً توزعوا على قطاعات ومراحل التعليم قبل الجامعي. ففي مرحلة الروضات والمرحلة الابتدائية: كانت حصة المدارس الرسمية 17.6% مقابل 33.3% للخاص غير المجاني. وفي المرحلة المتوسطة، كانت حصة الرسمي 7.4% والخاص غير المجاني 13%. تقترب النسبة في المرحلة الثانوية: رسمي: 5.7% وخاص غير مجاني: 6.6%. ويبرز التحاق التلامذة بالمدارس المجانية في مرحلتي الروضات والتعليم الأساسي، إذ تبلغ 12.6% مقابل 17.6% في المدارس الرسمية.

لبنان
ACGEN
الأخبار
تربية وتعليم